استكمالاً للحديث السابق من ضرورة تدخل المشرع لمسايرة الاتجاهات الحديثة في السياسة الجنائية التي تري أن موجبات تحقيق العدالة المنصفة للمتهم التي يحظي فيها بكافة ضمانات حقوقه في الدفاع وبمحاكمة ناجزة.. الفصل بين سلطتي التحقيق والإحالة وانتهينا إلي ضرورة تدخل المشرع المصري بما يحقق هذه الضمانة تتعلق بأصل من أصول المحاكمات الجنائية بالفصل بين سلطة التحقيق وسلطة الإحالة. وتحقيقاً لهذا الهدف الذي يتعلق بصميم تحقيق العدالة فإن من رأينا أن يعدل قانون الاجراءات الجنائية بعودة قاضي الإحالة ونري أن يكون في كل دائرة محكمة ابتدائية قاض للإحالة بدرجة رئيس استئناف يعاونه عدد كاف من القضاة ولا يتقيدون بما تتقيد به محكمة الجنايات بدور الانعقاد بل يكون عملهم مستمراً شأنهم شأن ما هو متبع بالنسبة للمحامي العام الأول. وعلة ذلك ألا يتقيد بعقد جلسات معينة أو بمواعيد محددة وإنما يكون من صميم عمله- أي قاضي الإحالة- بمجرد وصول ملف القضية إليه من النيابة العامة أن يتلقي كافة طلبات الدفاع ودفوعه وأن يعمل علي تحقيقها بنفسه أو بأحد من معاونيه الذين يندبهم لذلك أو يعيد القضية إلي النيابة العامة لتحقيقها علي وجه السرعة وبمعني آخر يكون له كافة الصلاحيات والاختصاصات التي كانت مقررة لمستشار الإحالة بل إن له من الصلاحيات وفقاً لرأينا ما هو أوسع من صلاحيات مستشار الإحالة إذ إنه غير مقيد بدور للانعقاد بل ان عمله متواصل غير مقيد بموعد محدد هذا فضلاً عما نراه من أن عمله لن يكون منفرداً وإنما يتبعه عدد كاف من القضاة لفحص وتحقيق ما ينتدبهم له ليصدر في النهاية قراره بعد تحقيق ما يراه من أوجه الطلبات والدفوع الجوهرية بإحالة الدعوي إلي محكمة الجنايات أو إصدار قرار بألا وجه لإقامة الدعوي الجنائية إذا رأي أن الدعوي قد خلت من دليل يصلح بأساس للإدانة.. كما له في أية مرحلة عليها الدعوي أمامه أن يصدر قرارا بإخلاء سبيل المتهم إذا رأي مبرراً لذلك. وبذلك نكون قد حققنا ما تصبو إليه التشريعات الحديثة من الفصل بين سلطة التحقيق والإحالة بنظام قاض للإحالة متخصص وغير متقيد بمواعيد محددة وله مقر دائم ومعاونون له من قضاة علي مختلف درجاتهم مما يتلافي جانباً وسبباً من الأسباب التي تعرقل سير العدالة وتتسبب في بطء الفصل في القضايا وهو ما يتأذي منه ضمير العدالة أشد الإيذاء. وللحديث بقية إن شاء الله. سكرتير عام حزب الوفد