تعالت فى الفترة الأخيرة بعض الأصوات التى تنادى بضرورة تقنين الحصانة البرلمانية، حتى لا يتم استغلالها فى قضايا فساد كما كان يحدث من قبل، حيث دشن عدد من الشباب حملة جديدة باسم «امنع حصانة» للمطالبة بقصر الحصانة البرلمانية على وضع النائب تحت قبة البرلمان فقط، الأمر الذى أثار غضب رجال القانون، موضحين أن النائب يقوم بدور رقابى على سلطات الدولة، إلى جانب دوره التشريعى، الأمر الذى يستوجب تحقيق الأمان الكافى له فى مواجهة السلطة. وفيما يخص القوى السياسية، فقد اختلفت فيما بينها، فمنهم المؤيد لتلك الحملات الذى يرى ضرورة تقنين الحصانة البرلمانية، معللاً ذلك بعدم تكرار تجارب استغلالها فى قضايا فساد كما كان يحدث فى عهد مبارك، وآخرون يعتبرون أن القانون كاف ولا يمنع محاكمة النائب، مؤكدين أن نظام مبارك كان يستخدم التحايل على القانون وطرق ملتوية لتنظيم فسادهم. فى البداية قال إسلام الكتاتنى، مؤسس حملة امنع حصانة: إنه من حق المصريين أن يمثلهم نواب «محترمون» لا يعتمدون على الحصانة البرلمانية كغطاء لإخفاء الكثير من فسادهم، موضحاً أنه دعا إلى تأسيس حملة «امنع حصانة» لتوعية المواطنين بأهمية تقنين الحصانة البرلمانية حتى لا يتكرر ما كان يحدث من الحزب الوطنى داخل البرلمانات السابقة. وحذر «الكتاتنى» فى تصريحات خاصة ل «الوفد»، من الانصياع وراء من الاعتماد على فكرة أن «الدنيا أتغيرت» فى قياس الكثير من الأمور، مشيراً إلى أن الدنيا لن تتغير إلا بتشريع قانون ينصاع له كل المصريين وينظم عمل عضو البرلمان دون الحاجة إلى الاعتماد على شعوره وضميره. وطالب بأن تقتصر الحصانة البرلمانية للنواب على أقواله داخل قبة البرلمان وليس خارجه وأن يعامل كالمحامي المُحصن داخل قاعة المحكمة، داعياً إلى ضرورة منع ترشح أعضاء لجنة الخمسين إلى البرلمان، وأن يتم إلغاء كافة المخصصات كالقروض والأراضى، بالإضافة إلى إلغاء جواز السفر الدبلوماسي للنواب. وأوضح أن الحملة تتجه الآن إلى الناس بالشوارع لتوعيتهم بالانتخابات البرلمانية وبحقوق وواجبات كل منهم تجاه وطنه، مشيراً إلى أنهم يقومون الآن بتوزيع استمارات على المواطنين للاستفتاء على تقنين الحصانة البرلمانية، موضحاً أن الحملة تمكنت من جمع ما يقرب من ربع مليون استمارة. ومن جانبه، أكد المستشار عبدالغفار سليمان، نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية والممثل لها بلجنة الخمسين، ضرورة النظر إلى الحكمة من تقرير هذه الحصانة قبل أن تتم المطالبة بإلغاءها، مشيراً إلى أن الحصانة لا تعنى امتناع القضية الجنائية ضد البرلمانى، ولكن الحصانة تنص على وضع قيود على اتخاذ الإجراءات الجنائية ضده، حيث يتم تصفية الاتهامات التى تقدم ضد عضو البرلمان ويتم استبعاد منها ما يتضح للمجلس أنه تلفيق، واتخاذ الإجراءات القانونية بشأن الباقى فى حالة ثبوت الجريمة ضده. وأشار «سليمان» في تصريحه ل «الوفد» إلى أن عضو البرلمان يقوم بدور رقابى على مؤسسات الدولة إلى جانب دوره التشريعى، لذلك لابد من وجود نص قانونى يحميه من تعسف السلطة تجاهه من خلال تقديم بلاغات كيدية تمنعه من ممارسة عمله، مشيراً إلى أن القانون الذى تم إقراره لصالح المواطن وذلك من خلال حماية العضو البرلمان الذى انتخبه فى أداء دوره الرقابى، رافضاً للدعوات التى انطلقت مؤخراً التى تنادى بتقنين الحصانة البرلمانية. وعرض نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية والممثل لها بلجنة الخمسين، تفصيلياً الخطوات التى يتم اتخاذها فى تقديم بلاغ ضد عضو البرلمان، موضحاً أنه فى البداية يقوم النائب العام بإرسال البلاغ إلى وزير العدل الذى يحوله بدوره إلى رئيس مجلس النواب، ثم يتم عرضه على اللجنة التشريعية التى تعد تقريراً للرأى ويعرض على المجلس للتصويت عليه، وإما أن يتحول بعدها النائب إلى مواطن عادى أو أن يرى المجلس أن الاتهام كيدى فيرفض رفع الحصانة وفى هذه الحالة لا يجوز لسلطات التحقيق اتخاذ أى إجراءات. وأكمل: أنه فى حالة أن يكون المجلس فى غير دور الانعقاد، يتولى رئيس مجلس النواب اختصاصات المجلس فى هذا الشأن، مؤكداً أنه يجوز فى كل الأحوال دعوة البرلمان للانعقاد. وعلى جانب آخر، فقد تباين الموقف بشكل كبير بين القوى السياسية على خلفية هذه القضية حيث أيد الدكتور بهجت الحسامى، المتحدث باسم حزب الوفد، الدعوات التى تطالب بتقنين الحصانة البرلمانية، موضحاً ضرورة اقتصار حصانة عضو البرلمان أثناء تأديته دوره الرقابى تحت قبة البرلمان، وذلك من أجل أن تكون الحصانة حماية له ولأقواله داخل المجلس. وأشار «الحسامى» فى تصريح خاص ل «الوفد» إلى أن الحصانة تعنى تأمينه من السلطة ضد أى بلاغات كيدية أو محاولات من شأنها أن تعطل دوره الرقابى، مؤكداً أنه فى الحالات التى يقوم فيها العضو البرلمانى بارتكاب أى جريمة عليه أن يحاكم وألا تمنعه الحصانة من نيل ما يستحق من عقوبة. وأضاف المتحدث باسم حزب الوفد: إن تقنين الحصانة سيؤدى إلى القضاء على الممارسات الفاسدة التى كان يقوم بها بعض النواب فى عهد مبارك، مبيناً أن من يرتكب جريمة من النواب مماثلة لجريمة الدم الفاسد، وعبّارة السلام المسئول عنها ممدوح إسماعيل فى إحدى برلمانات مبارك، لابد من محاكمته ورفع الحصانة عنه دون انتظار إجراءات تمتد لفترات طويلة وقد تبرئه فى النهاية. فيما عارض محمود سامى، رئيس حزب الكرامة، تلك الدعوات، مؤكداً أن مواد القانون بالدستور الجديد تقنن بالفعل حصانة عضو البرلمان، وتختص تلك الحصانة بتأديته لدوره الرقابى فقط حتى لا يتعرض لأى بلاغات كيدية قد تقدمها السلطة انتقاماً منه أثناء تأدية دوره الرقابي على مؤسساتها. وأوضح «سامى» فى تصريح خاص ل «الوفد» أن ما كان يتم بالماضى من استغلال قانون الحصانة البرلمانية لخدمة بعض النواب فى تغطية فسادهم «مسائل لم يعد لها مكان الآن»، مؤكداً أن الروح العامة التى تسيطر على مصر الآن لن تقبل أى سيادة أو حصانة يتم من خلالها استغلال نفوذ لتحقيق مكاسب ذاتية للأفراد، مشيراً إلى أنه فى حالة قيام نائب بالبرلمان باستغلال نفوذه، فإن سيادة القانون ستوقفه وتكون له بالمرصاد، وتابع رئيس حزب الكرامة، فى ثقة، قائلاً: «لن يتجاوز أى عضو برلمانى مرة أخرى».