أثارت قرارات المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء الصادرة مؤخرا والخاصة بتطبيق الحد الأقصى للأجور على العاملين ببنك الإسكان والتعمير والبنك المصرى للصادرات جدلا واسعا، وهو ما حسمته محكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار يحيى الدكرورى نائب رئيس مجلس الدولة، عندما أصدرت حكمها التى أكدت فيه أن قرار محلب الصادر بتطبيق الحد الأقصى للأجور على موظفى بنك الإسكان والتعمير والبنك المصرى للصادرات خالف أحكام الدستور والقانون مخالفة جسيمة تهوى به إلى درك الانعدام ويجعله عديم الأثر. جاء ذلك فى الحيثيات التى أودعتها محكمة القضاء الإدارى لحكمها الصادر بإلغاء قرار المهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء الخاص بتطبيق الحد الأقصى للأجور على موظفى بنك الاسكان والتعمير والبنك المصرى للصادرات. وقالت المحكمة أن قرار محلب ينطوي على مخالفة صريحة لأحكام القرار بقانون رقم 63 لسنة 2014 والخاص بالحد الأقصى لدخول العاملين لدى أجهزة الدولة، والذي حدد في عبارات صريحة وواضحة المخاطبين بأحكامه على سبيل الحصر وليس من بينهم العاملون بالشركات، فضلا عن أن القرار بقانون ألزم الجهات التي يحصل منها المخاطبون بأحكامه على الأجربإبلاغ جهات عملهم بالمبالغ التي تصرف لهم دون ان يمد نطاق تطبيقه على العاملين بكافة هذه الجهات ،لأن بعض هذه الجهات من الاشخاص الاعتبارية الخاصة وذلك اتقاء شبهة مخالفة الدستور . وأوضحت المحكمة أن البنكين يتخذان شكل شركة مساهمة مصرية ويسري عليهما أحكام قانون شركات المساهمة وقانون البنك المركزي، ولهما شخصية اعتبارية مستقلة، وتعتبر أموالهما أموالا خاصة، مشيرة إلى أن قرار رئيس الوزراء بشأنهما استحدث قاعدة قانونية جديدة لم يتضمنها القانون، وخالف الالتزام الدستوري الذي يقضي بأن اللوائح الصادرة لتنفيذ القوانين لا تتضمن تعديلا للحكم في القانون أو تعطي لا لمقتضاه، كما خالف المادة 27 من الدستور والتي نصت صراحة على الالتزام بتطبيق الحد الاقصى للاجور على العاملين بأجهزة الدولة، وعبارة "أجهزة الدولة "لا تنصرف إلا للأجهزة التي تندرج في نطاق السلطة التنفيذية للدولة وعلى نحو ما حدده الدستور ولا ينسحب لغيرها، وبالتالي فالبنكان لا يندرجان بأي حال ضمن أجهزة الدولة. وأكدت المحكمة في حيثياتها أن أهم السلبيات المترتبة على تنفيذ القرار من شأن تطبيقه على العاملين بالبنك تصير المبالغ التي تصرف لهم بالزيادة عن الحد الاقصى المقرر قانونا للخزانة العامة ، وهو ما يشكل سلبا لاختصاصات الجمعية العمومية ومجلس ادارة البنك باعتبارهما المنوط بهما ادارة البنك وتصريف اموره لكونه من اشخاص القانون الخاص، ومن ناحية ثانية يعد مصادرة للمال الخاص بالبنك في غير الأحوال المقررة قانونا ودون حكم قضائي، ومن ناحية ثالثة يشكل اعتداء على أول الحقوق اأساسية للعامل وهو الحق في تقاضي أجر مقابل العمل. ولفتت المحكمة إلى أن العامل حينما ينخرط في العمل إنما يضع في اعتباره المقابل الذي سيتقاضاه والذي تم الاتفاق عليه، فإذا ما تم الانتقاص من هذا المقابل دون مقتضى قانوني عد ذلك مصادرة للمال الخاص ،ويمثل كذلك تقويضا للبنكين عن أداء دورهما الاجتماعي في خدمة الاقتصاد الوطني والمجتمع بالمخالفة للدستور الذي كلف الدولة بالعمل على اتخاذ التدابير اللازمة لتحفيز القطاع الخاص أداء مسئوليته الاجتماعية في خدمة الاقتصاد الوطني والمجتمع. واضافت المحكمة أن امتلاك الدولة لاسهم بالبنكين لا تغير من الطبيعة القانونية لهما باعتبارهما من الاشخاص الاعتبارية الخاصة، وهو ما اكده قانون انشاء البنكين من اعتبار امواله رغم ملكية الدولة لها اموال خاصة. وأضافت أنه في ضوء المخالفات الدستورية والقانونية للقرار فعلى الدولة الالتزام بأحكام الدستور والقانون فيما تجريه من تصرفات، تحقيقا للدولة القانونية التي تتقيد في ممارستها لسلطاتها بقواعد قانونية تعلو عليها وتردها على أعقابها إن هي جاوزتها، فسلطاتها هذه وأيا كان القائمون عليها لا تعتبر امتيازا شخصيا لمن يتولونها ولا هي من صنعهم ولكن تباشرها بالنيابة عن المجتمع ولصالحه. الجدير بالذكر أن هذا الحكم ليس الأول من نوعه فقد سبقته فتوى قانونية صادرة من الجمعية العمومية للفتوى والتشريع بضرورة بطلان قرار محلب بتطبيق الأقصى للأجور على العاملين بالشركة المصرية للاتصالات مؤكدة على وجود العديد من المخالفات التى شابت قرار محلب.