لا اقتصاد ولا تنمية ولا نهضة بدون أمن، ولا ازدهار في حركة التجارة الداخلية والخارجية بدون أمن، هذه الجمل سيطرت علي تفكيري وأنا أشاهد موقفاً سينمائياً علي طريق الجيش بين المنيا والقاهرة. هذا الموقف الذي سمعت عنه وتعايشت مع بعض من أصابهم السطو المسلح، ولكن كان مجرد حديث تسمعه الآذان أما أن تشاهد الموقف فهذا هو الجديد والذي لم أتوقعه. فقد سمعت عن محاولة سرقة سيارة ربع نقل من أحد الاقارب في قريتي بالمنيا، ولكنه لم يرضخ للتهديد وأطلقوا عليه النيران الكثيفة ورغم ذلك تماسك حتى وصل إلي «الكارتة - الكريمات» ولكن بعد أن أصابه العديد من الطلقات وشبه تدمير في سيارته، وزميل آخر من المنيا أيضا سرقت سيارة أخوه، وتفاوض أخوه من الخاطفين ودفع مبلغاً وعادت السيارة، وكل هذا والشرطة تقف موقف المتخاذل رغم أنه يقال إن الشرطة تعرف من يقوم بالسطو وفي أي قرية. نعود للمشهد الذي ثبت كل ما قاله الأهل والأصدقاء، فبعد القيام بواجب العزاء بالمنيا، تحركنا يوم الثلاثاء في طريق العودة للقاهرة، ودخل الظلام قبل الدخول علي بني سويف بنصف ساعة، ووصلنا إلي «كارتة حلوان» وبعدها بما يقرب من نصف ساعة وجدنا سيارة ربع نقل أبيض اللون متجه بسرعة جنونية، لم نعبأ بالأمر كثيرا، ولكن ما هي إلي دقائق ووجدنا سيارة صندوق، تنقل البضائع بين المحافظات واقفه، وأحد الأفراد يرفع ذراعيه، وأمامهم السيارة نصف النقل الأبيض، ومن الظلام لم نستطع مشاهدة اكثر من ذلك. وعند نقطة شرطة وأنت في طريقك إلي 15 مايو علي الطريق توقفت سيارة سوداء وخرج منها شخص يهرول نحو ضابط الشرطة تقريبا الساعة السابعة مساء، وتوقفت أنا وذهبت خلفه فوجدته شاهد نفس المشهد، ولكنه كان أقرب فقام بوصف تفصيلي، فماذا فعل الضابط؟. لم يفعل شيئاً غير الاستماع إلي الشخص، مع تأكيدي علي ما يقال، وظل الضابط «يقزقز لب» دون أن يتصل بأي جهة، أو يقوم هو بأي رد فعل، رجعت إلي سيارتي وأخذت ألمح تصرفات الضابط وأمناء الشرطة بجواره، فلم ألمح أي رد فعل واحد، أو حراك نحو تبليغ أي جهة، ويبدو أن المشهد معتاد للضابط وأمناء الشرطة. وهذا المشهد ينقلنا إلي قضية خطيرة وهي تزايد حالات السرقة والسطو المسلح علي طريق الجيش، دون رد فعل قوي من الجهات الأمنية، وهذا ما يدمر حركة التجارة ويقضي علي عنصر الأمان علي الطرق التي تربط بعض محافظات الصعيد، بل لها أثار سلبية علي الاقتصاد الذي يحارب الجميع من أجل خروجه من الظلام، بالإضافة إلي الخسائر التي تلحق بالضحايا، وهو ما يتطلب موقفاً حازماً وحاسماً من الداخلية والجيش.