فتح باب التقديم للوظائف الإشرافية ب تعليم القاهرة للعام الدراسي الجديد    وزارة العمل تبدأ اختبارات المرشحين للعمل في الأردن.. بالصور    الاحتياطى الفيدرالي الأمريكي يثبت سعر الفائدة عند 4.5% للمرة الخامسة    وزيرا الصحة والتضامن يستعرضان جهود التعامل مع أزمة قطاع غزة    وزير الخارجية يستعرض الانتهاكات الإسرائيلية مع مبعوث ترامب للشرق الأوسط    منتخب المصارعة يعود إلى القاهرة بعد حصد 6 ميداليات بدورة الألعاب الأفريقية المدرسية    ضبط قائد سيارة اصطدم بحاجز الأتوبيس الترددي أعلى الطريق الدائري    التعليم ترد على مزاعم أحد الطلاب بتغيير إجابة «البابل شيت»    تجارة المخدرات.. السجن المؤبد وغرامة 500 ألف جنيه بقليوب    فدوى عابد وكريم عفيفي يحضران العراض الخاص لفيلم "روكي الغلابة"    محمد رمضان يطرح أحدث أغانية «افتكروني مجنون»| فيديو    الصحة تنفي حقيقة زيادة مساهمة المريض في تكلفة الأدوية إلى 70%    بواقع 59 رحلة يوميًا.. سكك حديد مصر تُعلن تفاصيل تشغيل قطارات "القاهرة – الإسماعيلية – بورسعيد"    انطلاق المؤتمر الجماهيري لحزب الجبهة الوطنية بسوهاج لدعم المرشح أحمد العادلي    محمد إسماعيل: هدفي كان الانتقال إلى الزمالك من أجل جماهيره    مراسل "الستات مايعرفوش يكدبوا": العلمين تستقبل أعداد كبيرة من سياح العالم    خالد الجندى فى "لعلهم يفقهون": لا تخوفوا الناس من الدين    وزيرة التضامن: 176 سيارة إسعاف لغزة وننسق لإدخال 4 مستشفيات ميدانية    "هواوي" تطلق الإصدار 8.5 من حزمة السحابة في شمال إفريقيا لتعزيز الذكاء الاصطناعي    في شهرين فقط.. تامر حسني يجني 99 مليون مشاهدة بكليب "ملكة جمال الكون"    البيت الفني للمسرح ينعى الفنان لطفي لبيب    بنتايج يعود للتدريبات الجماعية مع الزمالك    ناجلسمان: تير شتيجن سيظل الحارس الأول للمنتخب الألماني    تايلاند وكمبوديا تؤكدان مجددا التزامهما بوقف إطلاق النار بعد اجتماع بوساطة الصين    مقتل 3 جنود جراء إصابة صاروخ روسي موقع تدريب للجيش الأوكراني    عاجل.. تشكيل النصر الرسمي لمواجهة تولوز وديا    مصر تواجه تونس في ختام الاستعدادات لبطولة العالم لكرة اليد تحت 19 عامًا    اجتماع موسع بشركة الصرف الصحي بالإسكندرية استعدادا لموسم الأمطار    رئيس جامعة المنيا يحفّز الأطقم الطبية قبيل زيارة لجان اعتماد مستشفيي الكبد والرمد الجامعيين    ركود السوق يهبط بأسعار الأجهزة الكهربائية 35%.. والشعبة: لا تشترِ إلا عند الحاجة    أهمية دور الشباب بالعمل التطوعي في ندوة بالعريش    توقعات الأبراج في شهر أغسطس 2025.. على برج الثور الاهتمام بالعائلة وللسرطان التعبير عن المشاعر    محافظ المنوفية تنهي استعداداتها لانتخابات مجلس الشيوخ 2025 ب 469 لجنه انتخابية    زياد الرحباني... الابن السري لسيد درويش    أحمد درويش: الفوز بجائزة النيل هو تتويج لجهود 60 عاما من العمل والعطاء    التحقيق مع صانعة محتوى شهرت بفنانة واتهمتها بالإتجار بالبشر    سباحة - الجوادي يحقق ذهبية سباق 800 متر حرة ببطولة العالم    حركة فتح: إعلان نيويورك إنجاز دبلوماسى كبير وانتصار للحق الفلسطينى    المشدد 7 سنوات لعاطلين في استعراض القوة والبلطجة بالسلام    جامعة بنها الأهلية تختتم المدرسة الصيفية لجامعة نانجينج للطب الصيني    ختام موسم توريد القمح في محافظة البحيرة بزيادة 29.5% عن العام الماضي    النيابة العامة: الإتجار بالبشر جريمة تتعارض مع المبادئ الإنسانية والقيم الدينية    "زراعة الشيوخ": تعديل قانون التعاونيات الزراعية يساعد المزارعين على مواجهة التحديات    الرعاية الصحية تعلن تقديم أكثر من 2000 زيارة منزلية ناجحة    محافظ أسوان يوجه بالانتهاء من تجهيز مبني الغسيل الكلوي الجديد بمستشفى كوم أمبو    قائد الجيش اللبناني: لن نتهاون في إحباط أي محاولة تمس الأمن أو تجر الوطن إلى الفتنة    انكسار الموجة الحارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة    أبو مسلم: جراديشار "مش نافع" ولن يعوض رحيل وسام ابو علي.. وديانج يمتلك عرضين    علي جمعة يكشف عن حقيقة إيمانية مهمة وكيف نحولها إلى منهج حياة    هل التفاوت بين المساجد في وقت ما بين الأذان والإقامة فيه مخالفة شرعية؟.. أمين الفتوى يجيب    ما معنى (ورابطوا) في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا)؟.. عالم أزهري يوضح    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    البورصة المصرية تطلق مؤشر جديد للأسهم منخفضة التقلبات السعرية "EGX35-LV"    وزارة التموين تنتهى من صرف مقررات شهر يوليو 2025 للبقالين    ترامب يكشف عن تأثير صور مجاعة قطاع غزة على ميلانيا    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    إعلام كندي: الحكومة تدرس الاعتراف بدولة فلسطين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التاريخ الفسيخي والأسطورة البصلية!
نشر في صباح الخير يوم 30 - 03 - 2010

يحتفل المصريون بمختلف طوائفهم ودياناتهم بشم النسيم أو عيد الربيع.. ذلك العيد الذي تحرص مختلف شعوب العالم قديماً علي الاحتفال به والذي اختلفت تسميته من بلد لآخر. والاحتفال بالربيع أو بشم النسيم له مذاق خاص بمصر يختلف عن أي مكان آخر بالعالم، مذاق نري فيه هويتنا المصرية تعلن بوضوح عن بقائها متمثلة في خروجنا للحدائق والمتنزهات وشواطئ النيل وتناول الأسماك المملحة والبيض الملون والخس والبصل وغيرها من المأكولات التي نحرص علي تناولها في ذلك اليوم، وهو نفس ما كان يفعله أجدادنا منذ خمسة آلاف سنة في احتفالاتهم بشم النسيم. ؟ أقدم احتفال شعبي الاحتفال بشم النسيم يرجع إلي سنة 2700ق.م بالتحديد في أواخر الأسرة الثالثة إلا أن بعض المؤرخين يرجعه إلي عصر ما قبل الأسرات.
أما عن تسميته ب«شم النسيم» فهو يرجع لكلمة هيروغليفية قديمة هي «شمو» وتعني بعث الحياة حيث كان المصريون يعتقدون أن في هذا اليوم بدأ خلق العالم، فكانت بداية الحياة وقد حرفت الكلمة علي مر السنين إلي «شم» ثم أضيفت إليها كلمة «النسيم» لارتباطه بنسيم الربيع الآتي إلينا.
ولقد تأثر بنو إسرائيل بالمصريين فأخذوا منهم احتفالهم بهذا العيد الذي واكب خروجهم من مصر فاحتفلوا به وأطلقوا عليه اسم «عيد الفصح» وهي كلمة عبرية تعني: الخروج أو العبور وجعلوه رأس السنة العبرية.
ولما كان موعد شم النسيم يتقارب مع موعد الصيام الكبير للمسيحيين الذين يمتنعون فيه عن تناول اللحوم والأسماك، ولطقوسه التي ترتبط بأكل السمك المملح والفسيخ، حدد موعد هذا العيد في اليوم الثاني بعد عيد القيامة من كل عام.
هذا وقد كان أجدادنا قدماء المصريين يحتفلون بذلك اليوم في احتفال شعبي كبير فهو اليوم الذي يتساوي فيه الليل والنهار وقت حلول الشمس في برج الحمل فيما يعرف بالانقلاب الربيعي، والذي يوافق 21 مارس في التقويم الميلادي وقد كانوا يعتقدون أن هذا اليوم يتجدد النبات فيه وتنشط الكائنات الحية.
ولقد تأثر أجدادنا بجمال الطبيعة في هذا اليوم الذي كان بالنسبة لهم حياة جديدة مفعمة بالنشاط والحيوية، فنجد أن البرديات تذكر لنا حرص المصري صباح هذا اليوم علي إهداء زوجته زهرة لوتس ولقد كانت أعواد اللوتس تقدم ملفوفة حول باقات مشكلة من نبات البردي ونباتات أخري وذلك كما تشكل باقات الورود اليوم، كما كانت تحرص النساء علي ارتداء الملابس الجذابة وتصفيف شعورهن واستخدام العطر.
كذلك كانوا يحرصون علي قضاء هذا اليوم وسط الحدائق والمتنزهات ليستمتعوا بجمال الطبيعة ومعهم البيض والفسيخ والخس والبصل والملانة وهي نفس العادات التي ظل المصريون يحرصون علي فعلها علي مر العصور.
وذكر «هيرودوت» المؤرخ اليوناني الذي زار مصر في القرن الخامس ق.م عن المصريين «أنهم كانوا يأكلون السمك المملح في أعيادهم».
كما وصف المستشرق الإنجليزي «إدوارد وليم لين» الذي زار القاهرة عام 1834م شم النسيم بقوله: «يبكرون بالذهاب إلي الريف المجاور، راكبين أو راجلين، ويتنزهون في النيل، ويتجهون إلي الشمال علي العموم؛ ليتنسموا النسيم، أو كما يقولون ليشموا النسيم، وهم يعتقدون أن النسيم- في ذلك اليوم- ذو تأثير مفيد، ويتناول أكثرهم الغذاء في الريف أو في النيل».
وفي الواقع نجد أن المصري القديم قد ارتبطت مأكولاته في هذا اليوم باعتقاده أنه يوم يمثل الخصوبة والحياة والنماء.
وحرصوا علي تناول السمك المملح «الفسيخ» الذي كانوا يستخدمون سمك قشر البياض في إعداده، وكانوا يجلبونه من مدينة «إسنا» بجنوب مصر وقد عرف المصريون عدة أنواع من الأسماك التي رسموها علي جدران مقابرهم مثل سمك البوري والشبوط والبلطي والبياض، وكان جميع أفراد الشعب يأكلون السمك المقلي أمام أبواب المنازل في وقت واحد.
أما البصل فقد ظهر ضمن أطعمة عيد شم النسيم في أواسط الأسرة السادسة، وقد ارتبط لديهم بإرادة الحياة وقهر المرض، فقد كانوا يحرصون علي تعليقه في هذا اليوم في منازلهم وعلي الشرفات وحول رقابهم، كما كانوا يضعونه تحت الوسائد، وهو الأمر الذي نجده مازال منتشراً بين الكثير من المصريين خاصة في الريف والصعيد.
ولقد ارتبط ظهور البصل بإحدي أساطير مدينة «منف» القديمة التي تروي أن أحد ملوك الفراعنة كان له طفل وحيد أصيب بمرض غامض، فاستدعي الملك الكاهن الأكبر لمعبد آمون، فنسب مرض الأمير الطفل إلي وجود أرواح شريرة تسيطر عليه، وأمر الكاهن بوضع ثمرة ناضجة من ثمار البصل تحت رأس الأمير في فراش نومه عند غروب الشمس.
فما كان إلا أن غادر الطفل فراشه، وخرج ليلعب في الحديقة وقد شفي من مرضه، فأقام الملك الأفراح في القصر لأطفال المدينة بأكملها، وشاركه الشعب في أفراحه، ولما حل عيد شم النسيم بعد أفراح القصر بعدة أيام قام الملك وعائلته، وكبار رجال الدولة بمشاركة الناس في العيد، كما قام الناس بتعليق حزم البصل علي أبواب دورهم.
كذلك كان الخس من النباتات المفضل تناولها في شم النسيم منذ الأسرة الرابعة واعتبروه من النباتات المقدسة المرتبطة بالخصوبة والتي تجلب القوة والحيوية كما نعتقد نحن فيه الآن.
- تلوين البيض
ونجد أن البيض يعد من الأطعمة المرتبطة بشم النسيم فقد كان يرمز لقدماء المصريين إلي خلق الحياة من الجماد، وقد صوَّرت بعض برديات منف المعبود «بتاح» إله الخلق عند الفراعنة وهو يجلس علي الأرض علي شكل البيضة التي شكلها من الجماد، فقد كانوا ينقشون علي البيض دعواتهم وأمنياتهم للعام الجديد، ويضعون البيض في سلال من سعف النخيل، ويعلقونها في شرفات المنازل أو في أغصان الأشجار لتحظي ببركات نور الإله عند شروقه فيحقق أمنياتهم، ولذلك كانوا يبدأون العيد بتبادل التحية (بدقة البيض)، وهي العادات التي مازال أكثرها متوارثاً إلي الآن.
أما عادة تلوين البيض بمختلف الألوان وهو التقليد المتبع في جميع أنحاء العالم، فقد بدأ في فلسطين حيث أمر القديسون بأن يصبغ البيض باللون الأحمر ليذكرهم بدم المسيح الذي سفكه اليهود حسب معتقدات الديانة المسيحية، فظهر بيض شم النسيم لأول مرة مصبوغاً باللون الأحمر، ثم انتقلت تلك العادة إلي مصر والتي مازال المصريون إلي الآن يحرصون علي تلوين البيض بألوان زاهية تتناسب مع البهجة المصاحبة لشم النسيم، وفي حين أننا نقوم الآن بتلوين بيض الدجاج كان أجدادنا المصريون القدماء يستخدمون بيض الحمام أو الأوز أو البط، وكذلك بيض النعام الكبير الحجم، وذلك كما نراه علي نقوش المعابد، أما بيض الدجاج فقد عرفه المصريون من الفرس في القرن الخامس قبل الميلاد.
وحرص قدماء المصريين أيضاً علي تناول «الملانة» وهي نبات الحمص الأخضر والتي نحرص أيضاً علي تناولها الآن، وجعلوا من نضوج ثمرة الحمص وامتلائها إشارة إلي قدوم الربيع.
- بورسعيد وحرق اللمبي
وفي حين نجد المصريين مازالوا يحافظون علي طقوس الاحتفال بشم النسيم بقضاء يومهم منذ شروق الشمس وحتي غروبها في الخروج للحدائق وركوب المراكب النيلية، وتناول كل الأطعمة التي تحدثنا عنها نجد أن أهالي بورسعيد يحتفلون ليلة شم النسيم بحرق اللمبي، وهو تقليد بدأ منذ أوائل ثلاثينيات القرن العشرين، ويعتقد أنه قد تم نقله عن بعض الجاليات الأجنبية بشمال أوروبا حيث يحتفلون بانتهاء فصل الشتاء عن طريق حرق دمية من القش.
وفيه يقومون وسط مظاهر من الغناء والرقص بصنع دمي من القماش المحشو يتسابقون في إعدادها ثم تعلق الدمي في الشارع ويقومون بحراستها إلي أن يأتي يوم الأحد السابق ليوم شم النسيم فتخرج الدمي وتحرق بعد زفة يقومون فيها بالغناء والرقص الشعبي ونجد أنهم يحرصون علي بقاء الدمي مشتعلة أطول فترة ممكنة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.