رسميًا.. "عين شمس" تحصد الاعتماد المؤسسي من هيئة ضمان الجودة    "الجبهة الوطنية" يعلن تشكيل أمانة العلاقات الحكومية برئاسة عبدالظاهر    أهالي العصافرة يستقبلون البابا تواضروس الثاني    الوادي الجديد تُطلق تطبيقًا رقميًا لتسهيل حصول المواطنين على الخدمات الحكومية    الحكومة عن قانون الإيجار القديم: الطرد ليس حتميا بعد انتهاء المدة الانتقالية    أبو عبيدة: جنائز وجثث جنود الجيش الإسرائيلي ستصبح حدثًا دائمًا ما دام استمر العدوان ضد شعبنا    قائد الحرس الثوري الإيراني يحذر من "رد قوي" حال خرق الهدنة مع إسرائيل    ترامب يهاجم أول من نشر التقييم الاستخباراتي بشأن إيران.. ويطالب بطردها    ترامب: زهران ممداني مرشح الديمقراطيين لرئاسة بلدية نيويورك شيوعي مجنون    عاجل.. عرض خليجي ل طاهر محمد طاهر بعد مونديال الأندية    الزمالك يطلب 6 ملايين دولار لبيع حسام عبدالمجيد    طاهر أبوزيد: الأهلي عانى دفاعيًا في كأس العالم للأندية.. وشوبير يستحق فرصة    حرس الحدود يقيم معارض توعوية ضمن فعاليات اليوم العالمي لمكافحة المخدرات 2025 في مختلف مناطق المملكة    عمرو دياب يحتل "إكس" في نصف ساعة .. و"ابتدينا" كلمة السر    السعودية تستبدل كسوة الكعبة المشرفة مع حلول العام الهجري الجديد    الجمعة.. مدحت صالح وعمرو سليم على المسرح الكبير بالأوبرا    تغيير الاستراتيجيات وتطوير الجيش المصرى    فوز رجال الطائرة الشاطئية على النيجر في بطولة أفريقيا    «التعليم العالي»: 21 طالبًا مصريًا في برنامج التدريب البحثي الصيفي بجامعة لويفيل الأمريكية    تسليم مساعدات مالية وعينية ل 70 حالة من الأسر الأولى بالرعاية في المنوفية    التشكيل الرسمي لمواجهة صن داونز وفلومينينسي في كأس العالم للأندية    لجنة التعاقدات في غزل المحلة تواصل عملها لضم أفضل العناصر المرشحة من عبد العال    مينا مسعود يخطف الأنظار ب "في عز الضهر".. والإيرادات تقترب من 3 ملايين في أسبوعه الأول    هل شريكتك منهن؟.. نساء هذه الأبراج مسيطرة وقوية    أستاذ علاقات دولية: إيران وإسرائيل وأمريكا يرون وقف إطلاق النار انتصارا    ما حكم الزواج العرفي؟ أمين الفتوى يجيب    هيئة الشراء الموحد توقع اتفاقية مع شركات فرنسية لإنشاء مصنع لتحديد فصائل الدم    علاج 686 شخصًا مجانًا في قنا.. وحملة توعية لتحذير المواطنين من خطورة الإدمان    رئيس الوزراء: مصر نجحت في إنتاج وتصنيع أجهزة السونار محليًا لأول مرة    محافظ بورسعيد: هذه إنجازات الدولة المصرية على أرض المحافظة خلال عام    مصدر من اتحاد الكرة ل في الجول: إقامة كأس مصر خلال تحضيرات المنتخب لكأس الأمم    الزمالك يستعيد أرض مرسى مطروح بحكم نهائي من المحكمة الإدارية العليا    محافظ بورسعيد يكشف سبب ارتفاع الحد الأدنى للقبول بالصف الأول الثانوي    أيمن سليم: "عبلة كامل حالة استثنائية وهتفضل في القلب"    مصرع طفل غرقا في بحر يوسف ببني سويف    أجمل عبارات ورسائل التهاني بمناسبة رأس السنة الهجرية الجديدة 1447ه    بعد قليل.. الإفتاء تعلن موعد أول أيام العام الهجري 1447    الإفتاء تكشف عن حكم التهنئة بقدوم العام الهجري    محافظ الغربية يتابع سير العمل بمشروع الصرف الصحي في عزبة الناموس بسمنود    الصين: مستعدون للعمل مع "بريكس" لإحلال السلام في الشرق الأوسط ودعم الأمن الإقليمي    الاتحاد العربي للفنادق والسياحة يُكلف محمد العجلان سفيرًا للاتحاد.. ويُشكل الهيئة العليا للمكتب بالسعودية    شرب الماء أثناء الأكل يزيد الوزن- هل هذا صحيح؟    «يومين في يوليو».. «المحامين» تعلن موعد الإضراب العام اعتراضًا على الرسوم القضائية    الرقابة الإدارية تنفى صدور أى تكليفات لها بضبط عضو نيابة عامة أو ضباط    عاطل يقتل شقيقه السائق بعيار ناري خلال مشاجرة بسبب خلافات بشبرا الخيمة    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 1447    الرقابة الإدارية توكد عدم صحة ما تداول بشأن ضبط أحد أعضاء الهيئات القضائية    زد يضع الرتوش النهائية على صفقة ضم خالد عبد الفتاح من الأهلي    «النداهة».. عرض مسرحي في «ثقافة القصر» بالوادي الجديد    جيش الاحتلال يعلن اعتراض مسيرة أطلقت من اليمن قبل دخولها المجال الجوي    من البحر إلى الموقد.. كيف تؤمن سفن التغويز احتياجات مصر من الغاز؟    «العربية لحقوق الإنسان»: مراكز المساعدات لمؤسسة غزةتشكل انتهاكاً خطيراً لمبادئ القانون الإنساني    قرار جمهوري بتعيين سلافة جويلي مديرا للأكاديمية الوطنية للتدريب    تطور قضائي بشأن السيدة المتسببة في حادث دهس "النرجس"    محافظ الجيزة يتابع ميدانياً جهود إطفاء حريق بمخزن دهانات بمنطقة البراجيل بأوسيم    المشاط تبحث مع المنتدى الاقتصادي العالمي تفعيل خطاب نوايا «محفز النمو الاقتصادي والتنمية»    خالد عبد الغفار يوجه بضرورة تطوير التقنيات الحديثة في مجال الصحة الرقمية    رسميًا درجات تنسيق الثانوية العامة 2025 في بورسعيد.. سجل الآن (رابط مباشر)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جورج سمعان يكتب : "ثلاثية"جديدة لاحتواء إيران ومواجهة الإرهاب؟
نشر في الوفد يوم 02 - 03 - 2015

الرئيسان المصري والتركي سمعا من المملكة العربية السعودية أصداء المناورات البحرية لإيران في الخليج. ولكن، من المبكر أن يلتقيا معاً.
يمكن الرياض أن تشكل عامل تنسيق في المرحلة الحالية بين كل الأطراف التي يقلقها التوسع الإيراني، وما قد يترتب على اتفاقها مع الولايات المتحدة بعد الاتفاق على تسوية ملفها النووي، والتي يقلقها أيضاً انتشار حركات الإرهاب «الداعشي» و«القاعدي»، من العراق وسورية إلى اليمن وسيناء وليبيا. الرئيس عبدالفتاح السيسي جدد عشية زيارته المملكة التزامه أمن الخليج. عدّه «خطاً أحمر». ونبه إلى أن الأمن القومي لمصر يمر عبر دول الخليج. جاء يحمل مشروعه لترجمة هذا الالتزام: إنشاء قوة عربية بمن حضر إذا تعذر الإجماع في القمة العربية قريباً. أي من مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت. ويأمل الرئيس رجب طيب أردوغان، في زيارته اليوم، بإعادة الحرارة إلى العلاقات بين تركيا والسعودية. فهو أيضاً يرغب في مقاربة الحرب على الإرهاب بما يحقق له من مصالح. مثلما يرغب في إقامة تنسيق إقليمي يحد من طموحات طهران وسعيها إلى إقرار واعتراف دوليين بنفوذها في الإقليم وبمكاسب يمكن أن يعوضها ما تقدم من تنازلات في برنامجها النووي.
المناورات البحرية ل «الحرس الثوري» في الخليج تندرج في سياسة التصعيد التي تنهجها إيران كلما اقترب موعد الحسم في مفاوضاتها مع الدول الخمس الكبرى وألمانيا. تجلى ذلك في إصرارها على دور ميليشيات «الحشد الشعبي» في الحرب على «الدولة الإسلامية» في العراق. وانتشارها في مزيد من المواقع من دون أي اعتبار للتغييرات الديموغرافية الناتجة من ذلك. وتجلى أيضاً في قيادتها المباشرة للحملة العسكرية التي تخاض في جبهتي الشمال والجنوب السوريين بغية تحقيق مكاسب ميدانية تعزز ميل بعض القوى المعنية إلى إعادة تأهيل النظام وإشراك رأسه في أي تسوية سياسية. ومن تجليات ذلك اندفاع الحوثيين في اليمن واحتلالهم صنعاء ومحافظات عدة، والتمهيد لوضع أقدامهم على باب المندب.
تحمل المناورات أكثر من رسالة إلى الداخل والخارج. تتوخى أن تطغى تصريحات القادة العسكريين وما تحمل من تلويح بقدرات هائلة للجمهورية في مواجهة خصومها، على ما قد تحمله بنود الاتفاق المتوقع مع الدول الست من تنازلات في البرنامج النووي. علماً أن بعض المتشددين لا يزال يعتقد بأن التمسك بهذا البرنامج يتيح لها حماية الانتشار والنفوذ اللذين تحققا في المنطقة العربية، ويقيها أية تراجعات قد تترك آثاراً وتداعيات شعبية غير محمودة. ويغيب عن بال هؤلاء أن استمرار تدهور أسعار الطاقة وكثير من العقوبات سيؤدي بدروه إلى مثل هذه التداعيات. لذلك، قد لا تجد القيادة الإيرانية مفراً من تجرع «كاس السم»، كما فعل الخميني لوقف الحرب مع العراق. من هنا، إصرار المرشد خامنئي على اتفاق يسقط كل العقوبات أو يعلقها في مقابل تجميد البرنامج النووي. وترغب أيضاً في توجيه رسالة إلى جميع الذين لا يزالون يلوحون بالخيار العسكري إذا انهارت المفاوضات هذا الشهر. تريد تنبيههم إلى أنها حاضرة وجاهزة هي أيضاً للخيار العسكري. كما أن التلويح بالقدرة على إغلاق مضيق هرمز لن يقلق السوق النفطية. فالإغلاق قد يكون سهلاً من الناحية العسكرية. لكن آثاره ستطاول الجمهورية الإسلامية مثلما ستطاول خصومها. علماً أن ثمة محاذير وعواقب خطيرة لمغامرة كهذه. فلا الولايات المتحدة ولا الغرب ولا المجتمع الدولي يمكن أن تسكت على إقفال ممرات الطاقة. مثل هذا الأمر لم يحدث في ذروة حروب الخليج الثلاث في العقود الماضية، فلماذا يبدو بهذه السهولة اليوم؟
لكن ضجيج المناورات في الخليج، ودخان المعارك التي تخوضها إيران وحلفاؤها في كل المنطقة لا يخفيان حقيقة أن هذا الاندفاع الذي واكب التقدم في المفاوضات النووية، لم يحقق حتى الآن غاياته. بداية الحرب على «داعش» في العراق لم تكن بلا ثمن. تنحية نوري المالكي كانت البداية. وتحرير الموصل وباقي المدن العراقية من قبضة «أبي بكر البغدادي» لن يكون بلا ثمن تقدمه بغداد، ومن خلفها طهران. ثمن للكرد في المناطق المتنازع عليها، وحصة مضمونة من الموازنة المركزية. وثمن لأهل السنّة الذين ينتظر الجميع انخراطهم في الحرب على التنظيم، فيما هم ينتظرون تصحيح تمثيلهم السياسي وحصتهم في القرار السياسي والاقتصادي والعسكري. علماً أن زعماء العشائر لم تعد لهم، في ظل سطوة «الخليفة»، السلطة التي كانت لهم أيام «أبي مصعب الزرقاوي». أما الجهود العسكرية والمالية التي تبذلها طهران في سورية فلم تبدل في الواقع الميداني على الأرض، لا في ريف حلب ولا في القنيطرة ودرعا. كما أن المساعي لتسويق مشروع بقاء الرئيس بشار الأسد، أو ترسيخ فكرة التعامل معه ضرورة لنجاح الحرب على الإرهاب، لا تجد لها صدى فعلياً أو قبولاً في الأوساط الأميركية والأوروبية. والوضع في اليمن ليس أفضل حالاً. «الهجمة المضادة» التي يقودها الرئيس عبد ربه منصور هادي كبحت جماح الحوثيين. وبات التأييد الداخلي والخليجي والدولي الذي يتمتع به الرئيس الشرعي في عدن سلاحاً جاهزاً لتقويض الكثير مما حققه «أنصار الله».
مقابل هذه التحديات التي تواجه إيران، لا تبدو أوضاع خصومها أفضل حالاً. الرئيس السيسي يحذر من «أن المنطقة العربية في خطر وفي أضعف حالاتها. وأن الجسد العربي مثقل بالجروح». لذلك، يبحث اليوم عن سبل لتفعيل العمل العربي المشترك. أو عن هيكل يمكن أن يشكل رافعة لإعادة الروح إلى ما بقي من الجامعة. لم تفلح دعوته المجتمع الدولي إلى الانخراط في مواجهة الإرهاب في ليبيا. ولن تفلح دعوته في تحقيق إجماع عربي. لا يبقى أمامه سوى اللجوء إلى «قوة عربية بمن حضر». لا يحتاج إلى قوات بمقدار حاجته إلى غطاء سياسي ومالي لقواته في مواجهة تحديات الداخل وحركات التطرف على الحدود الغربية. يريد «تحالفاً» عربياً مع السعودية والأردن والإمارات والكويت، على غرار التحالف الدولي - العربي في بلاد الشام. وإذا التقت مواقف هذه الدول على سبل التعامل مع الأزمتين الليبية واليمنية ومع النفوذ الإيراني، فإن مثل هذا التلاقي في الأزمة السورية ليس متوافراً، كما حاله بين هذه الدول وتركيا. في أي حال لم تكن مصر ودول الخليج تحتاج إلى ما يؤكد حقيقة تاريخية مفادها أن الأمن الوطني لأهل الخليج جزء لا يتجزأ من الأمن القومي لمصر. لم يكن الطرفان يحتاجان إلى اختبار هذه الحقيقة في ضوء التطورات التي شهدتها المنطقة، من «العواصف» الداخلية، إلى تنامي ظاهرة الإرهاب وتقدم النفوذ الإيراني.
لعل المستجد في هذه الحقيقة أن دول الخليج ربما كانت في حاجة إلى إعادة الانخراط في تفاهم الحد الأدنى مع تركيا كثقل ديموغرافي وعسكري واقتصادي فاعل في أكثر من ساحة عربية، يعوضها خروج العراق وسورية من الحسابات الاستراتيجية العربية لإعادة التوازن مع الحضور الإيراني. والواقع أن الطرفين، العربي والتركي، يحتاج أحدهما إلى الآخر. فقدت السعودية سورية التي كانت تشكل الضلع الثالث والفاعل مع مصر لقيادة العمل العربي المشترك، والحفاظ على الاستقرار في الإقليم. مثلما فقدتها تركيا بوابة إلى بلاد الشام ومدخلاً إلى شمال شبه الجزيرة العربية. لكن هذه الحاجة المتبادلة لا تلغي اختلافات كثيرة بين الطرفين حيال عدد من القضايا وعلى رأسها قضية «الإخوان المسلمين»، والموقف من النظام المصري وسبل معالجة الأوضاع في ليبيا وغيرهما من القضايا، إضافة إلى توجس العرب من طموحات أردوغان «العثمانية»، وسعيه إلى تقديم نفسه نموذجاً إسلامياً مثالياً يصلح لعموم دول المنطقة.
لن يكون سهلاً أن تدير السعودية سياسة تقوم على ترسيخ التحالف مع مصر وإعادة الحرارة وبناء علاقات متينة مع تركيا. فالصراع القائم بين القاهرة وأنقرة يحتاج إلى جهود جبارة لإطفاء حريقه. لكن الرياض التي عرفت لعقود كيف تهندس العلاقات بين مصر وسورية على رغم تصادم سياساتهما في كثير من الملفات، يمكنها أن تكرر التجربة بين السيسي وأردوغان. ظل اللقاء الثلاثي بين السعودية ومصر وسورية يعمل لعقود على رغم التعارض بين الدولتين الأخيرتين في الموقف من قضيتي فلسطين ولبنان، منذ «جبهة الصمود والتصدي»، إلى حروب اللبنانيين. ومن الحرب العراقية - الإيرانية إلى العلاقات مع نظام صدام حسين... والعلاقات مع تركيا قبل صعود حزب العدالة والتنمية. ولائحة الخلافات كانت طويلة، لكنها لم تفسد ود هذا اللقاء. والقيادة الجديدة في الرياض بدت على مستوى التحدي في ردها على الخطوات الأخيرة لإيران. فقد راهنت الأخيرة ربما على انشغال هذه القيادة بترتيب الوضع الداخلي بعد رحيل الملك عبدالله، وسعت إلى إرباكها في اليمن ومياه الخليج. يمكن الرياض أن تجمع بين القطبين السنّيين الكبيرين في المنطقة على رغم ما بينهما من فروقات... إذا كان هدف الدول الثلاث الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في أية تغييرات سيخلفها الاتفاق المتوقع بين إيران والولايات المتحدة، وما قد تسفر عنه الحرب على الإرهاب التي لا يبدو أن أميركا راغبة في الرمي بثقلها لتغيير المعادلة على الأرض. بل هناك دوائر في واشنطن وعواصم غربية عدة ترى إلى الصراع المذهبي في الإقليم حرباً داخلية بين المسلمين، فلماذا تتدخل؟ يأتي التدخل بعد أن يرتفع صوت المتصارعين على أنقاض ما يبقى من خريطة المنطقة!
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.