في كتابه إدارة الأولويات، سرد المؤلف «ستيفن كوفي» تفاصيل قصة واقعية في إحدى كليات إدارة الأعمال بجامعة كبيرة. يحكي ستيفن: «أعرف شخصاً عُيّن عميداً لكلية من كليات إدارة الأعمال في جامعة كبيرة، وعندما وصل إلى الكلية درس الموقف الذي يواجه الكلية، وقرر أن أهم ما تحتاجه هذه الكلية هو «المال»، وتبيّن له أن لديه قدرة خاصة في جمع الأموال، لذلك جهز نفسه لجمع الأموال كمهمة أولي». يكمل: لقد أوجد بسلوكه هذا مشكلة كبيرة في العمل في الكلية، لأن كل العمداء الذين سبقوه، يركزون على تسيير العمل يوماً بيوم، وهذا ما يحتاج تواجده داخل الكلية يومياً، ولأن كان دائم السفر لجمع الأموال اللازمة، للبحوث والطلاب والأنشطة الاخرى، فلم يجده العاملون لتسيير الأمور اليومية، كما كان يفعل العمداء الذين سبقوه، ولذلك معظم هذه القرارات اليومية متروكة لمساعده الإداري، مما اعتبره الكثيرون في الكلية تقليلاً من شأنهم حيث تعودوا التعامل مباشرة مع العميد. لقد أغضب هذا السلوك مشاعر العاملين بالكلية إلى حد أنهم أرسلوا وفداً إلى مدير الجامعة يطلبون عميداً جديداً، أو تغيير أسلوب هذا العميد، ولأن مدير الجامعة كان يعرف ما يقوم به ذلك العميد، فقد قال لهم: «اهدأوا» فالمساعد الإداري شخص جيد ويحتاج إلى بعض الوقت». بعد وقت قليل بدأت الأموال تأتي إلى الكلية، وبدأ الجميع يرى النظرة التي كان يراها العميد، ولذلك لم يمض وقت طويل حتى كان العاملون في الكلية يقولون للعميد عندما يرونه «اخرج من هنا.. لا نريد أن نراك، نريد المزيد من الأموال، ومساعدك الإداري يسيّر الأمور أفضل من أي شخص آخر». يقول «ستيفن»: «لقد اعترف لي هذا العميد فيما بعد أن الخطأ الذي ارتكبه يوم قرر القيام بتلك المهمة كان يكمن في أنه لم يشكّل الفريق الإداري اللازم مقدماً، ويشرح مهمته للجميع، والأهداف التي يطمح إلى تحقيقها، من المؤكد أن هذا العميد كان يمكنه أن يكون أفضل في مهمته، ولكن الدرس المستفاد مما عمله هو أننا نحتاج إلى أن نسأل أنفسنا باستمرار «ما هو المطلوب منا؟، وما نقاط القوة أو المواهب التي نتمتع بها؟». يكمل: لقد كان من السهل على الرجل أن يحقق توقعات الآخرين منه، كان يمكنه القيام بأعمال أخرى كثيرة، ومع ذلك ولأنه حدد الحاجات الحقيقية والقدرات الخاصة به، ثم طوّر الرؤية المطلوبة فقد كان قادراً على تحقيق الأفضل بالنسبة له ولكليته. ربما تسأل الآن عن سر القصة أعلاه، ولماذا تقرؤها الآن؟، وما العلاقة المباشرة بينك وبين أبطال هذه القصة؟. إن الإجابة عن ذلك السؤال، تتطلب أن تسمح لي بأن أتوجه بسؤال إلى كل من وزير التربية والتعليم، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي، وعمداء كليات التربية في الجامعات المصرية: ما الذي تحتاج إليه هذه الكليات لكي توفّر لنا معلماً عصرياً يلبي تطلعات تطوير التعليم في بر مصر؟!. ويبقى السؤال الأخير الذي يحتاج إلى إجابة منهجية: هل حدّدنا بالفعل من أين نبدأ؟