«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صالح القلاب يكتب : رفض العرب لإيران النووية سببه تطلعاتها التمددية!
نشر في الوفد يوم 09 - 04 - 2015

المفترض أن العرب، إنْ ليس كلهم فمعظمهم، يعارضون إحباط محاولات إيران للحصول على السلاح النووي والقنبلة الذرية ما دامت إسرائيل، التي هي العدو الرئيسي والاستراتيجي وعلى المدى المنظور والبعيد أيضا، تمتلك هذا السلاح ومنذ سنوات بعيدة، وما دامت الولايات المتحدة متواطئة معها وترفض أي محاولة لإثارة هذه القضية الحساسة إنْ في الأمم المتحدة أو في غيرها من المحافل الدولية المعنية.
لكن المشكلة تكمن في أن إيران لا تسعى لامتلاك السلاح النووي والقنبلة الذرية لتحرير فلسطين، أو لمواجهة إسرائيل، بل لتفرض نفسها كإمبراطورية فارسية تتدثر بجلباب المذهب الشيعي - الجعفري الاثني عشري، وتضع فوق رأسها العمامة السوداء (الإمامية)، لتفرض نفسها وعلى غرار ما كان قائما في العصور الغابرة على الشرق الأوسط العربي والمنطقة العربية كلها، ولتحول عواصم العرب، كما قال أحد كبار المسؤولين الإيرانيين، إلى مجرد أجرام صغيرة تدور في فلك العاصمة الإيرانية طهران.
كانت باكستان أول دولة إسلامية تمتلك السلاح النووي والقنبلة النووية، وكان العرب كلهم، شعوبا ودولا وحكومات، قد اعتبروا أن هذا الإنجاز هو إنجاز لهم، فدافعوا عنه وتغنوا به، مع أن إسلام آباد لم تشر ولو إشارة واحدة إلى أن هدف ما حققته على هذا الصعيد هو تحرير فلسطين، أو هو مواجهة إسرائيل، ومع أن المعروف أن الهدف كان ولا يزال هو إحراز توازن رادع بعد امتلاك الهند لهذا السلاح بدعم وتأييد الاتحاد السوفياتي السابق الذي كان ينخرط، كما روسيا الآن، في صراع نفوذ مع الولايات المتحدة في هذا الجزء من آسيا وفي العالم بأسره.
كان على إيران أن تقنع العرب، بالأفعال وليس بمجرد الأقوال، أن سعيها للحصول على سلاح نووي لا يستهدفهم ولا يستهدف دورهم ومكانتهم في هذه المنطقة والشرق الأوسط كله، لكنها في حقيقة الأمر فعلت عكس هذا تماما، فهي عندما بادرت إلى استكمال ما كان أنجزه الشاه السابق محمد رضا بهلوي كانت قد كشفت عن نواياها وبالأدلة القاطعة وبالتدخلات الواضحة، وأن هدفها القريب والبعيد هو إلحاق العراق وسوريا بها، وهو السيطرة على المنطقة العربية، وهذا ما تأكد لاحقا، والدليل هو ما يجري في اليمن الآن والسعي لتحويل الشيعة العرب إلى جاليات إيرانية في بلدانهم.
إذن.. إن هذا هو أحد دوافع إيران للحصول على السلاح النووي، أما الدافع الثاني فهو إيجاد توازن رعب مع باكستان السنية التي كانت ولا تزال لها اليد الطولى في أفغانستان المجاورة، ولهذا فإن الاتحاد السوفياتي السابق كان قد فعل ما فعلته روسيا لاحقا بدعم طهران في السعي لامتلاك قنبلتها النووية. وهنا فإنه يجب أخذ صراع موسكو مع بكين سابقا بعين الاعتبار، وحيث كانت ولا تزال العلاقات الصينية - الباكستانية متينة وقوية، مع أن الهدف الحقيقي لمتانة هذه العلاقات في حقيقة الأمر هو مواجهة الهند التي لها مشاكل وإشكالات كثيرة مع كلا البلدين.
ولهذا فإن المعروف أن الاتحاد السوفياتي، الذي كان يتعامل مع شاه إيران السابق على أساس أنه تابع للولايات المتحدة وللمعسكر «الإمبريالي» الغربي، قد بادر إلى تأييد الثورة الإيرانية، التي أطاحت بعرش الطاووس في عام 1979، فهو (أي الاتحاد السوفياتي) كان وبخاصة بعد هزيمته في أفغانستان يخشى انتفاض الجمهوريات الإسلامية، السنية بمعظمها، ضده وهو كان يرى أن من مصلحته حصول إيران على السلاح النووي والقنبلة الذرية ما دام الهدف ليس إسرائيل وإنما باكستان، وكذلك إسناد التمدد الإيراني في المنطقة العربية، وهذا هو في حقيقة الأمر ما بقي يفعله الروس منذ بدايات تسعينات القرن الماضي وحتى الآن.
وهكذا فإن دافع الولايات المتحدة الرئيسي ومعها المعسكر الغربي كله (دول الاتحاد الأوروبي كلها)، من السعي الدؤوب منذ عام 2002 لإجهاض المشروع النووي الإيراني، هو الاستجابة لرغبة إسرائيل التي من المؤكد أنها تعرف حقيقة النوايا والتطلعات الإيرانية الآنفة الذكر، إلا أنها تحت وطأة الخوف من المستقبل ودائما وأبدا لا تمتلك إلا أن ترفض هذا المشروع وتقاومه، لكن وإلى جانب هذا فإنه لا شك في أن الأميركيين، ومعهم الأوروبيون، لا يمكن أن يقبلوا بسيطرة إيران النووية على منطقة استراتيجية تعتبر منطقة مصالح أميركية حيوية هي منطقة الشرق الأوسط.
والسؤال المُلح هنا ونحن بصدد الحديث عمَّا يمكن أن يترتب على الاتفاق بين الولايات المتحدة ومعها باقي دول ما يسمى «5+1» وإيران هو: هل مخاوف الدول العربية المعنية من أن يطلق هذا الاتفاق الذي لا يزال في مرحلة «الإطار العام» يد دولة الولي الفقيه في الشرق الأوسط محقة يا ترى؟!
معلومات المتابعين لهذا الاتفاق عن قرب لا ترى أي مبرر لهذه المخاوف. وهم يشيرون إلى أن أي صفقة بين الولايات المتحدة وإيران وعلى حساب العرب الرافضين للتمدد الإيراني في المنطقة العربية مستبعدة جدا، بل إن هناك من يقول إن التمسك الأميركي بالإبقاء على العقوبات الاقتصادية على طهران، إنْ ليس كلها فمعظمها على الأقل، ما لم يتراجع الإيرانيون عن هذا التمدد، يتعارض مع ذلك. ويبدو أن هذا هو موقف تركيا وباكستان، بالإضافة إلى مواقف الدول العربية كلها باستثناء القلة القليلة من المؤلفة قلوبهم وأصحاب المصالح الخاصة والنظرة الحولاء إلى قضايا بكل هذه الخطورة.
إنه غير صحيح وك«التغميس خارج الصحن» كل هذا الذي يقال عن أن كل مصالح الولايات المتحدة غدت مرتبطة بالصين وبالشرق الآسيوي الأقصى، وأن واشنطن عازمة على إدارة ظهرها لهذه المنطقة وتركها تغرق في المشاكل المتفجرة حاليا في معظم دولها وبلدانها. فالشرق الأوسط، بنفطه وبأسواقه الاستهلاكية و«بصرفه» مئات المليارات على التسلُّح العسكري، بالإضافة إلى ممراته المائية وبالإضافة إلى وجود إسرائيل فيه، لا يزال - والواضح أنه سيبقى - منطقة مصالح حيوية أميركية لا يمكن التخلي عنها لإيران، وبخاصة في عهد هذا الحكم الذي من غير الممكن أن يراهن على أنه قد يتغير حتى أصحاب أنصاف العقول!!
ثم وعوْد على بدء، فإن السؤال المطروح أيضا هو: هل اتفاقية «الإطار العام» هذه ستصمد يا ترى حتى يوليو (تموز) المقبل حيث من المفترض أن توقع اتفاقية «النووي» مع إيران بصورة نهائية؟!
البعض يرى أنه ليس لدى إيران الغارقة في المشاكل الاقتصادية، التي ترتبت على تدني أسعار النفط وعلى العقوبات التي فرضت عليها حتى ذروة رأسها، إلا الذهاب مع ما تم التوصل إليه في لوزان حتى النهاية، لكن وخلافا لهذا فإن هناك منْ يرى أن جمهورية الولي الفقيه تتعامل حتى مع المعاهدات والاتفاقات الدولية على أساس «التقية» وإظهار شيء وإبطان شيء آخر، وأنه لا يمكن الاطمئنان إليها، والدليل هو مسيرتها منذ عام 1979 وحتى الآن.
وهكذا، وفي النهاية، فإن ما يؤكد صحة كل هذا أن المعلومات المتوافرة تتحدث عن أن التيار المتشدد في إيران، الذي يمثله حراس الثورة وبعض المحيطين بالمرشد علي خامنئي ومن بينهم علي أكبر ولايتي، غير راض عن اتفاق «الإطار العام» هذا، وأن أحد مستشاري الولي الفقيه، الذي هو حسين شريعتمداري، قد قال بالنسبة لما تم الاتفاق عليه في لوزان: «إن هذا الاتفاق ولد ميتا، وإن محمد جواد ظريف بعث إلينا بإشارة استسلام، وإن ما جرى يعني أننا سلَّمنا الحصان وتسلمنا عنانه فقط»، ثم وبالإضافة إلى هذا كله فإن عددا من أعضاء مجلس الشورى قد هاجموا وبعنف «اتفاق الإطار»، وقالوا فيه أكثر مما قاله مالك في الخمر، وحقيقة فإن هذه مؤشرات تدل على أن هناك مقاومة فعلية لتخلي إيران عن إصرارها على الحصول على القنبلة النووية، وبخاصة إن هي لن تقبض ثمن هذا التخلي بإطلاق يدها في هذه المنطقة والاعتراف بها إمبراطورية «فارسية» مهمة في الشرق الأوسط!
المفترض أن العرب، إنْ ليس كلهم فمعظمهم، يعارضون إحباط محاولات إيران للحصول على السلاح النووي والقنبلة الذرية ما دامت إسرائيل، التي هي العدو الرئيسي والاستراتيجي وعلى المدى المنظور والبعيد أيضا، تمتلك هذا السلاح ومنذ سنوات بعيدة، وما دامت الولايات المتحدة متواطئة معها وترفض أي محاولة لإثارة هذه القضية الحساسة إنْ في الأمم المتحدة أو في غيرها من المحافل الدولية المعنية.
لكن المشكلة تكمن في أن إيران لا تسعى لامتلاك السلاح النووي والقنبلة الذرية لتحرير فلسطين، أو لمواجهة إسرائيل، بل لتفرض نفسها كإمبراطورية فارسية تتدثر بجلباب المذهب الشيعي - الجعفري الاثني عشري، وتضع فوق رأسها العمامة السوداء (الإمامية)، لتفرض نفسها وعلى غرار ما كان قائما في العصور الغابرة على الشرق الأوسط العربي والمنطقة العربية كلها، ولتحول عواصم العرب، كما قال أحد كبار المسؤولين الإيرانيين، إلى مجرد أجرام صغيرة تدور في فلك العاصمة الإيرانية طهران.
كانت باكستان أول دولة إسلامية تمتلك السلاح النووي والقنبلة النووية، وكان العرب كلهم، شعوبا ودولا وحكومات، قد اعتبروا أن هذا الإنجاز هو إنجاز لهم، فدافعوا عنه وتغنوا به، مع أن إسلام آباد لم تشر ولو إشارة واحدة إلى أن هدف ما حققته على هذا الصعيد هو تحرير فلسطين، أو هو مواجهة إسرائيل، ومع أن المعروف أن الهدف كان ولا يزال هو إحراز توازن رادع بعد امتلاك الهند لهذا السلاح بدعم وتأييد الاتحاد السوفياتي السابق الذي كان ينخرط، كما روسيا الآن، في صراع نفوذ مع الولايات المتحدة في هذا الجزء من آسيا وفي العالم بأسره.
كان على إيران أن تقنع العرب، بالأفعال وليس بمجرد الأقوال، أن سعيها للحصول على سلاح نووي لا يستهدفهم ولا يستهدف دورهم ومكانتهم في هذه المنطقة والشرق الأوسط كله، لكنها في حقيقة الأمر فعلت عكس هذا تماما، فهي عندما بادرت إلى استكمال ما كان أنجزه الشاه السابق محمد رضا بهلوي كانت قد كشفت عن نواياها وبالأدلة القاطعة وبالتدخلات الواضحة، وأن هدفها القريب والبعيد هو إلحاق العراق وسوريا بها، وهو السيطرة على المنطقة العربية، وهذا ما تأكد لاحقا، والدليل هو ما يجري في اليمن الآن والسعي لتحويل الشيعة العرب إلى جاليات إيرانية في بلدانهم.
إذن.. إن هذا هو أحد دوافع إيران للحصول على السلاح النووي، أما الدافع الثاني فهو إيجاد توازن رعب مع باكستان السنية التي كانت ولا تزال لها اليد الطولى في أفغانستان المجاورة، ولهذا فإن الاتحاد السوفياتي السابق كان قد فعل ما فعلته روسيا لاحقا بدعم طهران في السعي لامتلاك قنبلتها النووية. وهنا فإنه يجب أخذ صراع موسكو مع بكين سابقا بعين الاعتبار، وحيث كانت ولا تزال العلاقات الصينية - الباكستانية متينة وقوية، مع أن الهدف الحقيقي لمتانة هذه العلاقات في حقيقة الأمر هو مواجهة الهند التي لها مشاكل وإشكالات كثيرة مع كلا البلدين.
ولهذا فإن المعروف أن الاتحاد السوفياتي، الذي كان يتعامل مع شاه إيران السابق على أساس أنه تابع للولايات المتحدة وللمعسكر «الإمبريالي» الغربي، قد بادر إلى تأييد الثورة الإيرانية، التي أطاحت بعرش الطاووس في عام 1979، فهو (أي الاتحاد السوفياتي) كان وبخاصة بعد هزيمته في أفغانستان يخشى انتفاض الجمهوريات الإسلامية، السنية بمعظمها، ضده وهو كان يرى أن من مصلحته حصول إيران على السلاح النووي والقنبلة الذرية ما دام الهدف ليس إسرائيل وإنما باكستان، وكذلك إسناد التمدد الإيراني في المنطقة العربية، وهذا هو في حقيقة الأمر ما بقي يفعله الروس منذ بدايات تسعينات القرن الماضي وحتى الآن.
وهكذا فإن دافع الولايات المتحدة الرئيسي ومعها المعسكر الغربي كله (دول الاتحاد الأوروبي كلها)، من السعي الدؤوب منذ عام 2002 لإجهاض المشروع النووي الإيراني، هو الاستجابة لرغبة إسرائيل التي من المؤكد أنها تعرف حقيقة النوايا والتطلعات الإيرانية الآنفة الذكر، إلا أنها تحت وطأة الخوف من المستقبل ودائما وأبدا لا تمتلك إلا أن ترفض هذا المشروع وتقاومه، لكن وإلى جانب هذا فإنه لا شك في أن الأميركيين، ومعهم الأوروبيون، لا يمكن أن يقبلوا بسيطرة إيران النووية على منطقة استراتيجية تعتبر منطقة مصالح أميركية حيوية هي منطقة الشرق الأوسط.
والسؤال المُلح هنا ونحن بصدد الحديث عمَّا يمكن أن يترتب على الاتفاق بين الولايات المتحدة ومعها باقي دول ما يسمى «5+1» وإيران هو: هل مخاوف الدول العربية المعنية من أن يطلق هذا الاتفاق الذي لا يزال في مرحلة «الإطار العام» يد دولة الولي الفقيه في الشرق الأوسط محقة يا ترى؟!
معلومات المتابعين لهذا الاتفاق عن قرب لا ترى أي مبرر لهذه المخاوف. وهم يشيرون إلى أن أي صفقة بين الولايات المتحدة وإيران وعلى حساب العرب الرافضين للتمدد الإيراني في المنطقة العربية مستبعدة جدا، بل إن هناك من يقول إن التمسك الأميركي بالإبقاء على العقوبات الاقتصادية على طهران، إنْ ليس كلها فمعظمها على الأقل، ما لم يتراجع الإيرانيون عن هذا التمدد، يتعارض مع ذلك. ويبدو أن هذا هو موقف تركيا وباكستان، بالإضافة إلى مواقف الدول العربية كلها باستثناء القلة القليلة من المؤلفة قلوبهم وأصحاب المصالح الخاصة والنظرة الحولاء إلى قضايا بكل هذه الخطورة.
إنه غير صحيح وك«التغميس خارج الصحن» كل هذا الذي يقال عن أن كل مصالح الولايات المتحدة غدت مرتبطة بالصين وبالشرق الآسيوي الأقصى، وأن واشنطن عازمة على إدارة ظهرها لهذه المنطقة وتركها تغرق في المشاكل المتفجرة حاليا في معظم دولها وبلدانها. فالشرق الأوسط، بنفطه وبأسواقه الاستهلاكية و«بصرفه» مئات المليارات على التسلُّح العسكري، بالإضافة إلى ممراته المائية وبالإضافة إلى وجود إسرائيل فيه، لا يزال - والواضح أنه سيبقى - منطقة مصالح حيوية أميركية لا يمكن التخلي عنها لإيران، وبخاصة في عهد هذا الحكم الذي من غير الممكن أن يراهن على أنه قد يتغير حتى أصحاب أنصاف العقول!!
ثم وعوْد على بدء، فإن السؤال المطروح أيضا هو: هل اتفاقية «الإطار العام» هذه ستصمد يا ترى حتى يوليو (تموز) المقبل حيث من المفترض أن توقع اتفاقية «النووي» مع إيران بصورة نهائية؟!
البعض يرى أنه ليس لدى إيران الغارقة في المشاكل الاقتصادية، التي ترتبت على تدني أسعار النفط وعلى العقوبات التي فرضت عليها حتى ذروة رأسها، إلا الذهاب مع ما تم التوصل إليه في لوزان حتى النهاية، لكن وخلافا لهذا فإن هناك منْ يرى أن جمهورية الولي الفقيه تتعامل حتى مع المعاهدات والاتفاقات الدولية على أساس «التقية» وإظهار شيء وإبطان شيء آخر، وأنه لا يمكن الاطمئنان إليها، والدليل هو مسيرتها منذ عام 1979 وحتى الآن.
وهكذا، وفي النهاية، فإن ما يؤكد صحة كل هذا أن المعلومات المتوافرة تتحدث عن أن التيار المتشدد في إيران، الذي يمثله حراس الثورة وبعض المحيطين بالمرشد علي خامنئي ومن بينهم علي أكبر ولايتي، غير راض عن اتفاق «الإطار العام» هذا، وأن أحد مستشاري الولي الفقيه، الذي هو حسين شريعتمداري، قد قال بالنسبة لما تم الاتفاق عليه في لوزان: «إن هذا الاتفاق ولد ميتا، وإن محمد جواد ظريف بعث إلينا بإشارة استسلام، وإن ما جرى يعني أننا سلَّمنا الحصان وتسلمنا عنانه فقط»، ثم وبالإضافة إلى هذا كله فإن عددا من أعضاء مجلس الشورى قد هاجموا وبعنف «اتفاق الإطار»، وقالوا فيه أكثر مما قاله مالك في الخمر، وحقيقة فإن هذه مؤشرات تدل على أن هناك مقاومة فعلية لتخلي إيران عن إصرارها على الحصول على القنبلة النووية، وبخاصة إن هي لن تقبض ثمن هذا التخلي بإطلاق يدها في هذه المنطقة والاعتراف بها إمبراطورية «فارسية» مهمة في الشرق الأوسط!
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.