تحمل عملية بيع الدواء للجمهور حالياً مخاطر أقلها ألا يعرف العاملون في الصيدليات- وهم ليسوا صيادلة!- قراءة اسم الدواء الذي يكتبه الأطباء للمرضي!، وإذا اهتدي العامل إلي قراءة اسم الدواء صحيحاً فإنه عادة لا يهتدي إلي موضع الدواء في الصيدلية فيبادر إلي الاعتذار بأن الدواء غير موجود!، أما الهواة الذين أصبحت بعض الصيدليات تعتمد عليهم فإنهم يقدمون أدوية للمرضي لا تخصهم وغير واردة في ورشتة الطبيب!، ويترك المريض لنصيبه وحظه إلا إذا تدخلت المصادفة في استدراك خطأ عامل الصيدلية باللجوء إلي صيدلية أخري تستعين بصيدلاني حديث التخرج لكنه يجيد قراءة أسماء الأدوية، ويعرف أماكن ترتيبها في الصيدلية بنظام يقوم علي تجميع الأدوية حسب اختصاصها بكل مرض، مما يسهل عليه سرعة تحديد المطلوب، ولكن زمان اعتماد الصيدليات علي الصيادلة قد ولي!، فلم تعد صيدلية- إلا فيما ندر- تعتمد علي جهد صاحبها الذي يطلق عليه المدير المسئول، بل يفضل أصحاب الصيدليات حالياً الاعتماد علي عمال محترفين وهواة للنهوض بمهمة التعامل مع الجمهور الذي يشتري الدواء!، وبعض أصحاب الصيدليات يلجأ إلي ملكية صيدلية ثانية وثالثة في نفس منطقة صيدليته الأولي بغية تحصيل أكبر قدر من المكاسب ما يؤكد أن تجارة الدواء مربحة ومكاسبها مؤكدة!، وبعض أصحاب أكثر من صيدلية واحدة يختص واحدة منها بخدمة باقي الصيدليات التي يملكها!، فيلجأ إلي عدم تزويد الصيدليات التي يملكها باحتياجاتها من الدواء!، وإنما يجعل صيدلية بعينها هي المختصة- كأنها مخزنه!- بإمداد سائر صيدلياته بالدواء، التي يعرف عامل الصيدلية أن الدواء المطلوب للزبون لا وجود له إلا في صيدلية واحدة مما يملكه صاحب الصيدليات!، فيستمهل العامل الزبون لكي يخرج ويحضر له الدواء المطلوب من الصيدلية التي يعرف أن بهاء الدواء! وتشهد تجارة الأدوية بين الصيدليات منافسة شرسة باستخدام نسبة الخصم المتاحة في الأدوية المحلية والمستوردة لتختلف نسبة الخصم حسب الدواء المطلوب!، حتي أن بعض الأجزاخانات قد وصفت نظاماً لتسجيل أسماء بعض الزبائن الذين يستحقون منحهم الخصم دون غيرهم من الزبائن «الطياري»، فلابد للمستحق للخصم من رقم كودي فيه اسم الزبون وعنوانه ورقم تليفونه، ولم تعد الصيدليات تقتصر علي بيع الأدوية فقط!، بل تسعي إلي ربحية أكبر تجدها في أصناف التجميل والعطور المختلفة، وقد لا يجد الزبون داخل هذه الصيدلية أدوية بطغيان سلع التجميل- خصوصاً الشائع استعمالها للسيدات- لكي تجدها تجارة ذات ربحية عاجلة، عكس الدواء الذي لا تواتي أصحاب الصيدليات في الوصول بسرعة إلي الربح المطلوب!، وقد أصبحت لبعض سلاسل الصيدليات ذات الاسم التجاري الشهير فرصة استثمارية تبيع بمقتضاها اسمها التجاري لبعض الراغبين في فتح صيدليات!، وقد يكون ضمان الصيدلية بعد فتحها وبدء نشاطها يعود إلي الاسم التجاري الذي تحمله مقابل ما دفعته للصيدلية الأم صاحبة السلسلة، ورغم تعدد الصيدليات بصفة عامة فإن جموعاً من الصيادلة الشبان لا يجدون عملاً لسنوات!، ومنهم من يضطر إلي قبول أجر لا يكافئ مؤهله الذي يحمله كصيدلاني متخصص!، ويشهد الدواء الرخيص حرباً عليه تجعل أصحاب الصيدليات لا يحبذون وجوده في صيدلياتهم، حيث هم يجدون في اقتنائه وبيعه لزبائنه مضيعة للوقت والمال!، فقد أصبحوا يفضلون تجارة الدواء ذات العائد السريع مما يتوفر في الأدوية المستوردة!، وعلي من يحتك بالصيدليات- لا قدر الله- أن يتجمل بالصبر علي مكاره ما تفعله الصيدليات بنا!