ليس من إنسان في هذه الدنيا لا يوجد في صدره سر أو أسرار. يحرص على أن تظل طي الكتمان حتى عن اقرب المقربين إليه ! كل واحد فينا يعلم ذلك بينه وبين نفسه . ويمشى وسط الآخرين متظاهراً وزاعماً الوضوح والصدق. وأنه كتاب مفتوح لا يوجد فيه ما يخفيه عن أحد . لكنه يعلم تماماً أيضاً بينه وبين نفسه. كم من الأسرار والأحداث التي ترقد في مقبرة خفيه من أعمق أعماقه! كل إنسان يعلم متى وكيف أخطأ ذات يوم . وأي شيء فعله دون أن يعلم الناس. كل إنسان يمشى وهو يحمل في صدره « قتيل أخطائه وخطاياه»! وبعض الناس تظل أبواب مقابر أسرارهم الشخصية مغلقة . لا تفتح ربما حتى يذهبوا هم أنفسهم إلى مقابرهم ! وبعض الناس يفشلون في إخفاء أسرارهم إلى الأبد. بعضهم يفضح نفسه بنفسه. يكشف أسراره وهو يتباهى. والبعض يخدعه الآخرون ويستدرجونه باستغلال الغفلة والطيبة والثقة التي ليست في محلها! لكن بعض الأسرار يجب أن تظل داخل الإنسان حتى يموت. وهى الأسرار التي تتعلق بالآخرين والتي تؤثر عليهم أو على من يهمونهم . فأنا أفضل الموت وفى داخلي سر قد يفضح إنساناً أو يؤذى حياته وسيرته وسط الناس . عن أن أذيع هذا السر الذي ينبغي أن يظل سراً! وربما لهذا السبب وغيره. قالوا أنه إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب. وإذا كان للأذن أن تسمع. فينبغي على اللسان أن يكون له لجام. لكن لو حسب الإنسان الساعات والأيام والشهور والسنوات. التي يظل يتكلم خلالها بلا حساب. مقارنة بالوقت الذي لزم فيه الصمت وكان يستمع فقط . لكانت الغلبة للسان الذي هو أكثر أعضاء جسد الإنسان نشاطاً طيلة حياته . ولو كان للكلام ميزان. لعجز المرء عن حمل أكوام وتلال وجبال الكلمات التي تحدث بها سنين عمره! وأكثر الناس «مفضوحون» لا أسرار ولا خصوصيات لديهم. فهم إما يفضحون أنفسهم بأنفسهم. وإما اعتدى الآخرون على أسرارهم الخاصة بكل الوسائل وكشفوها وفضحوها ! ويوم الحساب الأخير هو الوقت الوحيد الذي يكون فيه الإنسان بلا أسرار . هناك حيث يقف عارياً مجرداً من كل ستر أو سر. ساعتها يكون كتاباً مفتوحاً لا غموض فيه. وربما ساعتها فقط يعرف الإنسان حقيقة نفسه لأول مرة !