غاب عن الدول العربية أن المدخل الرئيسى للعب دور قيادى فاعل إقليميا ودوليا يرتبط بمدى ودرجة الاستقلال الوطنى الذى تحظى به كل دولة. أى استقلال القرار الوطنى والارادة الوطنية، فبدون ذلك يتعذر من الناحية العملية أن تسعى الدولة إلى لعب دور ريادى. فعبر الاستقلال الوطنى تتجه القيادات لتبنى السياسات التى تحقق مصالحها الوطنية وتلبى متطلبات أمنها القومى. ومن ثم تتصاعد عندئذ قيمة الدولة وتصبح رقما صعبا على الصعيد الدولى تسعى كل الأطراف إلى التحالف معها وتجنب معاداتها. بيد أن العرب ظهروا على الساحة وكأنهم أدمنوا الانكسار عندما انفصمت عرى الوحدة بينهم وبادرت دول منهم فالتحفت بأمريكا وأدمنت التبعية لها، فحكمت على نفسها بالهزيمة والخذلان. وعندئذ بات توحيد الرؤى العربية ضربا من الخيال وأصبح صوت العرب فى مهب الريح بعد أن ارتهنوا للخارج وانصاعوا لما يملى عليهم من أمريكا وشركائها. ووسط هذه الصورة المزرية البائسة رأينا دولا كقطر تلعب دور رأس الحربة ضد الأشقاء فتبادر بدعم الارهاب عبر التمويل والتسليح والتدريب وآلة الاعلام الجهنمية لإسقاط النظام فى سورياتحديدا وإثارة زوابع الفوضى فى دول أخرى ليسرى كل هذا وسط موجة من توظيف الاسلام السياسى لهدم المجتمع وهدم الثقافة العربية والدولة الوطنية. غاب عن قطر ومن حذا حذوها تقييم الموقف بعقلانية. غاب عنهم الرؤية الصائبة فكان أن انحرفوا عن الجادة بعد أن أغواهم الشيطان الأمريكى بتنفيذ مآربه مقابل منحهم ضمانة البقاء على عرش السلطة. نسوا فى هذا الخضم أن السلطة عرض زائل، فكان أن انساقوا وراء طموحات الغرب المريض الذى استنزفهم وفرض عليهم شروط إذعان غيبت معها ولاءهم للوطن والالتزام بعقيدة الوحدة والتضامن، فغرقوا فى مستنقع إشعال الصراعات من خلال إثارة النزعات المذهبية الطائفية الاثنية والتى باتت أحد أعمدة أمريكا الاستراتيجية لإعادة تصدير الارهاب إلى المنطقة. الغريب بعد هذا أن يخرج العرب بمشروع قرار يتضمن التنسيق مع أمريكا لمواجهة تنظيم «داعش» رغم أنهم على يقين بأن أمريكا ضالعة فى وجوده وصنعه وتأسيسه ومنحه أكسير الحياة. ومن ثم كان من الطبيعى أن تثار الشكوك حول مدى جديتها فى دحرالارهاب والعمل على مجابهته. ولهذا كان يتعين على العرب فيما لو أنصفوا ألا ينساقوا وراء أمريكا وقد ثبت لهم كذبها وخداعها. وتكفى المؤامرات التى نسجتها وتنسجها ضد دولهم ليظل لها الهيمنة الكاملة على مقدرات المنطقة. وتكفى العهود التى منحتها وحنثت بها لتصبح هباء منثورا،والوعود غير القابلة للتنفيذ على أرض الواقع والتى ثبت أنها مجرد رتوش هلامية وزيف واضح لكل ذى عينين، فهل آن الأوان للعرب كى يفيقوا..؟