تلعب لغة الجسد دورًا هامًا وحيويًا فى التعبير عن مدى صدق وجدية الطرف الذى يقوم بالحديث، للدرجة التى تجعلها بوابة نفاذ متلقى الحديث إلى أعماق المتحدث. ويمكن لحركة يد مفاجئة أو تعبير من تعبيرات الوجه، أن يعكسا مواقف كامنة لا يستطيع المتحدث الإفصاح عنها، لذا تحرص الكثير من الدول وخصوصًا الكبرى منها، على إطلاع كبار مسئوليها على قواعد هذه اللغة، إذ قد تعتبر نظرة لساعة يد "استهتارًا" بممثل الدولة الأخرى عند إلقاء بيان مشترك لدولتين، كما فعل المعزول مرسى عند إلقاء خطابه إلى جانب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الأمر الذى أثار كثيرًا من التعليقات فى حينها. وفى هذا الصدد، رأى عدد من خبراء لغة الجسد وعلم النفس، أن لغة الجسد التى ظهر بها الرئيس السيسي فى خطابة إلى الأمة، مساء أمس الأحد، عكست قدرًا كبيرًا من "الثبات الانفعالي" والثقة بالنفس، لافتين إلى أن الإخراج الجيد للحديث، أسهم فى ظهور الحديث بشكل مشرف. من جانبه قال الدكتور ماهر الضبع، خبير لغة الجسد، وأستاذ علم النفس بالجامعة الأمريكية، إن الحديث الذى ألقاه الرئيس السيسي للأمة بالأمس، تم الإعداد له بدقة وحرفية شديدة، موضحًا أن ذلك يظهر فى طريقة الإخراج والتصوير. وأشاد الضبع فى تصريحات ل"بوابة الوفد"، بجودة إخراج الحديث، مُضيفًا أنه للمرة الأولى يخرج حديث للرئيس بهذا المستوى برغم طول مدته، إلا أنه تلاحظ تعرض الرئيس لنقاط محددة ولم يتطرق لأى نقاط جانبية، مشيرًا فى الإطار ذاته إلى أن جودة الإخراج، جعلت من الصعب أمام خبراء لغة الجسد، قراءة لغة جسد الرئيس التى ظهر بها خلال الحديث. وتابع:"الرئيس كان يتحدث بتلقائية وشفافية، للدرجة التى جعلت متلقى الحديث يشعر بأن الرئيس يتحدث من قلبه، إذ لم يظهر أى تعبير يدل على التوتر أو الانفعال، وهو ما انعكس فى إضفاء قدر كبير من الثقة على خطاب السيسي". من جهتها قالت رغدة السعيد، خبيرة لغة الجسد، إن الرئيس السيسي استطاع إزالة الحاجز الذى يقف بين المشاهد وبين خطاب أى مسئول، حيث ظهر فى الحديث جالسًا على كرسى، ولم يستخدم مكتب لإلقاء حديثه، وهو ما ساعد على توصيل رسالته للمواطن بسهولة. وأشارت السعيد فى تصريحات ل"بوابة الوفد"، إلى طريقة جلوس الرئيس خلال الحديث، وهى الطريقة القديمة التى اعتاد الظهور بها عندما كان وزيرًا للدفاع، عبر وضع يديه على ركبتيه، الأمر الذى يوحى بالقوة والهيبة. وأكدت خبيرة لغة الجسد أن الثبات الانفعالي هو السمة الأساسية لحوار الرئيس، حيث ركزت الكاميرات فى أكثر من مشهد على حركة اليد وتعبيرات الوجه، وكانت حركات اليد قليلة مقارنة مع خطابات سابقة،ولم ترتفع يد الرئيس عن منطقة الوسط، وهو ما يدلل على الثقة بالنفس، مؤكدة أن ارتفاع اليد عن منطقة الوسط يدل على الانفعال. ونصحت السعيد بعدم الخروج فى حديث مماثل بصفة شهرية طبقًا لما أعلن عنه الرئيس، معتبرة أن ذلك يضر بعنصر التشويق الذى تتسم به خطاباته، مبدية تفضيلها الشخصى لأن يكون ما بين الحديث والآخر مدة لا تقل عن 50 يومًا. فى السياق ذاته قال الدكتور عادل مدنى، رئيس قسم الطب النفسى بجامعة الأزهر، إن حديث السيسي غلب عليه طابع المكاشفة، حيث تطرق خلاله إلى أوضاع البلاد فى بداية ولايته، وأوجه التحسن التى تحققت بها فيما بعد. وأضاف فى تصريح ل"بوابة الوفد"، أن الحديث سيطر عليه البساطة والوضوح وعدم التكلف أو الغلو فى انتقاء الكلمات، وهو ما سهل على المواطن استيعاب ما جاء به.