غمرت الفرحة التي تغمر وجوه الأطفال والكبار من جميع محافظات مصر، وانتشرت المراجيح والألعاب النارية وأصوات الذكر والمديح، وسادت رائحة البخور أرجاء ميدان السيدة زينب احتفالا بمولدها. وبرغم كثرة المظاهر المبهجة إلا أن مشهد إطعام المساكين والفقراء كان هو المتصدر الأول، في ختام احتفالات مولد السيدة زينب، بحضور آلاف من أصحاب الطرق الصوفية والعديد من المصريين من مختلف المحافظات. ونصبت الطرق الصوفية والدسوقية والشاذلية والرفاعية وغيرها من الطرق المتعددة الخيام والسرادقات، في جميع أنحاء منطقة السيدة زينب إلى جانب إعداد أصحاب المحلات التجارية بالمنطقة طاولات كبيرة لإطعام جميع رواد المولد بصفة عامة والفقراء والمساكين بصفة خاصة، وكان للأخير نصيب الأسد من جميع أنواع المأكولات والمشروبات والحلويات، التي توفرت في الخيام وأمام المحلات. وبدأ المشهد بوقوف عدد من أصحاب الطرق الصوفية والمحلات أمام الخيام من أجل جذب الفقراء والمساكين والمارة إلى الخيام لتناول الطعام والشراب والاحتفال بالمولد، بقراءة القرآن وتلاوة الأذكار والأناشيد والمدائح النبوية، وسط روحانيات تسبح في وجدان الحضور. وأمام الخيام كانت الذبائح تذبح من الخراف والعجول، وداخل الخيام تجد عدد كبير من أواني الطهي كبيرة الحجم، تحتها مباشرة شعلة نار متوهجة الإحمرار، تجد في هذه اللحظة أن الجميع يتسابقون بدءا من الذبيح التي تذبح مرورا بشعلة النار وحتى النساء اللاتي يقومن بالطهي لإعداد الطعام في أسرع وقت للفقراء والمساكين، في مشهد تطبيقي عملي للتكافل الاجتماعي من بسطاء إلى بسطاء. ولم يقتصر الطعام على اللحوم فقط ولكن كان هناك من يقوم بتوزيع سندوتشات فول وطعمية، وعبوات البسكويت والعصائر والتمر باللبن، والفطير والعسل والجبن، والفواكة، وتسابق الجميع لإطعام الفقراء والمساكين في هذه الليلة، في ظل تواجد عدد كبير من رجال الشرطة لتأمين المكان والمارة وعربات الإسعاف وعربات المطافي. ووسط دخان الشيشة الكثيف ودخان المواقد الذي يعد عليها الطعام لأحباب "آل البيت" من الفقراء والمساكين، رفض الحاج "مجدي منصور"، 61 عام، تصويره حتي لا يضيع الأجر والثواب الذي يقوم به، حسب قوله. وقال منصور إنه أتي إلى مولد السيدة زينب من الصعيد مخصوص لأعداد الطعام لأحباب أهل البيت بالمجان كل عام، وإنه وصى أولاده وأحفاده بأن ياتوا إلى المولد كل عام. وأضاف منصور أنه يحرص كل الحرص على تقديم الطعام للمساكين والفقراء، مشيرًا إلى أنه يقوم بطهي بطاطس بالصلصة واللحمة ورز أبيض إلى جانب تقديم "جبنة صعيدي قديمة" وعيش الشمس إلى من يرغب من الرواد أو المارة في الشارع بالمجان. وذكر "محمد رمضان"، 42عام، أن مولد السيدة زينب والحسين والسيدة نفيسة بمثابة "عيد"، قائلاً: "بحب المولد علشان باكل اللحمة طوال الأسبوع، قائلا: "في ناس ولاد حلال بيعملوا أكل طعمة حلو علشان بلحم بلدي وبروح الخيم أكل وأشرب عصير أو شاي وأخرج علي طول". وأضاف رمضان أنه يحرص على التواجد في معظم موالد آل بيت الله، مشيراً إلى أن الاحتفال بهم واجب على كل من يحب ال البيت، على حد قوله.