أولاً احمدوا ربنا أن موجة البرد الحالية- في مصر- ليست كما هي الآن في سورياولبنان والأردن وفلسطين.. أو شمال أوروبا ووسط أمريكا! ورغم ذلك فإننا نعاني- هذه الأيام- من موجة برد لم يتعودها كل المصريين من سنوات عديدة. ورغم إننا الآن في شهر كيهك.. وأن شهر طوبة لم يأت بعد لأنه يجعل «الست كركوبة».. ثم يليه شهر أمشير اللي يخلي الجلد علي الحصير.. إلا أن المصريين الآن يلتزمون بيوتهم- واسألوا عن غياب العاملين وإحجام الفلاحين والصيادين عن العمل! وموجة البرد الحالية أعادت إلي حياتنا من جديد البلاطي الصوف الثقيلة، بعد أن كاد المصري ينسي البلاطي التي كان يرتديها أهل المدن والأفندية.. وكذلك العباية الصوف الثقيل من وبر الجمل.. وكذلك «التلفيعة» واللبدة لأهل الريف والصعيد.. كما أعاد الأفندية إلي لبس البلوفر الصوف الثقيل وحتي الجيلية.. وعاد القروي إلي ارتداء الصديري الصوفي.. وكذلك الملابس الداخلية الصوفية للكل.. كما عادت المصرية إلي ارتداء الصوف التويد والبالطو والأغنياء منهن يضعن الفرير، أي الفرو! ولم يعد المصري يكتفي بالبيجامة الكستور المبرد ولا حتي البيجامة المصنوعة من الصوف الفيلا، ولا حتي الروب الصيفي داخل البيوت. واحمدوا ربنا اننا لم نعرف دفايات الغاز والكيروسين كما في الشام والأردن وفلسطين.. ولم نعرف حتي دفايات الزيت أو الكهرباء. ولكن- مع موجة البرد الحالية- زاد الطلب علي هذه الدفايات، ومن عنده جهاز تكييف بارد لم يفكر في أن يصبح الجهاز «تبريد.. وتدفئة» ولكن المصري الآن عاد إلي الكانون يستدفئ به.. وإلي القروانة والقصعة التي يستخدمها عامل البناء في إشعال النيران في عيدان الخشب الصغيرة، المهم أن يدفئ نفسه.. ولكن الخوف هنا من احتمالات الاختناق بدخان الكانون والقروانة والقصعة.. وبالذات في الأماكن المغلقة. والدمياطي- وأبناء السواحل من بورسعيد شرقاً إلي الإسكندرية غرباً- يفضلون استخدام كلمة «الصقعة» من الصاعقة بدلاً من كلمة البرد.. فهو يستخدم كلمة الدنيا صاقعة.. وعندما يطلب حاجة باردة.. يقولها «حاجة ساقعة» أي صاقعة من الصاقعة والصواعق، وربما ذلك لأن الجو- في السواحل الشمالية لمصر- أبرد مما هو في المدن الداخلية وعندما يسقط المطر- في السواحل عندنا- فهو لا يسقط إلا في المساء وفي ساعات الفجر الأولي، عندما تزداد حدة البرد. وحتي يواجه أبناء السواحل موجات هذا الصقيع.. فانهم يلجأون إلي أغذية خاصة مثل السمك الصيادية لأن البصل عندما يتم طبخه في الزيت يعطي حرارة عالية في الشوربة وفي الأرز الأحمر.. وكذلك الأرز بالعدس الأصفر.. والبليلة والبطاطة وحلة الأرز باللبن وعليه عسل أسود! أو شوربة العدس بعد إضافة البطاطس والبصل والثوم إليه.. قبل سحقه في الخلاط.. ويضاف إليه تقلية البصل! واستغل التجار موجة الصقيع الحالية فزادت الإعلانات عن البطاطين واللحاف الفيبر، وبطانية فوق ملاية السرير.. وأخري للغطاء.. وكذلك إعلانات الدفايات الكهرباء والزيت.. ونسينا «منقد الفحم» بتاع زمان. بل ان الجشعين من التجار أخذوا بالفعل يزيدون أسعار السلع الغذائية الغنية بالنشويات والتي يدفئ أكلها مثل البطاطا والبطاطس والجزر والبقوليات والسبانخ.. وكذلك العجوة والتمور.. وكلها فرصة للربح، ولو علي حساب الناس. وكل ذلك يدعونا لأن نمد يد المساعدة لفقراء المصريين، من سكان العشش والعشوائيات.. وأن نتعظ ونساعد إخوتنا السوريين الذين يعيشون الآن في المخيمات التي لا تحمي من ثلج، أو تدفئ من صقيع وهم الآن في مخيمات داخل لبنان والأردن وتركيا ومصر.. وقاهم الله وإيانا ضرر الصقيع.. فقد «وهن العظم منا» وأصبح الجلد علي الحصير. وهنيئاً لتجار البلاطي والكوفيات والطواقي.. ولباعة البطاطا والبطاطس الهواة أبو فروة من الأغنياء.. والفول السوداني من البسطاء.