منذ ثورة الخامس و العشرون من يناير و أصبح الحديث حول دور منظمات المجتمع المدنى فى النهوض بالتنمية فى مصر أمراً أساسياً و باتت هذه المنظمات و التى منها الجمعيات الأهلية من أهم الركائز التى تراهن عليها الدولة المصرية فى تحقيق تلك التنمية لما لها من تواصل مع مختلف فئات المجتمع . حيث تعمل المنظمات الفاعلة منها على مساندة الدولة و تكمله دورها فى النهوض بالمجتمع . و نظرا لأهمية تلك الجمعيات الأهلية فقد خصها دستور 2014 بمادة خاصة بها و هى المادة ( 75 ) و التى تنص على : ( للمواطنين حق تكوين الجمعيات و المؤسسات الأهلية على أساس ديمقراطى ، و تكون لها الشخصية الإعتبارية بمجرد الإخطار ، و تمارس نشاطها بحرية و لا يجوز للجهات الإدارية التدخل فى شئونها أو حلها أو حل مجالس إداراتها أو مجالس أمنائها إلا بحكم قضائى . و يحظر إنشاء أو استمرار جمعيات أو مؤسسات أهلية يكون نظامها أو نشاطها سرياً أو ذو طابع عسكرى أو شبه عسكرى ، و ذلك كله على النحو الذى ينظمه القانون ) . و من هذا المنطلق فإن على الجمعيات الأهلية دورا كبيرا تستطيع من خلاله مشاركة منظمات الدولة جنبا إلى جنب فى عملية التنمية و قبل أن أذكر المجالات التى تستطيع الجمعيات الأهلية أن تساهم فى تحقيق التنمية المستدامة للدولة المصرية أخص حديثى هنا عن الجمعيات الفاعلة فقط و التى لها نشاط ملموس فى مجتمعاتها .و من خلال خبرتى المتواضعة فى مجال العمل الأهلى و التنموى و التى تصل إلى عشرة سنوات أستطيع أن أقول على سبيل المثال و ليس الحصر أن الجمعيات الأهلية تستطيع أن تنهض بالمجتمع من خلال المجالات الأتية : فى مجال الصحة : تستطيع الجمعيات بالتعاون مع وزارة الصحة اقامة العديد من ندوات التوعية كإجراء استباقى للتصدى للعديد من الأمراض مثل المشاركة فى حملة التطعيمات و التوعية ضد أنفلونزا الطيور و غيرها من الأمراض . فدور الجمعية هنا هو توفير الفئة المستهدفة من المواطنين و على وزارة الصحة ممثلة فى إدارة التوعية توفير الأطباء المتخصصين لإلقاء الندوات . و بالنسبة لحملات التطعيم من الممكن مشاركة الجمعيات عن طريق متطوعين من عندها مع وزارة الصحة فى تنفيذ هذه الحملات . تستطيع الجمعيات التى بها مستوصفات أو مراكز طبية أن تتعاون مع وزارة الصحة بأن تستضيف هذه الجمعيات عدد من الأطباء من وزارة الصحة فى تخصصات مختلفة و تعتبر هذه خلق فرص عمل للأطباء خاصة من فئة الشباب و تخفيف الضغط على المستشفيات الحكومية على تتحمل الوزارة مرتبات هؤلاء الأطباء. فى مجال التدريب و التأهيل : يوجد بعض الجمعيات التى بها ورش فى مختلف المجالات ( طباعة – نجارة – رسم على الزجاج – مشغل خياطة - ...... ) فمن الممكن التعاون مع إدارة التدريب المهنى بحيث تقوم الجمعية بتوفير الفئة المستهدفة من الشباب الذين يريدون تعلم الحرفة بالإضافة للورشة الموجودة أصلا فى الجمعية بما فيها من آلات ، و تقوم هذه الإدارة بتوفير المدربين الأكفاء و منح المتدرب شهادة معتمدة بعد نهاية التدريب تمكنه من العمل بعد ذلك . فى مجال التعليم تستطيع الجمعيات الأهلية التى لديها فصول للتقوية أن تساهم فى الحد من ظاهرة الدروس الخصوصية ، و التعامل مع الأطفال الذين لديهم بعض صعوبات التعلم بأجور رمزية . كما أن للجمعيات الأهلية دورا بارزا فى الحد من ظاهرة الأمية و ذلك عن طريق التعاون مع الهيئة العامة لتعليم الكبار . بحيث تقوم الهيئة بإعداد متطوعين من الجمعية و تدريبهم تدريبا مناسبا حتى يكونوا مدرسين و تقوم الهيئة بصرف رواتب لهم و تقوم الجمعية بتوفير المكان ( الفصول ) بالإضافة للفئة المستهدفة من الأميين . فى مجال الرياضة : يوجد بعض الجمعيات التى بها أندية اجتماعية و ثقافية فمن الممكن أن يتم التعاون بينها و بين وزارة الشباب و الرياضة فى دعم هذه الجمعيات بالمدربين الأكفاء فى عدد من الألعاب . فتح أبواب مراكز الشباب أمام شباب الجمعيات الأهلية و المترددين عليها لممارسة الرياضة . فى مجال التوعية : تستطيع الجمعيات الأهلية تنفيذ ندوات توعية فى الكثير من المجالات مثلما فعل البعض منها على سبيل المثال ( التوعية بالدستور – التوعية بقانون مجلس النواب – المواطنة ) و ذلك بغرض حث المواطنين على المشاركة فى كافة الإنتخابات عن فهم و وعى لكى يستطيعوا من خلال هذه التوعية حسن اختيار من يمثلهم . و ينطق هذا ايضا على التوعية بوجه عام مثل التوعية بأضرار البناء على الأراضى الزراعية – الأرتفاع المبالغ فيه فى المبانى . فى مجال البيئة : تنفيذ ندوات توعية للمواطنين فى المحافظة على البيئة عن طريق القاء المخلفات فى الصناديق المخصصة لها و عدم رميها فى الشوارع حتى لا تنتشر الأمراض . التنسيق مع شركات تجميع القمامة بضرورة توفير صناديق كافية فى الشوارع و أن يتم ربطها بوتد حتى لا يتم سرقتها . يوجد عدد من الجمعيات التى تهتم بالبيئة و التشجير و بالتالى تستطيع هذه الجمعيات المشاركة فى عمليات التشجير . فى مجال المواصلات : يجب على الجمعيات الأهلية المشاركة فى توعية المواطنين بالمحافظة على المواصلات العامة ( القطار – الترام – الأتوبيسات ) خاصة و أن تهتم بالسكك الحديدية و التى تعد من أقدم السكك الحديدية على مستوى العالم . و يتم ذلك عن طريق تنفيذ حملات توعية للمواطنين للمحافظة عليها على أن تقوم الجهات المعنية بتطوير هذه المواصلات خاصة القطار الذى يركبه عدد كبير من المواطنين و بذلك إذا استطعنا جذب المواطنين لركوب القطار نكون قد شاركنا بتخفيف الضغط على المرور فى شارع أبو قير و الذى يعد الشريان الرئيسى للإسكندرية و أى اختناق مرورى به يعد اختناق مرورى فى الإسكندرية كلها و تخفيف الضغط من السيارات فى الشوارع يؤدى إلى تخفيف نسبة العادم فى الجو و بالتالى تخفيف نسبة الأمراض التى يتطلب الإنفاق عليها ملايين الجنيهات من التأمين الصحى . الزام أصحاب العقارات التى سوف تبنى بعد ذلك بضرورة بناء جراج فى الدور الأرضى فى كل عمارة لتخفيف العبء على الشوارع و عدم الإزدحام . فى مجال الصرف الصحى : تستطيع الجمعيات الأهلية بالتعاون مع شركة الصرف الصحى ( إدارة التوعية ) أن تقوم بتنفيذ حملات توعية للمواطنين موضحة لهم عدم القاء مخلفات الأطعمة و غيرها فى الأحواض و المراحيض و التى تعمل على انسداد فى بالوعات الصرف مما يسبب طفح لمياة الصرف فى الشوارع و بالتالى انتشار الأمراض . فى مجال الكهرباء : تنفيذ حملات توعية بغرض ترشيد استهلاك الكهرباء خاصة و أننا على مشارف دخول فصل الصيف . على كل الجمعيات استخدام اللمبات الموفرة و ترشيد الإستهلاك حتى يكونوا أسوة و قدوة للعاملين بها . مخاطبة شركة الكهرباء بأن تقوم بالإهتمام بأن تكون أعمدة أنارة الشوارع بالطاقة الشمسية لتخفيف الأحمال على الشبكة الرئيسة . فى مجال الأمن العام : ضرورة بناء جسر من التواصل بين الجمعيات الأهلية و الداخلية حيث أن الجمعيات الأهلية مال عام و يجب توفير الأمن و الأمان له و لذلك يجب مشاركة الداخلية فى ذلك بوضع أفراد أمن بالجمعيات الكبيرة ذات الانشطة الكثيرة و ذلك لحراستها . إبلاغ الجمعيات عن أى فرد أو مجموعة تقوم بأى أعمال تخريبية تضر البلاد أو تبيع المخدرات و على الجهة الأمنية سرعة الإستجابة . فى مجال حماية المستهلك : تفعيل التواصل بين الجمعيات الأهلية و بين جهاز حماية المستهلك و ذلك بالإبلاغ عن أى جهة تقوم بإستغلال المواطنين و الإبلاغ عن الورش الغير مرخصة و حث المواطنين على الاتصال برقم تليفون ( 19588 ) الخاص بجهاز حماية المستهلك و على رقم ( 19468 ) الخاص بمباحث التموين . فى مجال حماية الطفولة : يوجد عدد من الجمعيات تقوم بتوفير الخدمات للأطفال و بها بعض الأنشطة المعنية بحماية الأطفال مثل ( خط نجدة الطفل 16000 –دور إيواء أطفال الشوارع – دور رعاية الأطفال الأيتام و مجهولى النسب– و غيرها من الأنشطة التى تعمل على نجدة و حماية الأطفال المعرضون للخطر . لذلك يجب على الحكومة المصرية التنسيق مع تلك الجمعيات فى تحقيق المصلحة الفضلى لهؤلاء الأطفال مثل مساعدة تلك الجمعيات فى استخراج الأوراق الثبوتية الخاصة بهؤلاء الأيتام و مجهولى النسب ، و توفير الدعم المالى المناسب للإنفاق على هؤلاء الأطفال تحت رعاية الجهات الحكومية المعنية . عقد دورات تدريبية تنشيطة للعاملين فى مجال رعاية الطفولة فى هذه الجمعيات مع توفير سبل الرعاية المتكاملة لهؤلاء العاملين حتى يستطيعوا أن يقوموا بدورهم على أكمل وجه تجاه الأطفال ، فكيف نستطيع أن نطالب بتحقيق الرعاية و الإهتمام لهؤلاء الأطفال بينما العاملين يعانون من قلة رواتبهم .