استخدم الشاشة الفضية في التحريض على الثورة ضد الظلم والفساد؛ فالسينما بالنسبة إليه لم تكن وسلية لتسلية الجمهور وإمتاعه فقط بل هي منبر يُعبر من خلاله عن آرائه السياسية وأفكاره المتمردة على السينما التقليدية. إنه المخرج العالمي يوسف شاهين الذي يمر اليوم ذكرى رحيله الثالثة؛ حيث رحل في السابع والعشرين من شهر يوليو عام2008 عن عمر 82عاما. يُعد المخرج الراحل يوسف شاهين من أشهر المخرجين الثوار بالمنطقة العربية؛ فلم يكن ثائرا على الأوضاع السياسية التي تعاني منها مصر والمنطقة العربية؛ بل كان ثائرا ضد السينما التقليدية و"التابوهات" الاجتماعية التي فُرضت على آداء السينما بمصر والعالم العربي. ففي الفترة بين 1964 و 1968 سافر شاهين خارج مصر وعمل هناك بسبب خلافاته مع النظام الحاكم إلا أنه عاد لمصر بعد وساطة من الكاتب عبد الرحمن الشرقاوي. ولم تكن معارضة شاهين لنظام ناصر فقط بل امتدت لنظام مبارك أيضا؛ فقدم برؤية سينمائية عميقة العديد من الأفلام التي كشفت الفساد السياسي والاجتماعي مثل فيلمه الأخير "هي فوضى"2007 الذي تناول تجاوزات الشرطة المصرية والفساد السياسي والاجتماعي. كما قدم فيلم العصفور عام 1972 الذي أشار من خلاله إلى سبب هزيمة الجيش المصري في حرب 1967 . ولم يكن شاهين يُهاجم فقط من قبل السلطة والأنظمة الحاكمة فقط؛ بل كان للجماعات الإسلامية والأصوليين دورا كبيرا في الهجوم عليه خاصة بعد فيلم المُهاجر عام 1994 الذي تناول قصة سيدنا يوسف . وتنوعت أفلام شاهين التي عبرت عن الصراع فمنها ما عبر عن الصراع الطبقي مثل فيلم "صراع في الوادي - الأرض - عودة الابن الضال" ومنها ما عبر عن الصراع الوطني مثل " الناصر صلاح الدين ؛جميلة بوحريد ؛ وداعاً بونابرت" . حصل يوسف شاهين على العديد من الجوائز عن إبداعه السينمائي من أهمها جائزة الدب الفضي من مهرجان برلين السينمائي عن "اسكندرية ليه"؛ وحصل على جائزة الإنجاز العام من مهرجان كان السينمائي عن فيلم "المصير"؛ وفي مئوية السينما المصرية اختير له سبعة أفلام لتكون ضمن أهم 100 فيلم مصري وهي "صراع في الوادي، باب الحديد، الناصر صلاح الدين، الأرض، العصفور، عودة الابن الضال واسكندرية ليه".