تعد أزمة البطالة المقنعة من أكبر الأزمات التي تعاني منها المؤسسات الحكومية، أي تكدس أعداد كبيرة من الأيدي العاملة في الجهاز الحكومي بما يزيد عن الحاجة الفعلية للمؤسسة. حيث يتكاثف أعداد الموظفين بالمكاتب كلاً منهم يؤدي عملًا، لا يتناسب مع عدد ساعات العمل ولا مع الحاجة الفعلية للمواطنين . لذا قامت بوابة الوفد باستطلاع آراء خبراء الاقتصاد للتعرف على الأخطار المستقبلية لتلك الأزمة، وما ستؤول إليه المؤسسات الحكومية فيما بعد؟. في هذا السياق، أكد محمد حلمي، الخبير الاقتصادي، أنه يجب وقف تعيينات الحكومة فورًا والاكتفاء بالموظفيين الحاليين وإعادة تأهيلهم، وذلك لأن عدد الموظفين الحكوميين في مصر فاق كل المعدلات والمقاييس الدولية، حيث إن بعض الدول لا يصل عدد الموظفين الحكوميين بها ل10 % مما هو موجود في مصر، ومع ذلك يشتكون من كثرة العدد ويعملون على تقليله. وأعرب حلمي عن استيائه من هذه الظاهرة، حيث يتواجد موظفون في بعض القطاعات لا يجدون أماكن لهم للعمل بها وذلك لكثرة عددهم، مما يؤدي إلى تغيب أكثرهم عن العمل في معظم الأوقات. وأفاد حلمي، في تصريحات خاصة ل "بوابة الوفد"، بأن من أهم سلبيات هذه الظاهرة هو تدني مستوى الإنتاجية، وضعف الكفاءة التشغيلية للعاملين، فضلاً عن انخفاض ربحية المؤسسات المشغلة لهؤلاء، مما يؤدي إلى هجرة الكفاءات والعقول نتيجة عدم تأمين الاحتياجات النفسية والمادية والاجتماعية لهم. وأوضح حلمي أن السبب الرئيسي وراء انتشار البطالة المقنعة هي الواسطة والمحسوبية، وذلك لأن الكثير منهم لا يحتاجهم مجال العمل ومع ذلك يعملون بالقطاع الحكومي، بالإضافة إلى عدم الشفافية من بعض الجهات، حيث يتم تقديم طلب إلى الجهات الأعلى بطلب موظفين برغم عدم الحاجة لهم مما يتسبب في تكدسهم بدون داعٍ. وأضاف حلمي أنه لا يؤيد فكرة الفصل واستبعاد الموظفين عن عملهم، وذلك بسبب المشاكل الكثيرة التي ستنتج عنها، بالإضافة إلى قوانين العمل التي تمنع ذلك مؤكدًا أن الحل الأمثل هو تأهيل الموظفين الحاليين ومنع استقبال أي موظفين آخرين. ومن جانبه، قال عبدالمطلب عبدالحميد، أستاذ الاقتصاد بأكاديمية العلوم،: إن العمل الذي يستطيع أن يقوم به شخص واحد في الهيئات الحكومية يقوم به 4 أشخاص، مؤكدًا أن أكثر من 50% من الموظفين الحكوميين هم بطالة مقنعة زائدون عن الحاجة. وأضاف عبدالحميد، في تصريحات خاصة ل"بوابة الوفد"، أن البطالة المقنعة تعد من أهم أسباب خفض الأجور في مصر، وذلك بسبب كثرة الموظفين وقلة الدخل مما يتطلب توزيع هذا الدخل على كل هؤلاء الموظفين. وبين عبدالحميد أن المحليات في كل المحافظات تعد معقلًا للبطالة المقنعة وللموظفين الذين لا يقومون بأي إنتاج نظير ما يتقاضونه من رواتب. وأوضح عبدالحميد أن البطالة المقنعة تؤثر بشكل سلبي في الاقتصاد المصري، كما أنها تزيد من معدل التضخم وتؤدي إلى اتنشار الفساد. أضاف عبدالحميد أن تقدم سن المعاش المبكر هو من أهم الحلول لهذه الظاهرة حتى يتسنى للحكومة التخلص من نسبة كبيرة من الموظفين واستيعاب الآخرين الموجودين، بالإضافة إلى التبادل بين قطاعات الحكومة المختلفة التي بها عجز وتحتاج للموظفين وبين القطاعات الأخرى التي بها زيادة كبيرة في العدد، حيث يتم التبادل بينهما وذلك لسد العجز من الموجود بالفعل بدلًا من الطلب من خارج الحكومة ما سيزيد من المشكلة أكثر. وأضاف عبد الحميد: يجب العمل على توفير وظائف أخرى بديلة سواء في القطاع الحكومي أوالخاص للموظفين الزائدين عن الحاجة، مبينًا أنه يجب على الدولة أن تكون حاسمة في قراراتها، لأن بعض هذه الإجراءات ستواجه اعتراضات من قبل العاملين. وأشار عبدالحميد إلى أن البرلمان القادم تقع عليه أعباء كثيرة أهمها وضع قوانين لإعادة هيكلة وتنظيم القطاعات الحكومية، وذلك للقضاء على الرشوة والمحسوبية التي هي أهم أسباب البطالة المقنعة. على حين يرى إسماعيل شلبي، أستاذ الاقتصاد جامعة الزقازيق، أن البطالة المقنعة من الظواهر السيئة المنتشرة في الهيئات الحكومية وجزء كبير منها ناتج من تعيين أبناء العاملين، بالإضافة إلى المحسوبية والواسطة، مما يؤدي إلى تكدس العاملين بدون استفادة حقيقية من معظمهم. وأضاف شلبي، في تصريحات خاصة ل"بوابة الوفد"، أن الخطر الأكبر يكمن في أن هؤلاء يستنفذون أموال الدولة دون أي إنتاج، مما يؤدي إلى إهدار مليارات من الدولة بدون فائدة، مؤكدًا هذا يحمل خزينة الدولة أكثر من اللازم ويؤثر في الميزانية العامة لها. وأكد شلبي أن الدولة يجب أن تقوم بعمل العديد من المشروعات القومية الكبرى والاستفادة بهؤلاء فيها، معبرًا عن رفضه لحلول الوقف عن العمل بدون توفير بديل آخر لهم حتى لا يتحولوا إلى مجرمين. وأوضح شلبي أن المجتمع لديه مفاهيم خاطئة كثيرة يجب أن يعدلها منها حرصه وإصراره على الوظيفة الحكومية حتى لو تقاضى منها راتبًا ضعيفًا وكان لا يعمل بها عملًا جادًا، مؤكدأ أن الله سيحاسب كل شخص على المرتب الذي يتقاضاه بدون عمل، حيث تابع قائلًا "المصريون بيرفعوا شعار إن فاتك الميري اتمرمغ بترابه". وعلى جانب آخر، قال ماهر هاشم، الخبير الإقتصادي الدولي، إن المستشارين الذين يستعان بهم في الحكومة من أهم أسباب البطالة المقنعة، وذلك بسبب عدم كفاءتهم وكثرة عددهم بدون فائدة وتقاضيهم أجورًا عالية جدًا تؤثر بالسلب في اقتصاد المؤسسة التي يعملون بها، مشيرًا إلى أنه يجب إنهاء التعاقدات الخاصة بهم. وتابع هاشم، في تصريحات خاصة ل"بوابة الوفد"، أن قطاعات الحكومة يعمل بها عدد كبير من الموظفين ولكن دون إنتاج مما يؤدي ذلك إلى لوجود أعباء على الدولة. وأفاد هاشم أن قطاعات الحكومة تحتاج إلى إعادة تنظيم وتخطيط وهيكلة، حيث إن أغلبهم لا يعملون ولا يقدمون أي مصلحة للدولة، موضحًا أنه يجب استغلال هذه الأعداد في العمل بشكل سليم. وبين هاشم أن هناك العديد من الوظائف الحكومية أصبحت قديمة لا تناسب العصر والتقدم التكنولوجي، وأنه يجب إلغاء هذه الوظائف وإدخال وظائف أخرى تسهل العمل وتقلل من الوقت.