فى عالم السياسة والمصالح كل شىء مباح ولكن على العاملين بها استخدام المساحيق وارتداء مسوح القديسين والتلفح بكلمة مكافحة الإرهاب رغم أنهم صانعوه، وهذا يفسر وعد أوباما بأن حرب أمريكا الآخذة بالتوسع بشكل مضطرد ضدّ داعش لن تشتمل على عددٍ كبير من القوات الأمريكية العاملة على الأرض. هذا رغم أن الضربات الجوية وحدها لن تهزم هذه الجماعة المتطرفة؛ وبالتالى هذا يعني أنه إذا كان الرئيس يريد تحقيق هدفه بعيد المنال المتمثل بتدمير داعش، فإنه سيعتمد على الشركات الأمنيّة الخاصة وعلى رأسها بلاكووتر، وهى مؤسسة المرتزقة الاجرامية متعددي الجنسيات والمتواجدة في سياق الحرب المستعرة بين عصابات (داعش) وعصابات «الجيش الحر» من «لواء عاصفة الشمال» ،فلقد كشفت الأولى أن الثانية تتعامل مع شركة «بلاك ووتر للخدمات الأمنية» الأمريكية، التي تضم في صفوفها مدربين ممن خدموا بالجيش الإسرائيلي فضلا عن تهم أخرى تتراوح بين السرقة والنهب والتجسس لصالح وكالة المخابرات المركزية الأمريكية. وما جري في الموصل العراقية من عنصرية دينية بحق «النصارى» و«الروافض»... وإساءةً «للسنة» على حد سواء ، يؤكد ان بلاكووتر لا تزال تعبث في العراق جرماً، لتستكمل ما استُقدمت عناصرها لأجله منذ اجتياح العراق.عندما أتى بها بوش الابن بتمويلٍ من اللوبي الصهيوني، وقد أكد المعهد الأمريكي «ذا نيشين» وبالاستناد إلى سجلات رسمية حكومية، أن حكومة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش دفعت مبلغاً يصل قدره إلى 320 مليون دولار لهذه المنظمة في العام 2004 مقابل «تأمين خدمات الأمن الدبلوماسي»، الغطاء الأمني الذي تتخذه بلاكووتر ذريعةً لتنفيذ عملياتها، وهو ما تفعله الآن فى سورياوالعراق كما نفذته في ليبيا، ولبنان عند استقدام قوات «المارينز» تحت نفس الذريعة «حماية سفارة الولاياتالمتحدة»، في ظل الأوضاع الأمنية المهتزة التي تعيشها المنطقة. وهذا ما تؤكده ممارسات تلك المنظمة التي تنفّذ أجندة العقيدة التي تتبعها في هدم تاريخ الحضارات والشعوب وتصفيتها، عبر رمي الفتن المذهبية فيما بينها كستارٍ لحربِ المخابرات والنفط والمصالح الايديولوجية السياسية التي تخوضها. هذه المنظمة الموصوفة بالأخطر والأكثر سرية، تتنقل بين البلدان، لاسيما العربية، لخوض حروبٍ ضروس، حروب إبادة، بدأت أولاً في أفغانستان.. ولن تكون وجهتها الأخيرة سوريا. ومن أبرز عملياتها التي قادتها كانت العمليات العسكرية في الفلوجة، بالإضافة الى القتلة المأجورين الذين قاموا بتنفيذ «الاغتيالات الخاصة» في النجف. وبحسب الدراسات والكتب التي تناولت أهداف المنظمة المجرمة، فإن منظمة المرتزقة هذه من تأسيس المتطرف اليميني الأصولي، الضابط السابق في البحرية الأمريكية - المارينز - إيريك برينس، المنحدر من أسرة غنية من «المحافظين»، والتي يسجل لها دعمها المادي للحركات اليمينية المتطرفة،ومهمتها الرئيسية: «الحرب بالوكالة»، وهو الأسلوب الذي تتبعه الولايات المتَّحدة الأمريكية في حملاتها الاستعمارية للبلاد التي اجتاحتها.. كما فى أفغانستانوالعراقوسوريا... وما «بلاك ووتر» و«داعش» مروراً «بالنصرة» و«القاعدة» إلا أسماء لنظام «حرب بالوكالة» الذى تتبعه أمريكا فى الحروب الآن والتاريخ خير شاهدٍ وشهيد. وهكذا نجد أن الامريكان وبحجة مكافحة ما يسمى «الإرهاب العالمي» ونشر الديمقراطية والاصلاح يساهمون في تدهور الوضع الامني وإشاعة الفوضى والاضطراب السياسي والاجتماعي في العراق ويلحقون المزيد من المآسي والتدمير والاجرام على الصعيد الإنساني والبشري والحضاري لشعب العراق المظلوم. ورغم ما قيل من أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أنهى تعاقد وزارة الخارجية الأمريكية مع «بلاك ووتر» لحماية دبلوماسييها بمجرد وصوله إلى السلطة في عام 2009، لكن الحكومة الأمريكية لا تزال تتعامل مع الشركة في أعمال أخرى – سرية ومعلنة- كان آخرها ما كشفته صحيفة «دير شبيجل» الألمانية عن إرسال حوالي 400 جندي تابع ل«بلاك ووتر» إلى شرق أوكرانيا، إبان الأزمة هناك في مايو الماضي، لحساب الجيش الأمريكي، ولا تزال حدود عمل الشركة تتقاطع بشكل «غامض» – حسب تعبير رئيس لجنة التحقيق الأمريكية – مع عمل الجيش الأمريكي ووكالة الاستخبارات المركزية. وللأسف أن رغبة وزارة الخارجية الأمريكية في حماية أنشطة «بلاك ووتر» في العراق من التحقيق والمتابعة قد أثرت بشكل كبير على بناء الجيش العراقي وقدرته على مواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام».. وهناك كتاب «مرتزقة بلاك ووتر.. جيش بوش الخفي» أظهر فيه الصحفي الأمريكي البارز «جيرمي سكاهيل» الدور الذى تلعبه تلك المؤسسة القذرة لصالح الأمريكان، وبعض الجوانب الخفية عن عملهم بالعراق، حيث يصل أجر الشخص إلى 1500 دولار يوميا. وتبنى البنتاجون سياسة جيش القطاع الخاص التي وفرت له أكثر من مائة ألف من المرتزقة يقاتلون في العراق لصالح الجيش الأمريكي. ونجحت الشركة أيضا في توظيف شخصيات احتلت مكانة نافذة في دائرة صنع القرار السياسي في الولاياتالمتحدةالأمريكية ليشكلوا مجلس إدارتها، حيث يشير سكاهيل إلى أن على رأس هؤلاء جيري بوير وهو «سياسي محافظ معروف بتأييده غير المحدود لإسرائيل وإيمانه بضرورة استخدام القوة العسكرية لحماية مصالح الولاياتالمتحدة»، وهناك أيضا الجنرال كوفر بلاك الرئيس السابق لإدارة مكافحة الإرهاب في وكالة المخابرات الأمريكية الذى قاد الفريق المسئول عن مطاردة بن لادن في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر»... شركة «بلاك ووتر» العاملة في العراق قامت بتدريب منتسبيها الذين ليسوا بالضرورة أن يكونوا أمريكيين بل هم خليط من مختلف الجنسيات والهدف من عملهم هو إطالة فترة الاحتلال الأمريكى للعراق، فهؤلاء لا يخضعون للقانون العسكري الأمريكي ولا لأي قانون سوى المصلحة والمال وهو المطلوب!