التربية قبل التعليم" شعار ردده كثير من المسئولين عن التعليم في مصر ولكن بلا جدوى، ففي الوقت الذي ينادي فيه الخبراء بضرورة تطوير المناهج التعليمية لتواكب التطورات التكنولوجية الحديثة، لا يزال البعض يؤمن بأن الطفل داخل المدرسة هو أداة يمتلكها المدرس ليفعل بها ما يشاء. فيوم بعد الآخر تنكشف قصص الأطفال الذين تعرضوا للاعتداء على يد مدرسيهم داخل المدارس، فمن التعذيب البدني والضرب، وتحولت المدارس إلى كابوس يرعب أولياء الأمور خشية تعرض أبنائهم لما يدمر حياتهم في فترة مبكرة. وآخر وقائع التعذيب ما حدث أمس بمدرسة شهداء بورسعيد التابعة لإدارة السيدة زينب التعليمية فى واقعة وفاة الطالب إسلام شرف الدين بالصف الخامس الابتدائى حيث قام المدرس بضرب الطالب على رأسه مما تسبب له بألم أدى لوفاته بعد ساعات من ضربه. في هذا السياق، قال كمال مغيث، الخبير التربوي، إن الضرب في المدارس ممنوع وفقًا لحقوق الإنسان ووثيقة حقوق الطفل التي تمنع تعرض الطفل للإيذاء البدني أو التوبيخ ". وأضاف مغيث فى تصريحاته لبوابة الوفد أن المشكلة ليست في الوثائق والقوانين؛ وإنما في اتخاذ الإجراءات التي يمكن بها تحسين الظواهر الاجتماعية الدافعة إلى انتشار العنف في المدارس، وتابع: "نحن حاليًا في حاجة ماسة إلى تأهيل المعلمين نفسيا وتربويا؛ لامتصاص طاقة الأطفال والتعامل مع أخطائهم بصورة تربوية". وأشار الخبير التربوي، إلى أن الوزارة عليها أن توفر هذه الإجراءات التأهيلية للمعلمين، بالإضافة إلى تخفيض كثافة الفصول التي تزيد من الضغط العصبي للمعلم وتجعله يستخدم العنف تجاه الطلاب. وعن عدم وجود المراكز التي تؤهل المدرسين نفسيا وتربويا، قال مغيث:"إن هناك عدم إحساس بأهميتها من قبل المعلمين والمسئولين في الوزارة، الذين يستغل بعضهم الحاجة لعقد الدورات التأهيلية في تشكيل اللجان التي تمكنهم من الاستيلاء على أموال هذه الدورات". وأضاف عبدالله فى تصريحاته لبوابة الوفد، أن من أهم الأسباب والمستحدثة فى مجتمعنا أسباب سياسية من عدم الاستقرار السياسى وكبت للحريات أدى إلى مناخ من الضغط النفسى. وأكد الخبير النفسى، أن علاج هذه الاعتداءات هو الروحانيات "الصلاة والتأمل"، مؤكدًا أن ما يحدث فى المجتمع بسبب عدم وجود العدالة الاجتماعية وانتشار الفقر والفساد الذى أدى وبشكل واضح إلى زيادة نزعة العدوان . وعن الوضع القانوني لمسألة العنف المدرسي، قال مصيلحي:" إن قانون الطفل والدستور يمنعان الإساءة للطفل، وينص القانون على أن تكون عقوبة من يعتدي بالضرب على الطفل ويحدث به إصابة هي السجن لمدة 3 سنوات، في حين تكون عقوبة المعتدي الذي لم يحدث إصابة هي السجن 6 أشهر، باعتبار أنه ارتكب جريمة تعريض الطفل للخطر فيما يكون عقوبة التعذيب المتعمد للأطفال 5 سنوات. وأوضح الخبير التربوى ، تشديد العقوبات ليس فقط على من يقومون بالتعذيب بشكل مباشر من الجنود وصغار الضباط وإنما علي كل من أصدر أمرًا أو أعطى ضوءًا أخضر أو تقاضى أو تعامى أو ساهم بأي شكل في حدوث هذه الجريمة البشعة. وأكد مصيلحى فى تصريحاته ل" بوابة الوفد" أن الجريمة كما هو معروف في أغلب الدساتير والقوانين لا تسقط بالتقادم وتظل تلاحق مرتكبيها مهما مرت عليها السنون، ولابد وأن يسبق هذا ويواكبه تدريس مادة حقوق الإنسان لطلبة المدارس وطلاب كليات الشرطة والكليات العسكرية، وتدريس أحكام القوانين الخاصة بانتهاك تلك الحقوق وارتكاب جريمة التعذيب أو غيرها . وإذا كانت الأديان كلها تعطي قداسة وحرمة لحياة الإنسان وكرامته وسلامته، فإن إيضاح ذلك لعامة الناس وخاصتهم يعمق في وعيهم قيمة الحياة وقيمة الكرامة الإنسانية ويربط كل ذلك بالعقيدة الدينية وبمنظومات القيم والأخلاق النابعة منها.