أودعت محكمة القضاء الإداري، حيثيات حكمها بإلغاء قرار رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، بتطبيق الحد الأقصى للأجور على موظفي بنك الإسكان والتعمير والبنك المصري للصادرات. ذكرت المحكمة أن القرار بقانون إلزم الجهات التي يحصل منها المخاطبون بأحكامه على الأجر بإبلاغ جهات عملهم بالمبالغ التي تصرف لهم دون ان يمد نطاق تطبيقه على العاملين بكافة هذه الجهات، لأن بعض هذه الجهات من اأشخاص الاعتبارية الخاصة وذلك اتقاء شبهة مخالفة الدستور .
وأوضحت المحكمة أن البنكين يتخذا شكل شركة مساهمة مصرية ويسري عليهما احكام قانون شركات المساهمة وقانون البنك المركزي، ولهما شخصية اعتبارية مستقلة، وتعتبر اموالهما اموالا خاصة، مشيرة إلى أن قرار رئيس الوزراء بشأنهما استحدث قاعدة قانونية جديدة لم يتضمنها القانون، وخالف الالتزام الدستوري الذي يقضي بأن اللوائح الصادرة لتنفيذ القوانين لا تتضمن تعديلا لحكم في القانون او تعطيلا لمقتضاه، كما خالف المادة 27 من الدستور والتي نصت صراحة على الالتزام بتطبيق الحد الاقصى للاجور على العاملين بأجهزة الدولة، وعبارة "أجهزة الدولة "لا تنصرف إلا للأجهزة التي تندرج في نطاق السلطة التنفيذية للدولة وعلى نحو ما حدده الدستور ولا ينسحب لغيرها، وبالتالي فالبنكين لا يندرجا بأي حال ضمن أجهزة الدولة.
ورصدت المحكمة في حيثياتها أهم السلبيات المترتبة على تنفيذ القرار قائلة أن من شأن تطبيقه على العاملين بالبنك ايلولة المبالغ التي تصرف لهم بالزيادة عن الحد الاقصى المقرر قانونا للخزانة العامة ، وهو ما يشكل سلبا لاختصاصات الجمعية العمومية ومجلس ادارة البنك باعتبارهما المنوط بهما ادارة البنك وتصريف اموره لكونه من اشخاص القانون الخاص، ومن ناحية ثانية يعد مصادرة للمال الخاص بالبنك في غير الاحوال المقررة قانونا ودون حكم قضائي، ومن ناحية ثالثة يشكل اعتداء على اول الحقوق الاساسية للعامل وهو الحق في تقاضي اجر مقابل العمل ولفتت المحكمة أن العامل حينما ينخرط في العمل انما يضع في اعتباره المقابل الذي سيتقاضاه والذي تم الاتفاق عليه، فاذا ما تم الانتقاص من هذا المقابل دون مقتضى قانوني عد ذلك مصادرة للمال الخاص ،ويمثل كذلك تقويض للبنكين عن اداء دورهما الاجتماعي في خدمة الاقتصاد الوطني والمجتمع بالمخالفة للدستور الذي كلف الدولة بالعمل على اتخاذ التدابير اللازمة لتحفيز القطاع الخاص لاداء مسئوليته الاجتماعية في خدمة الاقتصاد الوطني والمجتمع.
واستطردت أن امتلاك الدولة لاسهم بالبنكين لا تغير من الطبيعة القانونية لهما باعتبارهما من الاشخاص الاعتبارية الخاصة، وهو ما اكده قانون انشاء البنكين من اعتبار امواله رغم ملكية الدولة لها اموال خاصة.
وأضافت أنه في ضوء المخالفات الدستورية والقانونية للقرار فعلى الدولة الالتزام باحكام الدستور والقانون فيما تجريه من تصرفات، تحقيقا للدولة القانونية التي تتقيد في ممارستها لسلطاتها بقواعد قانونية تعلو عليها وتردها على اعقابها إن هي جاوزتها، فسلطاتها هذه وأيا كان القائمون عليها لا تعتبر امتيازا شخصيا لمن يتولونها ولا هي من صنعهم ولكن تباشرها بالنيابة عن المجتمع ولصالحه.