تحت عنوان العاصمة الإدارية الجديدة لمصر حقيقية أم سراب،" كتبت صحيفة "الفايناشيال تايمز" البريطانية تقريرعن مدى جدوى إنشاء عاصمة إدارية جديدة لمصر في الصحراء والتحديات التي تواجه هذا المشروع على الأرض. وإلي نص التقرير قالت الصحيفة إن عاصمة مصر مدينة " القاهرة" يعود تاريخ بنائها إلى أكثر من 1000 عام ومرت عليها كافة العصور السابقة وكذلك النمط الحياتي والطراز المعماري لهذه العصور، مشيرةً إلي انه رغم تاريخ هذه المدينة إلا أنه لا يسيطيع أن يعيش أحد فيها حيث يقدر عدد سكانها 19 مليون نسمة و شوارعها أصبحت محفوفة بالصعاب والتحديات. وأوضحت الصحيفة أن السلطات المصرية تتطلع لبناء عاصمة جديدة في منطقة تبعد 45 كيلومترا عن العاصمة المصرية الحالية، مشيرةً إلي أنه تم الإعلان عنها خلال إنعقاد المؤتمر الاقتصادي بمدينة شرم الشيخ بحضور كوكبة من رؤساء وأمراء الدول العربية والأجنبية. ونقلت الصحيفة ما قاله مصطفى مدبولي وزير الإسكان حينما كان يصف خطة الحكومة، " سيتم إنجاز كل شيء وفق " أفضل المعايير." وأشارت الصحيفة إلي أن المدينة الجديدة سوف تحتوي على " أكبر حديقة في العالم" و 25 منطقة سكنية ومطار دولي جديد ومتنزه يزيد حجمه عن ديزني لاند بمقدار 4 مرات. ورأت الصحيفة أن الخطط الخاصة بالعاصمة الجديدة تبدو طموحة جدا إلى حد دفع العديد من المراقبين إلى التشكك في جدواها وإمكانية تنفيذها على أرض الواقع. وذكرت الصحيفة ماقاله بعض الساخرين :"أن مشروع العاصمة الإدارية الجديدة برمته هو " حيلة دعائية" هدفها نشر حالة من التفاؤل العام حيال نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي. ويقول البعض الأخر إن هذا المشروع، على أحسن تقدير، سوف ينتهي ببناء مجموعة من " الكومباوندات" السكنية للأثرياء الذين بمقدورهم تحمل تكاليف الإقامة خارج القاهرة والسفر إليها بسيارات رباعية الدفع. وقالت الصحيفة إنه وبالرغم من الضجيج السياسي والإعلام الذي صاحب العاصمة الجديدة، لم يتم الكشف عن أية تفاصيل حول الألية التي سيتم بها تأسيس مثل هذا المشروع العملاق، بخلاف كونه شراكة بين الحكومة المصرية وشركة " كابيتال سيتي بارتنرز" الخليجية العقارية الخاصة التي يمولها محمد العبار رئيس مجموعة " إعمار العقارية" الإماراتية والرجل الذي قام بتطوير برج خليفة الذي يعد أطول بناية في العالم. وتابعت الصحيفة أن ما يضيف إلى حالة الالتباس حول مشروع العاصمة الجديدة هي تصريحات الرئيس السيسي التي قال فيها إن العاصمة لن تضع أية أعباء على كاهل الموازنة الحكومية، علما بأن الحكومة المصرية سوف تمتلك حصة نسبتها 24% في المشروع، بحسب وزير الإسكان. ولفتت الصحيفة إلي أن حلم البدء من الصفر في الصحراء ربما يكون مغريا، ولكن يحذر الخبراء من أن مصر لم تنجح في السابق في تنفيذ مشروعات مماثلة وكانت النتائج مخيبة للأمال. فسلسلة المدن التي بنيت في الصحراء على مدار ال 40 عام الماضي قد فشلت في تخفيف الضغوط السكانية التي تتعرض لها القاهرة أو حتى في جذب مواطنين للإقامة بها، ولذك لأسباب عدة من بينها تواضع مستوى وسائل النقل وندرة الوظائف والشبكات الاجتماعية التي تعين الفقراء على العيش. وقال ديفيد سيمز خبير في مجال الاقتصاد والتخطيط العمراني :"إن مدينة أخرى في الصحراء ليست هي الحل للمشكلات التي تموج بها القاهرة". من جهته، أشار خالد فهمي المؤرخ والأستاذ بالجامعة الأمريكية في القاهرة إلى أنه يتعين على كل الأنظمة أن تفكر كثيرا قبل أن تقدم على تنفيذ المشروعات الكبرى، موضحا " لكن السؤال الأكبر هو ألا ينبغي أن تحتل مسألة إصلاح القاهرة قائمة أولوياتنا الوطنية؟ وفي تقديري أن الإجابة المفترضة ( من صانعي السياسات) هي أنها غير قابلة للإصلاح، وهذا موقف سياسي".