شدتني كثيراً عبارات أعلنها وزير خارجية دولة الإمارات، الشيخ عبدالله بن زايد، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، منذ ساعات.. وهي كلمات اعتقدت أن قائلها هو وزير خارجية مصر، وليس وزير خارجية الإمارات.. وهذا يؤكد أن العاصمتين أبوظبيوالقاهرة تنطلقان من مفهوم سياسي قومي واحد.. وتنطقان بما يؤكد لنا وحدة الأسلوب.. ووحدة الهدف.. وهذا ليس غريباً من دولة الإمارات العربية.. وهكذا دائماً تكون مواقف الأصدقاء.. وبالذات عند الضيق، وقديما قالوا إن الصديق.. وقت الضيق. وهذا كان موقف الإمارات خلال حرب أكتوبر 1973. وهنا لن أنسي مواقف حكيم العرب: الأب والزعيم الوفي لمصر وشعب مصر.. الشيخ زايد بن سلطان، وقد كنت قريبا من سموه خلال هذه الفترة العظيمة التي تبرز موقف الأصدقاء.. وهو نفس الموقف الذي تقفه الآن دولة الإمارات بقيادة نجله الشيخ خليفة بن زايد ونجله الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلي للقوات المسلحة الإماراتية.. بل هو ما عبر عنه نجله أيضا الشيخ عبدالله بن زايد وزير خارجية دولة الإمارات.. وهذا كله يؤكد ثبات سياسة دولة الإمارات، وبالذات تجاه مصر.. ولم لا فها نحن الآن مع موقف أبناء الشيخ زايد من مصر، وهي مواقف لم تتغير.. وتؤكد التلاحم بين القاهرةوأبوظبي، طوال هذه السنين.. فالشيخ زايد- رحمه الله رحمة واسعة- أنشأ أولاده علي المبادئ الحميمة التي تري أن لا قوة للعرب بدون مصر.. ولا قوة لمصر بدون أشقائها في الدول العربية.. ومن منطلق السعي إلي استقرار المنطقة كلها جاءت كلمات الشيخ عبدالله بن زايد- أمام الأممالمتحدة- قال ذلك صراحة بأن استقرار مصر يعني تحقيق الاستقرار بالمنطقة. وليس ذلك فقط، بل دعا بلاده إلي تقديم الدعم لمصر وللاقتصاد المصري، لتعزيز مسيرتها نحو التقدم والازدهار.. ورغم أن أساس سياسة دولة الإمارات يقوم علي العمل الهادئ ويعتمد الدبلوماسية الهادئة في كل علاقاتها مع الدول الأخري.. إلا أن وزير خارجية الإمارات أعرب عن أسفه صراحة إزاء تصريحات البعض.. والتشكيك غير المقبول في الشرعية المصرية.. بل أعلنها واضحة أن حكومة مصر الحالية انتخبها الشعب المصري بإرادته. بل وقال بكل صراحة إن التشكيك في إرادة الشعب المصري أمر مرفوض، ومن حقه أن يختار من يمثله.. بل وأشار إلي أن أي أمر غير ذلك.. يعتبر تدخلاً في الشئون المصرية.. وواضح أن الشيخ عبدالله بن زايد يقصد بكل ذلك موقف تركيا الذي يقوده رجب طيب أردوجان، الرئيس التركي نفسه، وبالذات ما قاله أردوجان أمام نفس التجمع الدولي ومن فوق منبر الأممالمتحدة.. وكأن وزير خارجية الإمارات أراد أن يرد علي الرئيس التركي- ومن فوق نفس المنبر- ليسمعه نفس الذين سمعوا كلمة أردوجان. بل إن الشيخ عبدالله أعرب عن قلق بلاده البالغ إزاء ما تشهده المنطقة من كافة أشكال التطرف والإرهاب والتفتيت الطائفي وهو الإرهاب الذي يشكل تهديداً خطيراً علي الأمن والسلم في المنطقة.. ويخرج وزير خارجية الإمارات من النطاق الاقليمي إلي النطاق العالمي فنجده يؤكد أن تنامي بؤر الإرهاب- وبالذات تنظيم داعش- يشكل خطراً علي سائر المنطقة المتحضرة تمتد من أفغانستان إلي الساحل السوري وجنوباً إلي الصومال وغرباً إلي ليبيا.. وهذا هو البعد الدولي الكبير الذي تتحرك فيه دولة الإمارات بسياستها الواعية.. ويمتد كلامه إلي سوريا التي تستغل الجماعات الإرهابية ظروفها الحالية وتحاول تمزيق ترابه الوطني.. ولم ينس وزير خارجية الإمارات ما يجري في اليمن وعنف الحوثيين هناك الذي يستهدف الشرعية الدستورية للدولة اليمنية. إن كلمة وزير خارجية الإمارات يجب أن تدرس علي المستوي العالمي من ناحية شموليتها وعمق استراتيجيتها.. ولكنني هنا أشيد بموقف الإمارات من تركيا، التي تحظي بعلاقات طيبة من الإمارات.. لأن مواقف تركيا من مصر جعلت وزير خارجية الإمارات يطلق صيحته الواعية بأن استقرار مصر يعني استقرار المنطقة بأسرها.. أليس هذا هو الوفاء الإماراتي العظيم لشعب مصر وأمنها القومي.. ولكن ليس هذا غريباً عن دولة الإمارات تجاه مصر لأن حكام الإمارات الآن من صلب حكيم العرب الراحل الشيخ زايد الذي لم يحب المصريون زعيماً عربياً، كما أحبوه.. فنعم أبناء زايد الكبير الذي له في قلوبنا كل المعزة وكما أحببنا زايد.. نحب الآن أبناء زايد..