وسط هذا الزخم من القصص والحكايات حول سوريا يبدو أن بشار الأسد، مازال واثقا من ذاته، ومقتنعا بأن أوراق اللعبة مازالت فى يديه هو وحلفائه وخاصة أنه لا يمكن لأحد أن يتنبأ بتبعات الضربة الأولى، إذا قررت أمريكا ضرب سوريا، لأننا لا نتحدث عن منطقة واحدة، فثمة مناطق أوسع، ليست حول سوريا فحسب. فتلك مناطق مترابطة ومتداخلة، إذا ضربت في مكان ما، فعليك أن تتوقع التبعات في مكان آخر وبأشكال أخرى وأساليب لا تتوقعها. وبذلك إذا حصلت ضربة فستكون هناك تبعات ضد الولاياتالمتحدة من أصدقاء سوريا في إيران أو حزب الله، وأن تلك التبعات يمكن أن تكون أحيانا أكثر تدميرا من الضربة نفسها، بالاضافة الى أن هذه الضربة ستشكل دعماً مباشراً للجهات التابعة للقاعدة مثل جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراقوسوريا.. وخاصة أن الأسد كشر عن أنيابه مراراً وتكراراً، ولم يخضع للابتزاز الامريكى الذى مورس ضد سوريا بدعاوى كاذبة عن الاسلحة الكيماوية، فالحقائق التى تكشف كل يوم تؤكد أن الامريكان صنعوا أكذوبة استخدام الأسلحة الكميائية فى الغوطة، خاصة أن الجنود السوريين تعرضوا لهجوم كيميائي، ودخلوا المستشفى بسبب تعرضهم للأسلحة الكيميائية.. الى جانب أن المنطقة التي زعموا أن الحكومة السورية استعملت الأسلحة الكيميائية فيها، ليس للقوات ولا المؤسسات السورية وجود هناك. لذلك فإن كل ما قاله كيري يذكرنا بالكذبة الكبيرة التي أطلقها «كولن باول» أمام العالم بأسره وعلى شاشات الفضائيات حول أسلحة الدمار الشامل في العراق قبل شن الحرب عليه. والعقل يضعك أمام سؤال كيف يمكن أن تستعمل سوريا أسلحة دمار شامل وجنودها على مسافة أقل من 100 متر منها.. هل هذا منطقي.!. وإذا أردت أن تأخذ بالرواية الأمريكية.. فهم يقولون إن السوريين استعملوا الأسلحة الكيميائية في نفس اليوم الذي وصل فيه فريق التحقيق إلى سوريا. و هذا ليس منطقيا. فحتى لو أراد بلد أو جيش استعمال مثل هذا السلاح، فإنه كان سينتظر بضعة أيام حتى ينتهي التحقيق.. وبالتالى على الولاياتالمتحدة التى اتهمت سوريا أن تقدم الأدلة، فلم يعد مقبولاً الحجة المقدمة من أن المتمردين ليست لديهم إمكانيات استعمال الأسلحة الكيميائية. ولا يمتلكون الصواريخ ولا مخزونات الأسلحة الكيميائية وبالتالي لا يمكن أن يكونوا هم من فعلها.. فالواقع أثبت أن لديهم الصواريخ التى يطلقونها على دمشق، الى جانب أن السارين غاز بدائي جدا يمكن أن تصنعه في حديقة المنزل. وهناك سؤال أيضا عن ما هى الخطوط الحمراء التى يتكلم عنها أوباما ليل نهار فى موضوع سوريا، والتى يجب ألا يقترب منها أحد، خاصة أن بوسع أوباما أن يضع خطوطا لنفسه ولبلاده.. وليس للبلدان الأخرى. أما إذا أردت أن تتحدث عن خطوط العالم الحمراء. فإن الولاياتالمتحدة استخدمت اليورانيوم المنضب في العراق. وإسرائيل استعملت الفوسفور الأبيض في غزة ولم يقل أحد شيئا. وهى بذلك خطوط حمراء سياسية. وبالتالى فعلى أمريكا أن تبدأ فى وقف تهريب الإرهابيين القادمين من الخارج ووقف الدعم اللوجستي. والأموال، والشروع في حوار وطني تجلس فيه جميع الأطراف السورية وتناقش مستقبل سوريا. لأن الحرب قائمة بسبب الدعم المقدم من خارج سورية لكلا الطرفين.. والأيام أثبتت أن الولاياتالمتحدة أخفقت في معظم حروبها لأنها بنت حروبها دائما على معلومات خاطئة، ولا ينبغي أن يصغوا لوسائل إعلامهم أو مراكز أبحاثهم وحسب. وعندما تتوقف البلدان الغربية عن دعم الإرهابيين وتضغط على البلدان الدمى التابعة لها مثل تركيا وغيرها.. لن تكون هناك مشكلة في سوريا، فينبغي للثورة أن تكون سورية.. ولا يمكن أن تكون مستوردة من الخارج. فالمعارضة تختلف عن الإرهاب. فهى لا تحمل السلاح وتقتل الناس وتدمر كل شيء. فهل نسمي الناس الذين خرجوا في لوس انجلوس في التسعينيات متمردين أم معارضة؟ وكيف وصف البريطانيون المتمردين قبل أقل من عامين في لندن؟ والسؤال الآن ماذا سيحدث فى سوريا بعد أن أظهرت الاستطلاعات أن الجزء الأكبر من الشعب الأمريكي لا يريد حرباً في أي مكان، وليس في سوريا فحسب. والكونجرس بصبغته الجمهورية يميل لتسليح المعارضة، ولكن يرفض إنزال قوات أمريكية على الأرض.. فما الذي تمنحه الحروب لأمريكا.. منذ حرب فيتنام وحتى الآن... لا شيء.. لا مكاسب سياسية.. ولا مكاسب اقتصادية.. ولا سمعة حسنة. لقد بلغت مصداقية الولاياتالمتحدة أدنى مستوياتها على الإطلاق. وهكذا.. فإن هذه الحرب تتعارض مع مصالح الولاياتالمتحدة. لقد شكلت هذه الحرب دعما للقاعدة فى صورتها الجديدة المسماة «داعش» وخاصة أن دمية أمريكا فى المنطقة «تركيا أردوغان» تدعم داعش، وهذا ما أكدته صحيفة نيوزويك في عددها الصادر بتاريخ 7 نوفمبر 2014, من خلال شهادة أحد المجاهدين في الدولة الاسلامية أكد فيها على اتفاق يسمح لمقاتلي الدولة الاسلامية بعبور الحدود التركية. وأشار أيضا إلى أن بعض القادة في الدولة الاسلامية يتكلمون التركية ويتحادثون عبر أجهزة الراديو مع السلطات التركية باستمرار. إن ما يحدث فى سوريا حاليا يؤكد أن أمريكا تعيد أخطاءها كما هى فالاكاذيب والادعاءات بوجود الاسلحة المدمرة فى العراق أصبحت كيماوى فى سوريا، وصدام استبدل بالأسد، وتركيا فى المرتين هى العامل المشترك الذى لم يتغير حتى فى المسمى، والدولة الكردية تلوح فى الأفق بأجزاء مستقطعة من العراقوسورياوتركيا. ويبدو أن استخدام أمريكا لأكذوبة محاربة داعش مستمرة حتى تحقق أمريكا مآربها فى المنطقة.