يعيد اليوم 2 يناير، فتح ذكريات أليمة عاشها المسلمون منذ أكثر من خمسة قرون، أثناء معايشتهم ل"سقوط غرناطة" على أيدى القشتالين فى النصف الأخير من القرن الخامس عشر، وقد كتب فى ذلك اليوم نهاية الحكم الإسلامى فى الأندلس والذى استمر لأكثر من ثمانية قرون. فبعد الانهيار المروع لسلطان الموحدين بالأندلس سنة 620ه أخذ الصليبيون في الاستيلاء على قواعد الأندلس الكبيرة ومدنها العريقة الواحدة تلو الأخرى، فقد سقطت إشبيلية ، ثم بلنسية، وبياسة، وجيان، وشاطبة، وقرطاجة، ومرسية، وميروقة، وبعد سقوط كل تلك الممالك لم يتبق للمسلمين سوى غرناطة، فقاموا بتثبيت وجودهم بها لفترة طويلة استمرت لأكثر من قرنين من الزمان. فى النصف الثاني من القرن السادس عشر، بدأت العوامل التى كانت سببا فى ثبات الدولة الإسلامية بغرناطة فى الزوال، ترك حكام بنى مرين بالمغرب العربى مناصرة ملوك الأندلس للانشغال بالحروب الداخلية، ما أدى إلى طمع الصليبيين فى الحصول على غرناطة فبدأوا فى اتحاد رؤيتهم مرة أخرى، بالتزامن مع انتشار المجون والخلاعة فى وسط الشباب من مملكة غرناطة، حيث انتشرت عوامل الترف وقلت مظاهر الإيمان والدعوى . وفي الثاني من يناير عام 1492، تمكن فرناندو الثالث ملك قشتالة والملكة إيزابيلا الأولى الملكان الكاثوليكيان، من محاصرة غرناطه لأكثر من 6 أشهر، ما أدى إلى قيام الخليفة محمد الثاني عشر، وهو آخر الخلفاء المسلمين في الأندلس، بتسليم غرناطة للقشتاليين وبالتالي انتهى حكم المسلمين للأندلس، وتم تحديد شروط الاستسلام في معاهدة أطلق عليها "مرسوم الحمراء"، وكان من شروطها أن يستمر المسلمون في ممارسة عاداتهم والحفاظ على دينهم. و لكن دائما ما يخل العدو ببنود اتفاقياته، فبعد أن فشل قساوة الكنيسة الكاثوليكية في إدخال المسلمين فى ديانتهم، قام "جونزالو سيسنيروز" بإصدار مرسوم قسري لتعميد غير المسيحيين، ما أثار استياء وتمرد المسلمين على القرار. و فى عام1501، قام ولي عهد قشتالة بإلغاء مرسوم الحمراء وأجبر مسلمي غرناطة على التحول للمسيحية أو الهجرة، ما أجبر النخبة من المسلمين على الهجرة إلى شمال أفريقيا، أما الأغلبية من مسلمى غرناطة فقد اعتنقوا المسيحية، وكانوا يعانون من الاضطهاد والإعدام والنفى، وكان بعض من مسلمى غرناطة يمارسون شعائرهم فى الخفاء. وبحلول القرن السادس عشر أصبحت غرناطة مسيحية أكثر من أي وقت مضى وتوافد إليها مهاجرون من مناطق أخرى من شبه جزيرة أيبيريا، وتحولت مساجد المدينة إلى كنائس أو دمرت كليًا، وبعد هجرة معظم اليهود من المدينة، تم تدمير الحي اليهودي والذي يُسمى "الغيتو" لفتح المجال أمام مباني كاثوليكية وقشتالية جديدة.