بدا الرجل شديد الحرص علي تأكيد تمسكه بمبادئ وثوابت الوفد، والتزامه الحزبي بكافة مواقف وقرارات الحزب، فردد كثيراً «عن قناعة شخصية أولاً، ثم التزاماً مني باعتباري قيادة وفدية منوط بها تجسيد طموحات أبناء الوفد». هكذا كان اللواء سفير نور عضو الهيئة العليا ومساعد رئيس الحزب أثناء الحوار الذي تناول الكثير من ملامح المشهد الوطني. ما موقفك من ثورة الخامس والعشرين من يناير؟ رغم تسلق الجماعة الإرهابية لثورة يناير، إلا أنها بالقطع ثورة شعبية أدهشت العالم، وعبرت عن حضارة الشعب المصري ورفضه تهميش إرادته، وقد كان الوفد، ممثلاً في رئيسه الدكتور السيد البدوى، أول من اعترف بها أمام العالم كله. وماذا عن ثورة الثلاثين من يونيو؟ ثورة عظيمة صححت مسار ثورة يناير بعد أن اختطفها الإخوان إلي حيث مصالحهم، فكانت الإرادة الشعبية الحرة التي التفت حول زعيمها المنقذ الرئيس عبد الفتاح السيسي. لماذا تعثرت خطوات خارطة المستقبل، فتأخر البرلمان عن موعده؟ كان الدستور أولاً ليعلم الشعب حقوقه وواجباته في دولته الحديثة، ثم كان لابد من التبكير بالانتخابات الرئاسية حتى يقود الرئيس السيسي الوطن في مواجهة التحديات والمخاطر الشديدة التي جمعت بين أعداء الشعب في الداخل والخارج، وكان من المفترض أن يأتي البرلمان لتستكمل الدولة المصرية مكوناتها السياسية، إلا أن الرغبة في تحصين البرلمان من الطعن مستقبلاً في دستوريته، كانت السبب الحقيقي وراء تأخر خطوة الانتخابات البرلمانية. لكن حزب الوفد له اعتراضات قوية علي قانون الانتخابات البرلمانية، فما موقفك منها؟ موقفي هو موقف الوفد، عن قناعة شخصية أولاً، ثم التزاماً مني باعتباري قيادة وفدية منوطاً بها تجسيد طموحات أبناء الوفد، وبصفة عامة فإن قوانين الانتخابات لا يمكن أن ترضي كافة الأطراف، وحزب الوفد موقفه لا يستند إلي مصالح حزبية قدر ما يري أن تهميش الأحزاب في الحياة السياسية لا يدعم عملية التحول الديمقراطي، وكان ينبغي دعم الأحزاب بدلاً من ترديد نغمة ضعفها؛ ذلك أن ضعفها يرجع إلي الأنظمة المستبدة التي اتخذت منها مواقف معادية، وأقصتها عن دورها الحقيقي كروافد سياسية تحمل اتجاهات وتفضيلات الرأي العام إلي صانع ومتخذ القرار، ولا يجب أن ننسي أن الأحزاب نشأت بالأساس في ظل تنامي التوجهات الديمقراطية؛ ومن ثم لا يمكن التحول صوب مجتمع ديمقراطي دون دعم الأحزاب لتنهض بدورها الحقيقي. وما موقف الحزب من الانتخابات البرلمانية؟ ميل القانون إلي النظام الفردي يراه الوفد يهمش دور الأحزاب، فكانت اعتراضات الوفد، وقد حاول أعداء الوطن والوفد استثمار هذا الموقف فأشاعوا تردد الوفد في خوض الانتخابات البرلمانية، لكن دون أي اعتبار للمصلحة الحزبية بالقطع الوفد مُشارك وبقوة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، ولا مجال للتشكيك في ذلك، فهي مسئولية وطنية قبل كل شى، ولا يملك الوفد التراجع عن دوره المساند للدولة المصرية الحديثة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأي كلام غير ذلك لا يراد به إلا الإساءة إلي الوفد وقياداته وتاريخه العريق. وماذا عن اشتراك الوفد في قائمة «في حب مصر»؟ بالفعل الوفد مشترك في القائمة، لكن الهيئة العليا الجديدة التي ستنتخب في الخامس عشر من مايو الحالي لها كل الحق في مراجعة مواقف الوفد حسب ما تقتضيه المصلحة الوطنية أولاً، ثم ما تمليه قيم ومبادئ وثوابت الوفد، وبما يحقق الآمال الشعبية العريضة المنوط بالوفد التعبير عنها باعتباره أعرق الأحزاب السياسية، وصاحب الخبرة في الحكم والمعارضة عبر تاريخه الممتد في أعماق التجربة المصرية. لو انتقلنا للحديث عن «الدولة المصرية»، كيف تقرأ أداء مؤسسة الرئاسة؟ الرئيس السيسي أعاد للدولة المصرية هيبتها المفقودة علي مدى عدة عقود، في الداخل والخارج علي السواء، وأجبر أعداء الوطن ممن ساعدوا الجماعة الإرهابية علي تعديل مواقفهم تجاه مصر، والبقية منهم باتت في حيرة من أمرها أمام الزخم الدولي المساند لمصر تحت قيادة الرئيس السيسي؛ ومن ثم تأكدت صحة ثقة الشعب في الرجل الذي اختاره زعيماً بأغلبية أدهشت العالم، وفي مرحلة دقيقة من عمر الوطن. وتحديداً علي مستوى العلاقات الدولية كيف تُقيم حركة الدولة المصرية؟ بالفعل قطعت الدولة المصرية خطوات واسعة في سبيل استعادة دورها الرائد إقليمياً، عربياً أو أفريقيا، ومن هنا تنطلق الدولة المصرية لتؤكد وتجسد ثقلها الإقليمي في علاقات متوازنة علي الساحة الدولية، ومع مختلف القوى الدولية، علي أساس متين من المصالح المشتركة ووفقاً لمبدأ الاحترام المتبادل. وعلي المستوى الاقتصادي، كيف تري مستقبل مصر؟ الحديث عن المستقبل لابد أن يرتبط بجهد أبناء الوطن قبل البحث عن دعم خارجي، ومن هنا كانت دعوة الرئيس السيسي للعمل الجاد والمخلص لبناء مصر الحديثة التي ننشدها جميعاً، ولعل المؤتمر الاقتصادى الذي عُقد في شرم الشيخ في مارس الماضي يؤكد ثقة العالم في مصر، ويرسي قواعد جديدة للتضامن العربي بصيغة معاصرة تستوعب التحديات التي تواجه الأمة العربية بأكملها، غير أن الأمر كما ذكرت يتوقف، بعد توفيق الله لنا، علي جهد أبنا مصر في بناء مستقبلهم. ما رؤيتك لأداء الحكومة الحالية؟ المهندس إبراهيم محلب يبذل قصارى جهده في عمل متواصل وفي ظل ظروف صعبة للغاية، وإن كانت هناك حاجة إلي مراجعات تنال من بعض الوزراء والمحافظين لتواكب الجهد الذي يبذله الرجل ليل نهار، ومناداة الوفد بحكومة سياسية منتخبة، بعد البرلمان، لا يحمل تقليلاً من تقديرنا للمهندس محلب، قدر ما هي طبيعة العملية السياسية في أي نظام ديمقراطي، وهو ما يتفق والدستور الذي أيده الشعب بأغلبية كاسحة. كرجل تنتمي للمؤسسة الشرطية، ما رأيك في أداء وزارة الداخلية؟ كمواطن أولاً، ثم كقيادة وفدية، أود أن أعبر عن عميق تقديري للمؤسسة الشرطية بكامل هيئاتها علي ما تبذله من جهد وطني مخلص، وما تقدمه من تضحيات هي أهل لها دائماً بحكم مسئوليتها الوطنية، وأنا كابن من أبناء الشرطة علي ثقة أن الشرطة ليس لها أية أهداف غير تأمين حياة وممتلكات الشعب وحماية الأمن القومي للدولة، ولم يعد لها أي دور سياسي، بعد أن وضعتها الأنظمة المستبدة السابقة علي ثورتي يناير ويونيو في مواجهة الشعب، حتى تكشفت الحقيقة وعرف الشعب في الثلاثين من يونيو أن الشرطة بالفعل حامية لإرادته الحرة والمشروعة، تشاركها في ذلك قواتنا المسلحة الباسلة، التي قدمت للشعب ابنها البطل عبد الفتاح السيسي حين أصر الشعب عليه قائداً فذاً في مرحلة تاريخية فارقة. ماذا عن الأحداث الأخيرة التي يشهدها حزب الوفد، وهل هي علامات انشقاق في البيت الوفدى العريق؟ بل هي علامات أكيدة علي ما يدور في الوفد من حراك ديمقراطي؛ فلو أن الوفد يشهد احتكاراً للقرار والسلطة من جانب رئيسه الدكتور السيد البدوى كما يدعون، ما كان في الهيئة الوفدية من يعارضه علي هذا النحو، ثم تبقي مؤسسية الوفد مرجعيتنا جميعاً، ولدينا انتخابات هيئة عليا في الخامس عشر من مايو المقبل، والكل فيها علي المحك، وستعبر الهيئة الوفدية عن إرادتها أمام الشعب كله، بل أمام العالم الذي يتابع نشاط حزب الوفد باعتباره أكبر الأحزاب المصرية، وكنت أرجو ممن افتعلوا المشكلة الأخيرة أن يراعوا ذلك، قبل مصالحهم الشخصية، لكن الوفد أكبر وأبقي من الأشخاص، وسيظل الوفد قيمة عليا في الضمير الوطني.