دماء في الشوراع وعلي الأرصفة، أطفال يلعبون ونساء تصفق ورجال ينتظرون، على الجانب الآخر يقف رجل ثيابه مخضبة بالدماء وفي يده السكين متولياً أمور الضحية من ذبح وسلخ .. ذلك المشهد المزدوج التى تعاصره كل الأحياء الشعبية بدءاً من يوم الوقفة حتى ثانى أيام عيد الأضحى المبارك أو عيد "اللحم" كما يطلق عليه المصريون. فقد اعتادت الأحياء الشعبية أن ترسم هذا المشهد بجدارة في الشارع أمام منزل المضحى، الذي انتهج هذا الاسلوب في الذبح عن أباه وجده، وذلك حتى يشارك في فرحة ذبح الضحية الجيران والأهل وكل مار، وتكتمل طقوس العيد من أداء الفرض وبث الفرحة في قلوب الفقراء لتذوب طبقات الشعب في وعاء واحد من العطاء والبذل الذي يتسم بها كل مسلم بار لدينه. ومنذ أن أعلنت المحكمة العليا السعودية أن السبت الرابع من أكتوبر المقبل سيكون أول أيام عيد الأضحى، حتى سارع تجار اللحوم الي شراء الأضحية من خراف وعجول وجمال وجاموس وغيرها ، ووضعها في الشارع أمام المحلات ، لجلب زبائن العيد الراغبين في شراء الاضحية، المشهد الذي استاء منه بعض المواطنون، حتى نشر أحدهم علي موقع التواصل الاجتماعى "شوارعنا قبل العيد زريبة كبيرة". وعن تأثير مشاهد ذبح الأضاحي على الأطفال يحلل الطب النفسي أنه عند تناول هذا الموضوع أن المجتمع ينقسم بصورة عامة لثقافتين حضرية، وأخرى أقرب لثقافة ما قبل الحضرية، وهذا من ناحية العادات السائدة، وليس تعبيرا عن تخلف أو تقدم المجتمع، فهناك أطفالاً اعتادوا على مشاهدة الذبح ويعيشون هذا الموقف بصورة شبه روتينية حيث يربي أهلهم بعض الحيوانات في البيت، لكن هناك أطفالاً آخرين حياتهم مدنية بالكامل، لم يعاصروا تلك العمليات البدائية وذلك لاختلاف طبقاتهم. علي النقيض فإن المناطق الراقية أو المدن الجديده لمصر تعايش العيد بشكل مختلف، حيث تذبح الضحية في مكانها عند الجزار الذي يتولي كل مراحل الذبح حتى توزيع اللحم علي بعض الأسر الفقيرة الذي يتفق معها من قبل لكى يتم الأمر بصورة أسهل ومن ثم تتم طقوس العيد بشكل روحانى لكنه هادئ الطابع لما تتضمنه اعمال العطاء من خصوصية يجب احترامها . كما يوجد أيضاً طريقة أخرى تتنهجها بعض الأسر الغنية حيث تقوم بشراء كمية اللحم التى تريد منحها للفقراء دون المرور علي عملية شراء الضحية وذبحها، ثم إعطائها للفقراء الذين يعرفونهم من خدم أو أسر محتاجه، أو تكليف آخرون بتوزيعها ، لتتم عملية البذل ولكن بشكل مختلف عن المعتاد. ولكن يبقي العيد عيداً وفرحه علي كل مسلم، مهما اختلفت الطقوس والعادات، فمن الوايلي والمطرية والعبور الي الزاوية الحمراء والشرابية وروض الفرج حتى الموسكي وباب الشعرية والسيدة زينب والدرب الأحمر بالقاهرة، مروراً بأحياء الجيزة الهرم والطالبية والكيت كات والمنيب والمهندسين بالجيزة، الي بنها و قليوب وشبرا الخيمة ولخانكة وطوخ وقها والخصوص بالقليوبية في مقابل جاردن سيتى والشروق و أكتوبر والمعادى وغيرها من الاحياء الراقية والفقيرة تتشارك في الفرحة وتتنسمها مع قدوم العيد مهما اختلفت الطقوس ومهما ساءت في أعين البعض ليبقي الشعار الساذج " العيد فرحة" هو منهج ومقياس الأعياد في كل العصور.