مازالت تداعيات قرار محافظ البنك المركزى بوضح حد للإيداع الدولارى بحسابات الشركات لا يتجاوز 10 آلاف دولار يومياً على الأسواق رغم أثرها الإيجابى على القطاع المصرفى. كان قطاع السلع الغذائية أكثر تضرراً، حيث أوقفت الشركات المستوردة للزيوت جميع تعاقداتها، وهو ما أدى إلي اختفاء الزيت من الحصص التموينية للشهر الحالى وربما حمل التهديد لسلع استراتيجية أخرى كالقمح. وفجر أحمد صقر، عضو الغرفة التجارية بالإسكندرية مفاجأة عندما أكد قيام الشركات الأوروبية الموردة للسلع الغذائية وشرق آسيا، خاصة العاملة في مجال إنتاج الزيوت بسحب جميع البضائع المتعاقد عليها مع الجانب المصرى من أماكنها التموينية بموانئ إيطاليا وسنغافورة وجبل على. وأوضح «صقر» أن هناك عدة بنوك مصرية عرضت على مستوردى السلع الغذائية الدفع بالنيابة عنهم للبنك الأخير المراسل في الدولة التي يتم الاستيراد منها ويتم خصمها على حساب العميل بنسبة مغالى فيها قد تصل أحياناً إلي 5٪ من ضمنها 3٪ مصاريف تدبير عملة. وأوضح «صقر» أن استمرار هذه الممارسات قد تهدد سوق المواد الغذائية بالشلل التام، مشيراً إلي عزوف الشركات المستوردة عن دفع هذه النسب في ظل التكلفة المرتفعة للسلع الغذائية وليس بإمكان المواطن تحمل فروق التكلفة. من جانبه حذر محمد إسماعيل عبده، رئيس شعبة المستلزمات الطبية بغرفة القاهرة التجارية من اضطرار مستوردى المستلزمات للتوقف عن استيرادها. مؤكداً أن قطاعاً كبيراً من السوق سوف يتأثر بذلك الإجراء في ظل العمليات الاستيرادية التي تتم معظمها لصالح المستشفيات الحكومية التابعة لوزارة الصحة. وقال إن الشركات تعاني منذ فترة بسبب ارتفاع سعر الدولار والذي أثر بدوره على العقود المبرمة وفقاً لمناقصات تحدد الأسعار والمفترض التزام الشركات بها والتي ينظم أعمالها وإجراءها قانون المناقصات الخالية نصوصه من أي استثناءات تلزم الجهة التي تقوم الشركات بالاستيراد لصالحها بتعديل أسعارها وفقاً للمتغيرات السعرية بسوق الصرف. أضاف أن الأجهزة الطبية رغم إدراجها بقائمة البنك المركزى، إلا أن التأخر في تدبير العملة كان يضطر الشركات لتدبيره من الخارج. وقال إن قرار الإيداع جاء ليسكب الزيت علي النار ويزيد من أزماتها مما يضطرها للتوقف عن إبرام أي تعاقدات جديدة. من جانبه أكد الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى الاقتصادى المصرى-العربى، أن قرار سقف الإيداع الدولارى له ميزة واحدة هي القضاء على السوق السوداء والتعامل بسعر واحد وذلك يحسن صورة الاقتصاد أمام صندوق النقد الدولى وهو ما تهتم بمؤشراته الشهرية التي تصدرها الجهات الحكومية، مستطرداً أن للقرار العديد من الآثار السلبية وأهمها عدم قدرة البنوك علي تغطية جميع الاعتمادات الاستيرادية وهو إجراء من جانب المركزى من المفترض أن يصاحب القرار. وأوضح «عبده» أنه قبل صدور القرار كانت تقوم الشركات بتدبير العملة من السوق السوداء في حالة تأخر البنك في تدبير العملة وتلجأ أحياناً شركات أخرى لديها حسابات دولارية ضخمة بالبنوك للتقدم للبنك بطلب الخصم من حسابها تجنباً لإلغاء الصفقة من جانب الشركات الموردة بالخارج، مستطرداً الواقع الفعلي أن اللجوء لهذه الأساليب قد توقف لسببين أن البنوك بالفعل لا تدبر الدولار، والثاني أن قرار المركزى بوضع حد أقصى 50 ألف دولار شهرياً في حسابات الشركات يغل أيديها من تدبير العملة لصالح الصفقة المتفق عليها وهو ما يؤدى لعزوف الشركات عن الاستيراد. وقال إن أكثر القطاعات التي ستتأثر بالقرار هو قطاع المواد الغذائية، موضحاً أن القرار كان من المفترض أن تصاحبه خطوات تكميلية تشكيل لجنة من الخبراء الفنيين لوضع حلول للأزمات الناتجة عن القرار بحيث يلبي احتياجات الحكومة والشركات وفي النهاية تصب لصالح المواطنين، مؤكداً إمكانية معالجة مشكلة الغلاء التي ستظهر اليومين القادمين وفي مقدمتها أن تضطلع الشركة القابضة للصناعات الغذائية بدورها القومى في الاستيراد مباشرة من الأسواق الخارجية ذلك بهامش ربح لا يتعدى 30٪ مما سيضطر الشركات التابعة للقطاع الخاص لخفض أسعارها، فضلاً عن إمكانية عقد لقاءات دورية مع ممثلين لاتحاد الصناعات والمستثمرين والغرف التجارية للاتفاق علي هامش ربح لا يمكن تجاوزه والتهديد بوضع قوائم سوداء للشركات والتجار المخالفين.