استكمالاً للمشوار الذي بدأناه عرضاً للنصوص الإجرائية المنظمة للمحاكمات الجنائية وما يتعلق علي وجه الخصوص فيها بالنصوص المنظمة لإجراءات المحاكمة للمتهم في جناية أمام محكمة الجنايات وفيما يتبع من إجراءات سواء بالنسبة للمتهم الحاضر والذي يصدر الحكم في حقه حضورياً والغائب الذي يصدر الحكم عليه غيابياً وما يتبع من إجراءات بعد الحكم الغيابي أفرز الواقع العملي الذي سردنا له تفصيلاً وعرضنا صوراً صارخة لظلم بين وعدالة بطيئة وأحكام متضاربة ومتناقضة ومتناثرة مع قضايا جمع فيها بين المتهمين وحدة الواقعة وتساوت فيها المراكز القانونية للمتهمين مما كانت مقتضيات العدالة تقتضي وقد تساوت مراكز المتهمين الواقعية والقانونية أن نكون أمام أحكام عادلة منصفة غير متفاوتة بل وصل الإجحاف إلي منتهاه بصدور أحكام مشوبة بالخطأ في تطبيق القانون ومع ذلك وقف القاضي عاجزاً أمام نصوص ملزمة له لإصدارها مع إيمانه وعلمه اليقيني أنها مشوبة بالخطأ في تطبيق القانون وهو ما سجلته بعض الأحكام في أنها إذ تقضي بعقوبة مخالفة للقانون العقابي إلا أنها لا تملك غير ذلك أمام النص الإجرائي المقيد لذلك. وتداركاً لكل هذه العيوب والأخطاء التي مازال المشرع يقف أمامها موقف المتفرج فإننا نري ضرورة تدخل المشرع علي نحو عاجل وسريع بنصوص قانونية تلغي الأحكام الغيابية في الجنايات وأن تكون جميع الأحكام حضورياً فإذا حضر المتهم بنفسه تعين كضمانة دستورية وإجرائية أن يحضر معه مدافع «محام» علي درجة من القيد بجدول المحامين لا تقل عن القيد بالجدول الابتدائي ويترافع عنه مرافعة جدية تخضع لرقابة محكمة النقض. أما إذا غاب المتهم فنري انه تيسيراً للإجراءات وحتي نحقق ما يتطلع إليه الشارع المصري من محاكمات عادلة وناجزة غابت عن ساحات المحاكم الجنائية حتي الآن ان نكون أمام نص يجيز حضور محام عن المتهم الغائب بتوكيل وذلك بعد التأكد من إعلان المتهم إعلاناً قانونياً بجلسة المحاكمة وتكون لهذا المحامي كافة الضمانات المقررة دستورياً وقانونياً للمحامي الحاضر مع المتهم الحاضر.. فإذا لم يحضر المتهم ولم يحضر محام موكل عنه ففي هذه الحالة يحق لمحكمة الجنايات كما هو الحال بالنسبة للمتهم الحاضر الذي لم يوكل محامياً أن تنتدب له محامياً وتكفل له كافة الضمانات وحقوق الدفاع والشروط المتطلبة لدرجة قيده كما هو الحال بالنسبة للمتهم الغائب. وبهذه الخطوة الإصلاحية نكون قد قضينا علي كافة المشكلات العملية والواقعية والظالمة أحياناً التي أفرزتها النصوص الإجرائية التي تتعامل مع حالات غياب المتهم وما يعقب ذلك من صدور أحكام غيابية عليه سواء أكان منفرداً أم معه متهمون آخرون حاضرون. وبذلك نتلافي ونتدارك كافة أوجه القصور التي عانينا منها وأظهرها الواقع المؤلم في تطبيق النصوص الإجرائية التي تتعامل مع المتهم المحكوم عليه من محكمة الجنايات غيابياً في جناية ونحقق بذلك المحاكمات العادلة والمنصفة والناجزة. وللحديث بقية إن شاء الله.. سكرتير عام حزب الوفد