تحل اليوم الأحد الذكرى ال41 لرحيل عميد الأدب العربى، مبدع السيرة الذاتية فى كتابه الأيام "طه حسين"، الذى وافته المنية فى مثل هذا اليوم عام 1973، تاركًا وراءه تاريخًا حافلاً من الإنجازات الأدبية. ولد طه حسين فى 15 نوفمبر 1889، في إحدى قرى محافظة المنيا لأسرة فقيرة، حيث كان والده يعمل موظفا فى شركة السكر، وكان طه ترتيبه السابع بين أخواته، أصيب بالعمى فى سن الرابعة، حفظ القرآن وكان حريصا على حضور حلقات الذكر، والاستماع إلى سيرة عنترة بن شداد، وأبو زيد الهلالي. فى عام 1902 دخل طه الأزهر للدراسة الدينية، ونال شهادته التي تخوله لدخول الجامعة، وكانت الأعوام الأربعة التي قضاها فيها، مرت وكأنها أربعون عاماً نظرا لعقم المنهج، وعدم تطور الأساتذة والشيوخ وطرق وأساليب التدريس. عندما فتحت الجامعة المصرية أبوابها عام 1908 كان طه حسين أول المنتسبين إليها، فدرس العلوم العصرية، والحضارة الإسلامية، والتاريخ وعدداً من اللغات الشرقية، وحرص على حضور دروس الأزهر والمشاركة فى ندواته اللغوية والدينية، حتى نال الدكتوراه عام 1914، وقد اتهم بالزندقة والخروج عن الدين. وفى العام نفسه الذى حصل فيه على الدكتوراه أوفدته الجامعة إلى مدينة مونبيليه للاستزادة من العلم، حيث درس التاريخ الحديث وعلم النفس حتى عاد 1915 أقام فيها حوالي ثلاثة أشهر أثار خلالها معارك متعددة، محورها الكبير بين تدريس الأزهر وتدريس الجامعات الغربية، ما دعا لاتخاذ قرار بحرمانه من المنحة المعطاة له لتغطية نفقات دراسته في الخارج، لكن تدخل السلطان حسين كامل وحال دون تطبيق هذا القرار، فعاد إلى فرنسا، فدرس علم الاجتماع والتاريخ اليوناني والروماني والتاريخ الحديث وأعد خلالها أطروحة الدكتوراه الثانية "الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون". وفي غضون تلك الأعوام كان تزوج من سوزان بريسو، الفرنسية السويسرية، التي ساعدته على الإطلاع أكثر فأكثر بالفرنسية واللاتينية، فتمكن من الثقافة الغربية إلى حد بعيد، وكان لها الأثر في حياته، فقامت له بدور القارئ، وأمدته بالكتب بطريقة بريل، كما دفعته للتقدم دائماً. عندما عاد إلى مصر سنة 1919 عُين طه حسين أستاذاً للتاريخ اليوناني والروماني في الجامعة المصرية، وكانت جامعة أهلية، فلما ألحقت بالدولة سنة 1925 عينته وزارة المعارف أستاذاً فيها للأدب العربي، فعميداً لكلية الآداب في الجامعة نفسها، وذلك سنة 1928، لكنه لم يلبث في العمادة سوى يوم واحد؛ إذ قدم استقالته من هذا المنصب تحت تأثير الضغط المعنوي والأدبي الذي مارسه عليه الوفديون، خصوم الأحرار الدستوريين الذي كان منهم طه حسين. وفي سنة 1930 أعيد طه حسين إلى عمادة الآداب, لكن, وبسبب منح الجامعة الدكتوراه الفخرية لعدد من الشخصيات السياسية المرموقة، مثل عبدالعزيز فهمي، وتوفيق رفعت، ورفض طه حسين لهذا العمل, أصدر وزير المعارف مرسوماً يقضي بنقله إلى وزارة المعارف، لكن رفض العميد تسلم منصبه الجديد اضطر الحكومة إلى إحالته إلى التقاعد سنة 1932. على إثر تحويل طه حسين إلى التقاعد انصرف إلى العمل الصحفي فأشرف على تحرير "كوكب الشرق" التي كان يصدرها حافظ عوض، وما لبث أن استقال من عمله بسبب خلاف بينه وبين صاحب الصحيفة، فاشترى امتياز جريدة "الوادي" وراح يشرف على تحريرها, لكن هذا العمل لم يعجبه فترك العمل الصحفي إلى حين, كان هذا عام 1934. وفي العام نفسه أي عام 1934 أعيد طه حسين إلى الجامعة المصرية بصفة أستاذ للأدب، ثم بصفة عميد لكلية الآداب ابتداء من سنة 1936. وبسبب خلافه مع حكومة محمد محمود, استقال من العمادة لينصرف إلى التدريس في الكلية نفسها حتى سنة 1942، سنة تعيينه مديراً لجامعة الإسكندرية، إضافة إلى عمله الآخر كمستشار فني لوزارة المعارف, ومراقب للثقافة في الوزارة عينها, وفي عام 1944 ترك الجامعة بعد أن أُحيل إلى التقاعد. وفي سنة 1950، وكان الحكم بيد حزب "الوفد"، صدر مرسوم تعيينه وزيراً للمعارف, وبقي في هذا المنصب حتى سنة 1952، تاريخ إقامة الحكومة الوفدية، بعد أن منح لقب الباشوية سنة 1951، وبعد أن وجه كل عنايته لجامعة الإسكندرية، وعمل رئيساً لمجمع اللغة العربية بالقاهرة وعضواً في العديد من المجامع الدولية, وعضواً في المجلس العالى للفنون والآداب. وفي سنة 1959 عاد طه حسين إلى الجامعة بصفة أستاذ غير متفرغ, كما عاد إلى الصحافة, فتسلم رئاسة تحرير "الجمهورية". حاز مناصب وجوائز شتى, منها تمثيله مصر في مؤتمر الحضارة المسيحية الإسلامية في مدينة فلورنسا بإيطاليا, سنة 1960، وانتخابه عضوا في المجلس الهندي المصري الثقافي, والإشراف على معهد الدراسات العربية العليا، واختياره عضوا محكما في الهيئة الأدبية الطليانية والسويسرية. وقد رشحته الحكومة المصرية لنيل جائزة نوبل، وفي سنة 1964 منحته جامعة الجزائر الدكتوراه الفخرية, ومثلها فعلت جامعة باليرمو بصقلية الإيطالية, سنة 1965. وحصل على قلادة النيل، إضافة إلى رئاسة مجمع اللغة العربية, وفي عام 1968 منحته جامعة مدريد شهادة الدكتوراه الفخرية، وفي سنة 1971 رأس مجلس اتحاد المجامع اللغوية في العالم العربي, ورشح من جديد لنيل جائزة نوبل، وأقامت منظمة اليونسكو الدولية في اورغواي حفلاً تكريمياً أدبياً قل نظيره. وأيضا كان وزيرا للتربية والتعليم في مصر.