لدي قناعة كاملة، ان تنظيم الدولة المسمى بداعش، هو في الاساس صنيعة أمريكية غربية، وقد تم إعداده وتدريبه وتمويله بالمال والسلاح من قبل الغرب، حتي يكون البديل لإخوان الشياطين، بعد ان أخفقوا في تنفيذ المهمة الموكلة اليهم، وهي اشاعة الفوضى الخلاقة التي سيتبعها تفتيت وتقسيم منطقة الشرق الأوسط. لقد بات الآن واضحا للعيان، ان ثورة يونيه المصرية سنة 2013، حينما قامت بددت معها التعاون الكبير الذي كان بين دول الغرب وأمريكا - من ناحية - وإخوان الشياطين - من ناحية أخري، كما انهارت معها احلام الغرب في تنفيذ مخططهم المسموم المسمى بالشرق الاوسط الجديد. ثورة يونية المصرية كانت بالنسبة لدول الغرب لطمة قوية أفقدتهم توازنهم. وبالتالي فلم يكن امام الغرب إلا الإسراع في تجهيز هذا التنظيم المسمى داعش، حتي يكون البديل عن إخوان الشياطين، بعد أن يئسوا من قدرة الاخوان علي تنفيذ هذا المخطط المسموم. وكالعادة، أتت الرياح بما لا تشتهي دول الغرب وأمريكا. فسرعان ما ظن هذا التنظيم المسمى داعش من نفسه شيئا، فتمرد علي اسياده واعلن عن دولته الإسلامية الكبرى، كما استولي علي بعض آبار البترول في العراق، معلنا بذلك خروجه عن الخط المرسوم له وهو اشاعة الفوضى الخلاقة، التي ستعطي دول الغرب الفرصة لإعادة تقسيم منطقة الشرق الأوسط. ونتيجة لان هذا التمرد والغرور من جانب تنظيم داعش لم يصادف رضا أسيادهم في دول الغرب، فقد قرروا انشاء تحالف فيما بينهم، لكي يلقنوا هذا التنظيم درسا في الأدب والطاعة. من هنا، فان كل ما يحدث الآن من طلعات جوية أو صاروخية أو مدفعية من جانب التحالف الغربي ضد تنظيم داعش في العراق وفي سوريا، ما هو إلا عملية تأديب وتهذيب، ولن تصل أبدا – في تقديري - إلي حد القضاء علي هذا التنظيم، تماما كما يضرب الحبيب حبيبته أو الأب لابنه، فكل ما يقصده هو تقويمه وتهذيبه ووضعه علي الخط المرسوم له. أعود فأقول، ان خروج تنظيم داعش علي الخط المرسوم له من دول الغرب، هو الذي أدي بهذه الدول إلي الهجوم عليه بقصد تأديبه وتهذيبه. ولكن، نظرة الغرب بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وما يهدفون اليه من تفتيت وتقسيم المنطقة سيظل كما هو، وسيظل الاعتماد الاول لدول الغرب – في هذا الشأن - علي إخوان الشياطين، وإذا ما اخفقوا سينتقل اعتمادهم إلي تنظيم داعش، وبالتالي، سيظل قائما الدعم الامريكي الغربي، سواء أكان لإخوان الشياطين ام كان لتنظيم داعش، ولكن هذا الدعم سيكون بالضرورة بالقدر الذي يحقق لدول الغرب هدفها في منطقة الشرق الأوسط. يخطئ من يتصور ان دول الغرب ستغير من سياستها في منطقة الشرق الأوسط، أو أنها ستتغاضى بهذه السهولة عن تنفيذ مخططها المسموم من تقسيم وتفتيت المنطقة، لا سيما بعد ما حققته من نجاح كبير في منطقتنا العربية، متمثلا فيما حدث في العراق وفي سوريا وفي ليبيا وفي اليمن وتونس والسودان، هذا النجاح الكبير لدول الغرب في تنفيذ مخططهم المسموم، في الحقيقة هو الدافع وراء إصرارهم علي تنفيذ هذا المخطط في باقي دول المنطقة العربية وعلي رأسها مصر. مصر الآن هي العقبة الكبرى أمام تنفيذ مخطط دول الغرب في منطقة الشرق الأوسط. فكما قلنا سلفا، ان الثورة المصرية كانت لطمة قوية لدول الغرب، وما جعل دول الغرب تترنح وتهتز، هو هذا التحالف الكبير الذي حدث بين دول الخليج ومصر في أعقاب تلك الثورة، هذا التحالف في حد ذاته شكل خطرا كبيرا علي مخطط الغرب في المنطقة العربية كلها، هذا هو الخطر الحقيقي علي الغرب وليس داعش - كما يدعون، هذا التحالف – في تقديري – سيكون له أثره الكبير علي نظرة الغرب للمنطقة العربية وكذا علي مخططهم المسموم. وعلي كل حال، فان ما يحدث الآن سواء من ضرب داعش من دول الغرب أو من نفورهم من إخوان الشياطين كل هذا - في تصوري - لا يزيد علي ضرب الحبيب لحبيبته، ومن ثم فلا بد لنا كدول عربية لم يصبها هذا الداء اللعين ان نتحد ونقف صفا واحدا كحائط صد في مواجهة هذا المخطط المرسوم لهدم منطقتنا العربية وتقسيمها وتفتيتها، حتي لو كان ذلك يقتضي منا التضحية بالنفس والنفيس. وفي النهاية، لا يفوتني ان أزف تهنئتي لشعب مصر والامة العربية والإسلامية بعيد الأضحى المبارك، داعيا من الله عز وجل ان يشد من أزرنا ويدحر أعداءنا.