عُرف بشم النسيم أو عيد الربيع ، وهو أقدم أعياد المصريين ، حيث اعتبره المصريون القدامى يوم بعث الحياة، ، أو بدء خلق العالم كما كانوا يتصورون ، ليتحول ذاك اليوم مع مرور السنوات الي عيد الألوان متعدد الروائح . وقد عرف ذلك الاحتفال بقدوم الربيع، منذ أكثر من خمسة آلاف سنة، دون أن يتغير اسمه كثيرا، وهو عيد "شم النسيم"، الذي كان يطلق عليه قديما "شيمو"، وكان قدماء المصريين يحتفلون به في احتفال رسمي كبير فيما يعرف بالانقلاب الربيعي، وهو اليوم الذي يتساوى فيه الليل والنهار، وقت حلول الشمس في برج الحمل . فكانوا يجتمعون أمام الواجهة الشمالية للهرم قبل الغروب، ليشهدوا غروب الشمس، فيظهر قرص الشمس وهو يميل نحو الغروب مقتربًا تدريجيا من قمة الهرم، حتى يبدو للناظرين وكأنه يجلس فوق قمة الهرم، وتظهر أحد "الجداريات" الفرعونية القديمة الاحتفال به، حيث نقش عليها منظر لأحد المصريين في مركب مع ابنته وهي تحمل زهرة اللوتس أثناء احتفالهم بعيد شم النسيم قديما. تغيير الاحتفالات أما الآن فقد اختلفت طقوس الاحتفال كثيراً حيث تقوم الأسر المصرية في ذلك اليوم ،بعمل البيض بألوانه المختلفة ، والتى تعد خصيصاً للاحتفاء بذاك اليوم ليهنأ به الأطفال كمظهر من مظاهر العيد . وقديماً كان المصريون القدماء، يعتبرون البيض الملون إحدى الشعائر المقدسة عند قدماء المصريين، وقد كانوا ينقشون على البيض دعواتهم وأمنياتهم للعام الجديد، ويضعون البيض في سلال من سعف النخيل يعلقونها في شرفات المنازل أو في أغصان الأشجار؛ لتحظى ببركات نور الإله عند شروقه فيحقق أمنياتهم . وللسمك المملح أو "الفسيخ" قصة أخرى عند المصريين ، قديماً وحالياً ، فشم النسيم لا يمر عند المصريين إلا بتناول السمك المملح ، حينها تجمع الأسرة المصرية نفسها قاصدين إحدى الحدائق العامة ، محملين بالسمك المملح بأنواعة من " فسيخ ورنجة وملوحة " لتختلط رائحة الحدائق في أوج ازدهارها مع رائحة السمك في "توليفة " يدركها المصريون جيداً مع توالي أعياد الربيع . وتنضم ظاهرة تناول السمك المملح إلي قائمة المظاهر الموروثة لدى المصريين ، فقد ذكر "هيرودوت" ، المؤرخ اليوناني الذي زار مصر في القرن الخامس قبل الميلاد وكتب عنها ، أنهم كانوا يأكلون السمك المملح في أعيادهم. وكآخر عادة من عادات المصريين الذين واظبوا عليها هى تناول البصل بجانب البيض والسمك المملح في الحدائق العامة ، كعنصر أساسي لا يمكن الاستغناء عنه في تلك المناسبة وكمكمل أساسي للمائدة لا يمر اليوم بدونه . كذلك كان البصل من بين الأطعمة التي حرص المصريون القدماء على تناولها في تلك المناسبة، وقد ارتبط عندهم بإرادة الحياة وقهر الموت والتغلب على المرض، فكانوا يعلقون البصل في المنازل وعلى الشرفات، كما كانوا يعلقونه حول رقابهم، ويضعونه تحت الوسائد، وما زالت تلك العادة منتشرة بين كثير من المصريين حتى اليوم. وبين الحاضر والماضي يظل شم النسيم كما هو بعاداته وطقوسه التى لم تتبدل كثيراً ، بروائحه وألوانه ، التى ترسم بسنيجها يوماً هاماً من أعياد المصريين .