للفقر تاريخ لا يمكن طيّه في حياة الكثير من المصريين ، إلا أن شهر رمضان الكريم بمجرد حلوله يمس سحره الفقراء والاغنياء ، لينشر بينهم البهجة والسعادة ، فيشعر الاغنياء بالآم الفقير ومُعاناته طوال العام، ويظهر ذلك بوضوح في انتشار موائد الرحمان في كل شوارع وحواري مصر، والفقير يشكر ربه برضا وحمد علي عطايا الله في شهر الخير الذي ينتظره من عام إلي عام بفارغ الصبر. التقطت الوفد بفئات المجتمع من أغنياء وفقراء مصر لتعيش معهم أول لحظات أستقبالهم الشهر الكريم ، فعلي الرغم من تفاوت مستوي المعية بينهم والذي قد يصل من سابع سماء لسابع أرض ، إلا انهم اتفقوا علي الجلوس علي مائدة السعادة لتكريم الله والتعبد له ، أقسموا ان يتشاركوا الفرحة وان يتقاسموا لذة العباة في الشهر الكريم. تقابل الوفد مع سيدة بسيطة يبدو علي ملامحها انها في العقد الثالث من عمرها تسير بعربة محملة بالقمامة يجرها حمار، تتوقف من حين لاخر لتجمع الكراتين مع أولاد زوجها التي تسير مهم ، ترتدي ملابس متواضعة عبارة عن جلباب متسخ من كثرة العمل طوال اليوم في جمع القمامة ، لكنها تستقبلك بأبتسامة بمجرد ان تتحدث معها ، وبالتقرب منهم تسألك الطفلة الصغيرة التي معها عن 50 قرشا حتي تشتري شيبسيي مثل شقيقها ...ومن هنا بدأ حديثي مع زوجة ابيها التي تدعي " هبة " لتروي عن استقبالهم لشهر رمضان ،وسألتني عن " المايك " علي اعتبار اني مذيعة فأوضحت لها اني صحفية ، إلا انها لا تعلم ما الفرق بين قناة وصحافة ، ورغم ذلك تحدثت بفطرية وهي تبدأ في تخيلها لاستعدادات رمضان ، لتضحك في خجل غير متذمرة علي حالها قائله " احنا عايشين زي باقي الناس ممكن نفطر في رمضان علي كوب ماء وبعد كده ناكل فول وطعمية وممكن لما ربنا يعطف علينا خلقه ناكل لحمة اعطاها لنا فاعل خير " وفي السحور قالت انهم من الممكن ان يتناولوا زبادي او فول حسب المتاح لهم . وبسؤالها عن مسكنها قالت : انها تعيش في عيشة في المقابر مع زوجها وزوجته الأولي وأولادهم السبعة وخطيب أبنة زوجها الذي يعمل معهم في جمع القمامة .وانها تشعر بفرحة رمضان عندما يتجمع افراد العائلة معا في وقت واحد لتناول الفطور. وأضافت وهي فخورة انها تعمل في تلك المهنة منذ فترة إلا انها تعاني من نظرات التحقير والتقليل منها وقالت " انا أفضل أني اشتغل كزبالة علي اني أمد ايدي للناس وأشحت " وعن مزاولتها للعمل في شهر رمضان قالت انهم يخرجون للعمل معا كل يوم في الصباح للعمل حتي العصر ثم يفطرون ويستكملوا عملهم حتي المساء حتي يستطيعوا توفير احتياجتهم الاساسية . ومع رمضان تنتشر موائد الرحمان حتي لا تترك احدا جائعا، لكن هبه قالت انها تفضل ان تفطر مع عائلتها في عشتها لانها تحب ان تشعر بالجو الاسري ، لتترك لغيرها فرصة علي مائدة الرحمان . وفي النهاية شكرت " هبة " الله علي شهر الكرم وقالت ان هناك من يساعدها اثناء مزاولة عملها باعطاءها كيس سكر أو زجاجة زيت . وأمام فرن الخبز تقابل الوفد مع أم محمد وهي جالسة تنتظر فتح المخبز ابوابة وقالت " في رمضان مفيش حد بينام جعان ولكن كلنا حاسين بالقلق لانه مفيش ضبط اسعار " ، وطالبت من الحكومة الجديدة بمراقبة السوق حتي لا تعطي الفرصة للتجار بتغير الاسعار وفقا للاهوائهم ، موضحة ان هناك بعض الاسر التي تصنف طبقا للاسر متوسطة الحال الا انها لم تستيطع شراء اللحمة في رمضان الا مرتين او ثلاث مرات فقط. وعن ابرز ما يميز شهر رمضان قالت زينب نحن نقوم بتبادل الاطباق والاصناف مع الجيران ويكون هناك جو من العشرة والود بين اهالي المنطقة كلها ، وتعلق الزينة والانوار من ابرز ما يميز رمضان لتعلن عن ترحابها باستقبال شهر رمضان . انتقلنا للفئة الاخري والتي تمثل طبقة الاغنياء في مصر ، ليتحدث "الوفد " مع سيدة الاعمال "عزيزة نور الدين" صاحبة مصانع للملابس في الهرم وقالت ان رمضان شهر للخير والصيام بحلوله يضفي علي البيت بركة. وعن استعدادها لشهر رمضان قالت :في رمضان هناك طقوس خاصة بطبيعة المأكولات فيجب ان يكون هناك حساء الشربة أولا للبدء به الفطور ثم نتاول المشويات واللحوم التي تعتبر طبق اساسي علي المائدة ثم نتناول الحلويات الشرقية التي تميز شهر رمضان كالقطايف والكنافة حتي تمد الجسم بالسكريات الازمة له ، وأضافت عزيزة " نحن نحاول ان نأكل طعام صحي بدون زيادة في حجم الاكل نفسه ، الا ان يجب ان يكون متنوع " وعن السحور في رمضان قالت " نتناول زبادي وبعض المشروبات مع الفطائر والفول " وعن مزاولتها للعمل وسير حركة الانتاج في المصنع قالت : لشهر رمضان طبيعة خاصة في العمل ، حيث يتم السماح للعمال بالانصراف قبل المغرب ، ليتسطيع الجميع الفطار في منزلة مع اسرته ،خاصة ان هناك بعض العاملين يسافرون يوميا فنسمح لهم بالاستئذان قبل موعد الأنصراف بساعة . إلا انها ابدت استيائها من تمرد العمال في الفترة الاخيرة موضحه انهم اصبحوا غير ملتزمين في العمل متأثرين بحركة اعتصامات العمال التي يسمعونها في القطاع العام ، مشيرة ان ذلك يؤثر في النهاية علي الوقت المطلوب من المصنع لتسليم التوريد . وأضافت سيدة الأعمال أنها اعتادت علي عمل فطور جماعي في المصنع مع بداية شهر رمضان ليضم جميع العمال علي مائدة واحدة لخلق جوا من الود والمحبة بينهم ،وأستكملت حديثها ان شهر رمضان يزيد فيه اعمال الخير والزكاة علي الاسر المحتاجة . وعن مشاركتها في الموائد التي من المنتظر ان تقام في ميدان التحرير قالت" انا معنديش أي مانع اشارك في الميدان ، وانا بنتي كانت بتنزل بصورة مستمرة للمشاركة مع اصدقاءها في الثورة " وعن الاحتفالات في الخيم الرمضانية قالت " كنا زمان احتفل مع اطفالي وهم صغار في الخيم الرمضانية ..وفي بعض الاحيان يذهب اولادي مع اصدقائهم لقضاء سهره والسحور مع اصدقاءهم ...إلا انه في الوقت الحالي اصبحت البلد زاحمة ..ونكتفي بالزيارات العائلية وزيارة الاصدقاء والتي تميز رمضان . وبين اغنياء وفقراء مصر تظهر الطبقة المتوسطة التي تحاول ان تحافظ علي توازن المجتمع الا أنها تعاني كثيرا من زيادة الاسعار في رمضان مع دخلها المحدود لذلك تلجاء للادخار طوال السنة من اجل تغطية احتياجات شهر رمضان . الا انه في النهاية يعيش الجميع شهر رمضان في سعادة.