نشرت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية تقريرًا عنوانه "الرئيس باجي قائد السبسي فرصة تونس القادمة في إصلاح الفوارق الاقتصادية" استعرضت فيه أهم الأزمات التي ستواجه السبسي أثناء فترة ولايته ومنها أزمة التضخم والبطالة وعلاقتها بالانضمام للجهاديين. وقال التقرير إن تونس تعتبر البلد العربي الوحيد الذي نجا بديمقراطيته من التطرف الإسلامي الذي بات سمة الدول التي قامت فيها ثورات الربيع العربي مثل ليبيا وسوريا والعراق واليمن، وعلى الرغم من أن المرحلة الانتقالية في تونس مازالت هشة إلا أنها أثبتت أن ديمقراطية النموذج الغربي والإسلام السياسي من الممكن أن يجتمعوا في دولة واحدة بعد مغادرة حزب النهضة الإسلامي التونسي للسلطة واحترام نتيجة الانتخابات الرئاسية التي أجريت أواخر العام الماضى. وذكرت صحيفة فاينانشال تايمز أن تونس عانت من فترة إضرابات في عام 2013 أدت إلى انعدام الأمن وخروج الجهاديين من السجون علاوة على ما أنتجته ليبيا من فوضى كأحد البلاد الحدودية لتونس واندلاع الحرب الأهلية في سوريا. تمكنت تونس من تخطي التوترات الموجودة في البلاد المجاورة مثل ليبيا وسوريا بتعداد سكانها المحدود (11 مليون نسمة) الذي ساعدها على التجانس دينيًا بالإضافة إلى تميز تونس بالطبقة المتوسطة ووجود مجموعة صغيرة من السياسيين الذين لديهم حس وطني عالٍ. تغلب الرئيس السبسي على علامات الاستقطاب التي بدأت تظهر في البلاد بعد فوز حزب النداء التونسي بانتخابات الرئاسة بتعيين السياسي التكنوقراطي المستقل الحبيب الصيد في منصب رئيس وزراء تونس علاوة على تأييد حزب النهضة له مما يرضي الإسلاميين. وأكدت فاينانشال تايمز أن تونس على الناحية الاقتصادية قد واجهت أزمة تضخم في ميزانية الدولة لتعاقب خمس حكومات منذ 2011 الذين استجابوا للعجز الصناعى بزيادة المرتبات أربعة أضعاف لامتصاص أزمة البطالة، ثم تسبب ذلك فى زيادة الدين الحكومي من 32 % إلى 50%. ومن المشاكل اا قتصادية الموجودة فى تونس هي مشكلة الاقتصاد غير الرسمي الذي يقوم على تهريب البضائع من الطاقة المدعمة للمنتجات الغذائية المهربة، وهو يمثل 40% من الاقتصاد التونسي. وأوردت الصحيفة موقف الشباب وأزمة البطالة في تونس ورصدت تفضيل بعضهم لنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن على وعدم انتخابهم لأي من حزبي النهضة أو النداء التونسي في الانتخابات. وأرجعت الصحيفة أسباب تحول تونس لأرض خصبة لتوظيف الجهاديين بالرغم من المرحلة الانتقالية السياسية الناجحة, إلى أزمة البطالة التي يواجهها الشباب لأن داعش تمكن من الحصول على مبلغ يتراوح بين 1000 دولار و3000 دولار، وهو يعتبر رقمًا مغريًا بالنسبة لشاب عاطل. ونقل التقرير عن ألفة لملوم, الباحثة التونسية، أن فقدان الأمل عند الشباب التونسي جعلهم يفكرون في الطريق للهجرة لأوروبا أو الاستسلام للشيوخ المتطرفين والانضمام لمجاهدي سوريا. ونقلت الصحيفة عن بعض المحللين أنهم قلقين بِشأن عودة إحكام قبضة الدولة, حيث يرى الرئيس باجي السبسي أن مكافحة الإرهاب لا يكون فقط بالاحترازات الأمنية ولكن بوضع سياسات اجتماعية تخاطب جذور الإرهاب وأسبابه في المجتمع وأكد السبسي أن الوضع الاقتصادي له يد في ظهور الإرهاب. وتؤكد المجموعات الاقتصادية أن حل مشكلة الإرهاب يكمن في زيادة التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات الأجنبية مما سيتطلب ذلك من الحكومة تطبيق بعض الإصلاحات الاقتصادية من ضمنها نظام الضرائب والدعم وتقليل ضوابط الاستثمار المنفرة للمستثمرين. ونقلت الصحيفة عن وزير الاقتصاد فى الحكومة السابقة حكيم بن حمودة أن الحلقة المفقودة بالنسبة لتونس هو الأمل وتحديد كيف ستكون تونس بحلول عام 2030 واقتناع التونسيين بأن انتهاء الحكم السلطوي سيكون نقطة بداية التقدم الاجتماعي والاقتصادي. وأبرز تقرير الصحيفة دور الاتحاد العام التونسي للشغل ودوره في الوفاق بين الإسلاميين ومعارضيهم وكونه صانع للقرار السياسي في فترة ما بعد الثورة التونسية، وقام اتحاد الشغل بلعب دور في المصالحة الوطنية علاوة على دوره الطبيعي في الحفاظ على المصالح الاجتماعية والاقتصادية. وأكد حسين العباسي، رئيس الاتحاد الحالي، أن الاتحاد يدعم الإصلاح الجذري والشامل لأن حال العاملين التونسيين اليوم في تدهور بسبب دفع الضرائب وازدهار الاقتصاد غير الرسمي وهروب رؤوس الأموال للخارج.