60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الثلاثاء 6 مايو    أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم الثلاثاء 6 مايو    النائب فريدي البياضي: مشروع قانون الإيجار القديم ظالم للمالك والمستأجر.. وهذه هي الحلول    هل تعاود أسعار السيارات الارتفاع في الصيف مع زيادة الطلب؟ عضو الشعبة يجيب    ب«الزي الرسمي»... أحمد الشرع والشيباني يستعرضان مهاراتهما في كرة السلة (فيديو)    هل هناك بنزين مغشوش.. وزارة البترول توضح    بعد هبوطه في 6 بنوك.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه اليوم الثلاثاء 6-5-2025    أسعار الذهب اليوم الثلاثاء بعد الارتفاع القياسي بجميع الأعيرة    وسائل إعلام: ترامب لا يشارك في الجهود لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس    غارات إسرائيلية تستهدف سلسلة جبال لبنان الشرقية وبلدة طيرحرفا في جنوب لبنان    الحوثيون: ارتفاع ضحايا قصف مصنع بغربي اليمن إلى قتيلين و 42 جريحا    باكستان ترفض اتهامات الهند لها بشأن صلتها بهجوم كشمير    كانت متجهة للعاصمة.. الدفاعات الجوية الروسية تسقط 19 مسيرة أوكرانية    رونالدو يتصدر تشكيل النصر المتوقع أمام الاتحاد في الدوري السعودي    السيطرة على حريق شب داخل محل نجف بمصر الجديدة    «شغلوا الكشافات».. تحذير من الأرصاد بشأن حالة الطقس الآن (تفاصيل)    إحالة مرتضى منصور للمحاكمة بتهمة سب وقذف خالد يوسف وزوجته شاليمار شربتلي    جدول امتحانات الترم الثاني 2025 للصفين الأول والثاني الإعدادي بالجيزة    رفضته ووصفته ب"المجنون"، محمد عشوب يكشف عن مشروع زواج بين أحمد زكي ووردة فيديو)    طرح فيلم «هيبتا المناظرة الأخيرة» الجزء الثاني في السينمات بهذا الموعد؟    تطيل العمر وتقلل الوفيات، أخبار سارة لعشاق القهوة وهذه عدد الأكواب اليومية لزيادة تأثيرها    سقوط تشكيل عصابي تخصص في سرقة المواقع الانشائية بمدينة بدر    ضبط مبلط بتهمة الاعتداء الجنسي على طفل في المنيا بعد استدراجه بمنزل مهجور    الأزهر ينفي ما تم تداوله بشأن اقتراح وكيله بتشكيل لجان فتوى مشتركة مع الأوقاف    الزمالك يستكمل اجتماع حسم مصير بيسيرو عصر اليوم    ترامب: لست متأكدا مما يرغب رئيس وزراء كندا في مناقشته خلال اجتماع البيت الابيض    هل يجوز الحديث مع الغير أثناء الطواف.. الأزهر يوضح    5 مرشحين لتدريب الزمالك حال إقالة بيسيرو    مدرب سيمبا: خروج الزمالك من الكونفدرالية صدمة كبرى فهو المرشح الأول للبطولة    رغم هطول الأمطار.. خبير جيولوجي يكشف أسباب تأخير فتح بوابات سد النهضة    نائب وزير السياحة والآثار تترأس الاجتماع الخامس كبار المسؤولين بمنظمة الثمانية    التعليم توجه بإعادة تعيين الحاصلين على مؤهلات عليا أثناء الخدمة بالمدارس والمديريات التعليمية " مستند"    شريف فتحي يقيم مأدبة عشاء على شرف وزراء سياحة دول D-8 بالمتحف المصري الكبير    جموع غفيرة بجنازة الشيخ سعد البريك .. و"القثردي" يطوى بعد قتله إهمالا بالسجن    وزير وفنان وطالب :مناقشات جادة عن التعليم والهوية فى «صالون القادة»    مؤتمر منظمة المرأة العربية يبحث "فرص النساء في الفضاء السيبراني و مواجهة العنف التكنولوجي"    مصرع طالب إثر انقلاب دراجة بخارية بقنا    "READY TO WORK".. مبادرة تساعد طلاب إعلام عين شمس على التخظيظ للوظيفة    فرط في فرصة ثمينة.. جدول ترتيب الدوري الإنجليزي بعد تعادل نوتنجهام فورست    إيناس الدغيدي وعماد زيادة في عزاء زوج كارول سماحة.. صور    سفيرة الاتحاد الأوروبى بمهرجان أسوان لأفلام المرأة: سعاد حسنى نموذج ملهم    لتفادي الهبوط.. جيرونا يهزم مايوركا في الدوري الإسباني    5 أسماء مطروحة.. شوبير يكشف تطورات مدرب الأهلي الجديد    "كتب روشتة خارجية".. مجازاة طبيب وتمريض مستشفى أبو كبير    احترس من حصر البول طويلاً.. 9 أسباب شائعة لالتهاب المسالك البولية    10 حيل ذكية، تهدي أعصاب ست البيت قبل النوم    4 أبراج «ما بتتخلّاش عنك».. سند حقيقي في الشدة (هل تراهم في حياتك؟)    زيزو أحد الأسباب.. الزمالك مهدد بعدم اللعب في الموسم الجديد    رسميًا.. جداول امتحانات الفصل الدراسي الثاني 2025 بالجيزة (صور)    "كاميرا وروح" معرض تصوير فوتوغرافي لطلاب "إعلام بني سويف"    على مساحة 500 فدان.. وزير الإسكان يتابع الموقف التنفيذي ل "حدائق تلال الفسطاط"    رنا رئيس تتألق في زفاف أسطوري بالقاهرة.. من مصمم فستان الفرح؟ (صور)    تطور جديد في أزمة ابن حسام عاشور.. المدرس يقلب الموازين    جاي في حادثة.. أول جراحة حوض طارئة معقدة بمستشفى بركة السبع (صور)    أمين الفتوى يوضح حكم رفع الأذان قبل دخول الوقت: له شروط وهذا الأمر لا يجوز شرعًا    الإفتاء توضح الحكم الشرعي في الاقتراض لتأدية فريضة الحج    الدكتور أحمد الرخ: الحج استدعاء إلهي ورحلة قلبية إلى بيت الله    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب على الدروس الخصوصية بدأت من بيت المعلمين
كليات التربية بلا تطوير بسبب نقص الموارد والطرق التقليدية للتدريس

قاعات تشبه الفصول، مقاعد متواضعة، نوافذ بطراز قديم، ساحات صغيرة لحركة الطلاب، ليس لها علاقة بصورة الحياة الجامعية التى يحلم بها طلاب الثانوية العامة، ويبذلون من أجلها الكثير.

إنها كلية التربية بجامعة عين شمس، أول كليات مصر المتخصصة فى صناعة «رجال التعليم»، وصاحبة التاريخ العريق الذى بدأ عام 1880.

الدكتور أحمد السيد المدرس بقسم الصحة النفسية بتربية عين شمس، يتذكر جيدا مشاعره يوم دخل الكلية لأول مرة طالبا منذ 12 عاما، وعليه اليوم أن يستقبل الطلاب الجدد، بنصائح إيجابية.

يسأل نفسه: هل يكفى ما بحثته فى رسالتى الماجستير والدكتوراه، فى الجوانب الإيجابية لدى الإنسان، ليتقبلوا الدراسة فى مبنى يتكدس فيه 10 آلاف طالب، دون معمل للغات، ولا أنشطة فنية أو رياضية؟

فى المقابل يرى عميد الكلية دكتور على الجمل أن الاصلاحات التى تشهدها الكلية هذه الأيام، لم تعرفها منذ أكثر من 20 سنة، وستغير الكثير من المشاهد داخل الكلية، وأهم التغييرات هى التأكيد على أن التدريس هو مهنة رسالة وعطاء.

أشيك مدرس فى روكسى

أنشىء أول معهد لإعداد المعلمين فى مصر عام 1880، يستقبل الحاصلين على الابتدائية.

وفى عام 1929 أنشىء أول معهد عال للتربية، ليستقبل خريجى الكليات المختلفة ليدرسوا فيه العلوم التربوية والنفسية لعام واحد فقط.

وعند إنشاء جامعة عين شمس، ضُم هذا المعهد إليها فى عام 1950، باسم كلية التربية.

وفى عام 1969 انتقلت كلية التربية من مقرها القديم بشارع قصر العينى، إلى مبنى معهد المعلمين بروكسى فى حى مصر الجديدة، والتى كانت قد ضُمت إلى جامعة عين شمس عام 1965.


معامل الكلية مازالت فى حاجة الى امكانات

كان المبنى العلوى فى روكسى لكلية التربية التى تستقبل خريجى الجامعات، والمبانى الأخرى لكلية المعلمين، التى تستقبل حملة الثانوية العامة.

فى عام 1970 صدر قانون يوحد بين كليات المعلمين وتربية شمس، تحت اسم كليات التربية، لتعمل هذه الكليات بنظامين لإعداد المعلمين، نظام يستقبل حملة الثانوية العامة للدراسة لأربع سنوات، ويسمى النظام التكاملى، ونظام يستقبل خريجى الكليات المختلفة للدراسة لعام واحد، يسمى بالنظام التتابعى.

صدمة الطالب قال له صديقه: هو إنت رحت كلية التربية?.. ربنا معاك

ذكريات أحمد لم تختلف كثيرا عن المشهد الشهير للسيد أحمد عبدالجواد بطل ثلاثية نجيب محفوظ، وابنه كمال. فى الجزء الثانى «قصر الشوق حزن السيد لرغبة ابنه فى الالتحاق بكلية المعلمين، التى كانت فى نظره لا تفضى إلى شىء، مقابل كلية الحقوق التى يتخرج فيها الزعماء.

وحين حصل الطالب أحمد السيد على الثانوية العامة فى عام2000 بمجموع 84%، نصحه والده المهندس بالالتحاق بكلية التربية، حتى بعد توقف تكليف خريجيها قبل 4 سنوات وقتها فى 1996.

تردد وقتها، فقد تخيل نفسه مثل مدرسيه فى الثانوى، الذين يناديهم الطلاب ب«يا بيه»، ليست بيه التى ينادى بها القاضى، ولكن تشبه «يا عم»، بقدر من الندية بين الطالب والمعلم، تحول المعلم إلى مجرد ملزمة، «س و ج».

وعندما علم بأن التنسيق الداخلى فى الكلية أوصله إلى قسم الجغرافيا، أيقن أن فرصة حصوله على العمل كمدرس ستكون ضئيلة، سواء فى الحكومة أو المدارس الخاصة، بعد تحول الجغرافيا إلى مادة اختيارية فى الثانوية العامة.

لكن صدمة الطالب أحمد الحقيقية كانت عندما وجد نفسه غريبا بين طلاب أغلبهم بهيئة ولهجة ريفية، لأن كلية التربية كانت هى الوحيدة وقتها فى أكبر أقاليم مصر، وكانت تستقبل الطلاب من محافظات الدلتا.

شعر بمرارة عندما قال له صديقه الذى التحق بكلية الآداب «هو انت رحت كفر تربية؟ ربنا معاك»، ولم يكن غريبا بعد كل هذا أن يحصل على تقديرات متواضعة فى أول فصل دراسى.

أفاق أحمد من ذكرياته تلك على تصفيق الحاضرين فى مكتب العميد.

كانوا يحتفلون بسفر 10 مدرسين مساعدين للدراسة لمدة شهرين فى جامعة «برنس ألبرت» بكندا، على نفقة جمعية رعاية طلاب وخريجى كلية التربية.

الجمعية كما يقول العميد «مبادرة لإحياء فكرة الوقف الإسلامى لطلبة العلم، للمساعدة فى تمويل الدراسة بالكلية، وتضم 1000 عضو من هيئة التدريس حتى الآن، يساهمون باشتراكات سنوية، إضافة إلى نسبة من دخل الأساتذة، خاصة العاملين بالخارج».

الجمعية تساعد الطلاب غير القادرين على استكمال دراستهم، بالإضافة إلى تمويل بعثات دراسيىة للخارج، وتمويل أعمال البنية التحتية للكلية، التى أهملت على مدى سنوات طويلة.

مبادرة الجمعية لايفاد 10 مدرسين مساعدين للخارج جاءت حسب العميد، بعد تعثر إيفاد المتفوقين للدراسة بالخارج فى الجامعات المصرية لسنوات طويلة.

يحضر الدكتور أحمد الاحتفال قائلا: «9 سنين من ساعة ما بقيت معيد ما خرجتش بره مصر، محتاجين بعثات لأعضاء هيئة التدريس للخارج، واللى يسافروا يرجعوا يساعدوا غيرهم، على طريقة محمد على باشا».

ما يطالب به أحمد بعثات طويلة للدراسة وليس ابتعاث لمدة شهرين، «مع احترامى لمبادرة الدكتور الجمل، هى مش كافية عشان الواحد يعرف فيه كام سنة ضوئية بينه وبين أعضاء هيئة التدريس فى الخارج».

ويقترح أحمد البديل قائلا: «بدل ما أصرف فلوس عشان عشرة يروحوا يجمعوا مادة لشهرين بس، أستقدم 3 خبراء من بره يدونا خبرتهم».

لكن عميد الكلية يرى أن جذب مؤسسات المجتمع المدنى لدعم البعثات التعليمية، سيحقق طفرة كبيرة للتعليم، «محتاجين حملة لإعادة الوقف للمؤسسات التعليمية».

ويرد أحمد: «مع تقديرنا لأهمية دور المجتمع المدنى، لكن الدولة تنفق الملايين بالفعل على تأهيل المعلمين أثناء الخدمة، وكان الأولى أنها تصرف عليهم وهم بيتعلموا».

تقليدية ومحافظة الحل تخصيص مدارس بإشراف كليات التربية لتجريب الطرق الحديثة

الكلية بعيدة عن حرم الجامعة ومحرمون من أى مساحة حقيقية ليتنفس فيها الطلاب، وليس هناك من حل سوى عودة مبنى الوسائل التعليمية الملاصق للكلية مرة أخرى، وهو تابع الآن لوزارة التربية والتعليم، وكان طلاب الكلية يستخدمون قاعاته ومعامله فيما سبق».

لا يريد الجمل أن تستأثر الكلية وحدها بالمنبى، بل فقط السماح لطلابها باستخدامه، «دعوة للتكامل ليس أكثر، لأن الكلية تحتاج لقاعات تدريس إضافية ومعامل، وإعادة تجهيز وتحديث الموجود، الذى لم تمتد إليه يد التحديث منذ أكثر من 20 عاما، والاعتماد على موارد الجامعة وحده لا يكفى».

لم يكن هذا المبنى فقط هو التابع للكلية، بل مدرسة الطبرى المجاورة أيضا، والتى أنشئت لتكون مدرسة تجريبية لتدريب المعلمين، لكنها آلت لوزراة التربية والتعليم أيضا.

«انسوا اللى اتعلمتوه فى الكلية» هذه الجملة هى أول ما يسمعه طالب التربية العملية بالكلية، حين يذهب للتدريب فى إحدى المدارس فى السنة الرابعة، من المدرسين فى المدرسة التى يتدرب فيها، ويستمر فى سماعها حين يذهب للعمل بعد التخرج.

ينصح الدكتور أحمد طلابه قبل أن يشاركوا فى التربية العملية، بالصمود أمام ضغط الواقع فى المدارس لمحاولة تطبيق ما تعلموه من أساليب التدريس فى الكلية،«بس أنا عارف إن فى واحد هايقدر وخمسين لأ،لأن أساتذة الكلية قاعدين فى برج عاجى، والتعليم فى المدارس فيه مشاكل كتير، ولما بنحاول نغير الوضع، المدرس بيقول لنا أنا عندى منهج لازم أخلصه».

الدكتور أحمد يرى أن الحل يكون بتخصيص مدارس تشرف عليها كليات التربية، تطبق فيها طرق التدريس الحديثة، «وفق اتفاق بين الوزارة والكلية، تبقى مدرسة تجريبية، زى المستشفى الجامعى بالنسبة لكلية الطب».

تدريبات المعلمين لا أحد يتابعها ولا يشجع على تطبيقها فتؤدى إلى لا شىء

«ما اقدرتش أوصل لأرقام محددة عن اللى اتصرف على تدريب المعلمين على مدى السنوات الماضية، لكن الاهم انى وصلت إلى أن أغلب التدريبات دى مالهاش أى أثر على أداء المعلم داخل الفصل».

إيلاريا عاطف زكى عبدالملك تعلق على نتائج دراستها التى حصلت بها على الماجستير فى مناهج وطرق تدريس الدراسات الاجتماعية من تربية عين شمس، تحت إشراف عميد الكلية على الجمل نفسه.

فى حين قدر العميد ما أنفق على تدريب المعلمين خلال السنوات الماضية التى لم يحدد عددها، بمليارى جنيه من خلال إشرافه على الدراسة.

وتساوى الدراسة فى هذا القصور بين التدريبات التى يتلقاها نحو مليون و300 ألف معلم «عدد المعلمين المقيدين بالنقابة» من قبل وزارة التربية والتعليم، أو تلك التى تنظمها الهيئات والمنظمات الدولية لرفع مستوى المعلمين المهنى.

وترجع الدراسة هذا القصور إلى أن الجهات الدولية التى تنظم هذه التدريبات، برنامج الأمم المتحدة الإنمائى، اليونسكو، اليونيسيف، البنك الدولى، الوكالة الأمريكية للتنمية، لا تهتم بقياس مدى تطبيق ما تعلمه المتدربون داخل المدارس، بل يقتصر اهتمامها على قياس مدى استفادة المعلمين من هذه البرامج فقط.

وبالتالى لا أحد يتابع تطبيق هذه التدريبات ولا يشجع المعلمين على تطبيقها أو يرصد العقبات التى تحول دون الاستفادة من هذه التدريبات، فتؤدى إلى لا شىء.

ويضيف المشرف الدكتور على الجمل أسبابا أخرى، منها عدم التنسيق بين وزارة التربية والتعليم والمنظمات الدولية، فكلاهما ينظمان نفس التدريبات فى نفس المجالات، وربما فى كثير من الأحيان يقوم بها نفس المدربين لنفس المعلمين بما يؤدى إلى إهدار الأموال والجهود.

بالاضافة إلى أن وزارة التربية والتعليم تستعين بأساتذة التربية فى التدريب، لكن كأفراد وليس الكليات، وهو ما يفتح باب الفساد، أو يجعل التدريب قليل المردود بسبب قلة الكفاءة ومحدودية الرؤية لأى فرد مهما كان.

يرى الجمل أن «المتابعة فى وزارة التربية والتعليم روتينية، وتعتمد على التقارير النظرية، وليس التطبيق، والمفروض أن تستعين الوزارة بكل كليات التربية فى المحافظات، للقيام بالتدريب والمتابعة معا، لخطة أكاديمية المعلمين فى تدريب المدرسين، بالتعاون مع الموجهين، ومع 5 آلاف معلم حاصلون على الدكتوراه أثناء الخدمة، ولم يستفد أحد من خبرتهم أو علمهم».

••

فى تلك الليلة من عام 2000 حين كان أحمد يتأمل درجاته المتواضعة فى اول فصل دراسى له بالكلية، تابع مع الكثيرين حديث ضيف المذيعة سلمى الشماع على القناة الثانية فى التلفزيون المصرى، الدكتور عصام حجى، الذى يعمل فى وكالة ناسا لأبحاث الفضاء بأمريكا، وكان وقتها قد تخرج معيدا فى كلية العلوم بجامعة القاهرة، ليحصل على الماجستير من مركز البحوث القومى بفرنسا.

«رأيت كيف أصبح المعيد حامل الماجستير ذو ال26 سنة رئيسا لفريق بحثى أعضاؤه من ذوى ال45 عاما، وقلت لنفسى وقتها لماذا لا أتفوق مثله وأكون معيدا بالكلية؟».

يقولها أحمد للطلاب الجدد، ويكمل «وفعلا طلعت الأول فى التيرم الثانى، وحافظت على تفوقى، لغاية ما بقيت معيد».

لكنه يهمس، قائلا: «باكون حاسس إنى بافقد مصداقيتى، لما بقول للطلبة فى المحاضرة إن من شروط قاعة الدرس أن تكون جيدة التهوية، وجيدة الإضاءة ومناسبة لعدد الطلبة، وهم 400 محشورين فى قاعة تسع 200 طالب بس، ولو فى 10 فاهمين اللى باقوله ومتابعين رغم قلة الأكسجين يبقى كويس».


إهمال الفن والرياضة
ثقافة «الخوف على العهدة» تحرم طلاب التربية من الملاعب والمسارح
حال المعامل المحدودة فى الكلية لا يختلف عن صالة الألعاب الرياضية «قاعة الجمانزيوم» التى لم تمتد إليها يد بالإصلاح أو حتى الاستعمال منذ أكثر من عشرين عاما.

ويتساءل الدكتور أحمد كيف ينادى كبار التربويين بضرورة ممارسة الأنشطة الرياضية والفنية، ويحرم طلاب كلية التربية أو معلمو المستقبل منها، ومطلوب منهم أن يصروا على أن يمارسها تلاميذ المدارس.

والحال نفسه فى مسرح الكلية، الذى يسع لأكثر من 500 شخص، تحول إلى مخزن للمعدات والمكاتب وغيرها، ما أن تشاهده من الداخل حتى تتملكك الرهبة عندما تسمع أصوات الخفافيش تملأ المكان.

ويتعجب عميد الكلية: «لا أعرف من المسئول عن هذا الإهمال، فقد كان هذا المسرح من أفضل مسارح الجامعة ويحوى شاشة عرض سينمائى، ويعد من أهم المسارح التربوية فى الشرق الأوسط، وكان هدفه تدريب الطلاب على مسرحة المناهج، التى يتدربون عليها نظريا فقط الآن».

ويعلق العميد: «نريد أن نحوله إلى وحدة ذات طابع خاص، يستغلها شخص أو مؤسسة، ليعود إلى دوره فى خدمة المجتمع على غرار مسارح الدولة».

وخلال الشهور الماضية خصصت الجامعة 5 ملايين جنيه، لتجديد البنية الأساسية بكلية التربية، منها مليون جنيه من مشروع تطوير التعليم بالمجلس الأعلى للجامعات، لتطوير المعامل، وتزويد قاعات الدراسة بأجهزة عرض ثابتة، على غرار قاعات الدرس فى جامعات الخارج.

لكن ما يحرص عميد الكلية على سرعة تجهيزه هو معمل الصوتيات، الذى لم يرَ النور من 20 عاما، ورصد له مبلغ 200 ألف جنيه، و«نأمل أن يتبرع أحد أصحاب الأعمال أو المجتمع المدنى لتطوير مكتبة الكلية وتحديثها، واذا لم نجد متبرعين سنكمل التطوير من موارد الوحدات ذات الطابع الخاص المراكز الخاصة بالكلية.

لكن لماذا لم تستخدم هذه الموارد طوال السنوات الماضية؟

يعبر العميد عن حيرته بقوله: ربما بسبب ثقافة «الخوف على العهدة»، التى تملكت المسئولين عن هذه المراكز، وفى عموم الكلية، الذين اعتقدوا أن كل مهمتهم أن يزيدوا رأسمال هذه المراكز فقط، فى حين أن الهدف من إنشائها أصلا أن ينفق عائدها على تطوير التعليم بالكلية، لكن غياب رؤية تطوير التعليم و«الخوف من اللى فوق» حالت دون ذلك.

يرجع عميد الكلية الفضل للإصلاحات التى تشهدها الكلية إلى الثورة، «لولا ثورة يناير لما حدثت هذه الطفرة فى الكلية».



الدكتور على الجمل يشير الى المسرح التربوى اللذى تحول لمخزن

ويصمت عميد كلية التربية، وقد دمعت عيناه، ليقول: «هذه الخطوات ثمرة الدفعة التى منحنا إياها رئيس الجامعة الذى فقدناه قبل أسابيع الدكتور علاء فايز، الذى جعلنا نشعر «إن ورانا ظهر»، فوضنا للعمل خارج نطاق الفكر التقليدى.

هذا هو حال أقدم كلية لتخريج المعلمين فى مصر، فماذا عن باقى كليات التربية المنتشرة فى أغلب محافظات مصر؟

يقول دكتور الجمل: «فى مصر 26 كلية تربية، ويمكنها إحياء التعليم داخل كل محافظة من محافظات الجمهورية، لكن لو بقيت على حالها لا يمكن أن يحدث تطوير للتعليم فى هذا البلد، ولا تنتظروا أى أمل من التعليم، فكلها تعانى من ضغف البنية الأساسية، وغياب أعضاء هيئة التدريس، غياب خطة للنمو المهنى للمعلم».
المهنة مدرس خصوصى
مشاكل المدرس ليست فقط فى تأهليه وتدريبه، لكن لأن المجتمع لايرى فيه سوى «مدرس خصوصى».

مدرس الصحة النفسية بالكلية أحمد السيد يقول «احترمت نفسى وعمرى ما اديت دروس خصوصية، وبانصح طلابى بكده، وأقولهم ماحدش يخسر نفسه، وعشان كده لسه ماتجوزتش لغاية دلوقت، لحد ما تنصلح الظروف، لكن مابعرفش أقول ايه للى مرتبه 300 جنيه وعايز يعيش ويصرف على اخواته».

هل يمكن أن تكون بداية القضاء على الدروس الخصوصية من هنا، من بيت المعلمين؟

عميد الكلية الدكتور على الجمل يؤكد أنه يمكن بالفعل إذا ركزنا على أن نغرس فى طلاب التربية أن مهنة التدريس رسالة وعطاء، لكننا للأسف أهملنا الجانب الروحى والأخلاقى فى تأهيل المعلمين، وهى نفس القيم التى نحتاج لغرسها فى المديرين والمسئولين فى وزارة التربية والتعليم، ولهذا بدأت بالفعل بربط طلاب الكلية بالجمعيات الأهلية، ليمارسوا التطوع ويشعروا بكيانهم بعيدا عن كيان الدروس الخصوصية.

لكن العميد يرى أيضا أن المدرسين لا يعطون دروسا خصوصية من أجل الفلوس فقط، لكن من أجل المكانة الاجتماعية، والفخر الذى يشعر به المعلم الذى يتبارى الطلاب للفوز بدرس عنده، «اذا استطعنا أن نجد لهذا المعلم مكانة بديلة سيترك الدروس الخصوصية».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.