عندما انتهت الحرب العالمية الثانية، بانتصار الحلفاء، وبينهم أمريكا كانت القوات المسلحة الأمريكية منتشرة في العديد من الدول في صورة قواعد عسكرية أمريكية، وتوجد حالياً هذه القواعد في جزر هاواي ثم في بريطانيا، وفي ألمانيا، وفي تركيا، وفي اسرائيل وكذلك في دول الخليج العربية البترولية، كما احتلت امريكاالعراق وأفغانستان، ولها قاعدة ايضاً في كوريا الجنوبية، واليابان وأندونيسيا بجزيرة تيمور، وذلك تنفيذا للاستراتيجية الامبراطورية الامريكية الكونية!! والمهمة الأساسية لهذه القواعد، ليست فقط حماية ومساندة النفوذ الامبريالي الامريكي في العالم، وانما بصفة أساسية لحماية شركات البترول الامريكية الموجودة في هذه الدول، وقد أنشأت الولاياتالمتحدة هذه القواعد العسكرية، في مختلف دول العالم تأسيساً على أنه لا توجد ضرورة أو جدوى من استخدام الردع النووي الامريكي لهذه الدول، ويكفي للمحافظة على مصالح امريكا وجود هذه القواعد العسكرية، القادرة على توفير التأمين الكامل للشركات البترولية الامريكية، وذلك بمراعاة أن الامبراطورية الامريكية تعتمد اساساً على تحقيق احتكار امريكا للطاقة البترولية، وعلى احتكار المعلوماتية عالمياً، وكذلك فإن الاستراتيجية الإمبريالية الامريكية تستلزم ضمان تأمين نقل البترول الى أوروبا وامريكا من «باب المندب» ثم البحر الأحمر وقناة السويس!! ولم تنجح الادارة الامريكية في تحقيق وجود قاعدة عسكرية في منطقة قناة السويس حتي الآن، وهذا الغرض بداهة هو أحد اهداف الاستراتيجية السياسية الكونية لأمريكا بالنسبة لمصر. ولقد اشتملت الاستراتيجية الامريكية خلال رئاسة أوباما التحالف بين امريكا والجماعات الارهابية المتأسلمة وعلى رأسها جماعة الاخوان الارهابية، وقد عمدت الادارة الامريكية الى نشر خطة «الفوضى الخلاقة» لتدمير وتفتيت أنظمة الدول العربية الحاكمة وتقسيمها على نحو يشبه ما سبق أن قام به الاستعمار الغربي باتفاقية «سايكس - بيكو» وقد تآمر الرئيس الأسود أوباما مع الاخوان الارهابيين لاسقاط الدولة المصرية، وتقسيمها مع استيلائهم على سدة الحكم في مصر بواسطة سيطرة الجماعة على ثورة 25 يناير سنة 2011 ولكن خاب قصد أوباما وحلفائه بحدوث ثورة 30 يونية سنة 2012 التي خرج خلالها 33 مليون مصري للتظاهر في الشوارع بكل مصر لاسقاط النظام الاخواني الارهابي والفاشي، والمتستر في الاسلام ونتيجة لذلك فقد اتخذ أوباما موقفاً عدائيا من مصر، وحرض وساعد هذه الجماعة الارهابية على استخدام اسلوب الاغتيال والقتل والابادة الجماعية لضباط وعساكر القوات المسلحة والشرطة مع المدنيين مع التدمير والتخريب لأبراج ومحطات الكهرباء، وزرع القنابل وتفجير مديريات الأمن بالدقهلية والقاهرة مع حرق وتدمير سيارات الشرطة والمدنيين!! ومازالت هذه الأعمال الاجرامية مستمرة يومياً منذ 30 يونية سنة 2012 ومنظومة الصرف الصحي.. الخ. وقد طلب أوباما في الأسبوع الماضي مقابلة الرئيس السيسي في نيويورك علي هاشم الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة، وبدلاً من أن يتم الاجتماع بصفة رسمية بالبيت الأبيض تعمد أوباما إجراءه بفندق «الدورف استوريا» بنيويورك!! ولهذا دلالة سياسية لا تخفى على أحد، ولم يلتزم أوباما في الاجتماع باحترام استقلال وسيادة مصر، وذلك بتدخله في الشأن المصري صراحة، حيث طالب بضرورة تمكين جماعة الاخوان الارهابية من مباشرة النشاط السياسي والمشاركة في حكم مصر رغم اتمام خطوتين من مراحل خريطة الطريق بعد ثورة 30 يونية سنة 2012 حيث تم انجاز الدستور الجديد، والانتخابات الرئاسية وذلك بأغلبية شعبية ساحقة!! كما طالب أوباما بالافراج عن محكوم عليهم قضائياً في مصر من العناصر العميلة للادارة الأمريكية مهدراً حقيقة الاستقلال التام للسلطة القضائية المصرية، وعدم جواز التدخل في السلطة التنفيذية في اعمال السلطة القضائية وإقامتها للعدالة، وبالتالي فانه لم يصدر عن هذه المقابلة بين المشير السيسي وأوباما اتفاق له قيمة على وقف الجرائم الارهابية التي ترتكبها جماعة الاخوان الارهابية ولم يتوقف أوباما عمداً عن اهدار حقيقة ثورة 30 يوليو سنة 2012 الشعبية التي ايدتها وساندتها القوات المسلحة المصرية بقيادة المشير السيسي الذي أصبح الرئيس المصري المنتخب بأغلبية تجاوزت ال 90٪ واستمر أوباما في الاصرار على أن ما حدث في 30 يونية هو انقلاب عسكري غير مشروع وضد الشرعية الدستورية الديمقراطية المزيفة. وأعتقد أن مصر سوف تعاني من استمرار الارهاب الاخواني والحرب الاعلامية والسياسة التي يقودها ويعمد اليها أوباما وحلفاؤه في تركيا وقطر وغيرهما وذلك حتى تنتهي فترة رئاسة الثانية، وقد واجه الرئيس السيسي في الاجتماع المذكور بفندق «والدورف استوريا» بنيويورك بأن مواجهة الارهاب لا يجوز أن يتركز فقط ويختزل في مواجهة ومحاربة «منظمة داعش» ومقاومتها، بل يجب أن يشمل الحرب على الارهاب دحر جماعة الاخوان الفاشية الارهابية ومعها كل الجماعات الاجرامية التخريبية المتفرعة عنها مثل «جماعة النصرة»، و«الجماعة الجهادية» و«جماعة بيت المقدس».. الخ، ولكن هذه المواجهة من الرئيس السيسي لم تجد فالرئيس الامريكي يتزعم جماعات الارهاب العالمي ولا يريد أن يواجه الاخوان وحلفاؤهم وذيولهم على زعم انهم يمثلون الاسلام المعتدل!! ولذلك فقد قرر اوباما فقط توجيه ضربات جوية مع حلفائه الذين جمعهم في الأسابيع الماضية على «داعش» وأعتقد أن تدبيره لهذا الهجوم على هذه الجماعة الارهابية التي انشأها ومولها لاغراض سيطرة الامبريالية الامريكية في العراق وفي سوريا.. هو سيطرة داعش واغتصابها للموصل وحقول البترول الذي تقوم بعد نهبه ببيعه لتركيا!! بثمن بخس حيث يعد هذا التعدي الارهابي في رأي أوباما عدواناً على قدس الأقداس في الاستراتيجية الكونية الأمريكية!! وهو البترول. والصحيح أن تواجه مصر الحقائق سالفة الذكر وأن تصعد المواجهة والمقاومة للارهاب الاخواني وكل فروعه وذيوله بكل قوة وحسم في الوادي وفي سيناء وبعدم الانزلاق الى مشاركة القوات المسلحة المصرية بقوات برية في الحرب على داعش، لكيلا تشتت هذه القوات وتتعدد الجبهات التي تحارب فيها، ولابد أن تنظيم السياسات والخطط الخاصة لسحق الارهاب سواء من الناحية المعنوية بكشف الخارطة وفضح المبادئ الهدامة لهذه الجماعة وتاريخها الاجرامي والدموي وذلك للشعب المصري والشعوب العربية كما يتعين في ذات الوقت مواجهة العنف والتخريب بالقوة الرادعة والساحقة في اطار من الشرعية الدستورية والقانونية. رئيس مجلس الدولة الأسبق