محاكمة القرن دليل على سيادة القانون، بأن لا أحد فوق القانون حتى ولو كان الرئيس الذى حكم البلاد ثلاثين عامًا، وقرار محكمة الجنايات بتأجيل النطق بالحكم من أمس الأول إلى 29 نوفمبر وبعد أن تهيأ العالم لسماعه وليس المصريين فقط، دليل جديد على استقلال القضاء، وعدم تدخل أحد كائنًا من كان فى أحكامه أو فى مواعيد اصدارها، هذا الدليل مغموس بشجاعة وثقة بالنفس من المستشار محمود كامل الرشيدى قاضى محاكمة القرن وهيئة المحكمة الموقرة واثبات حيدتها فى فحص أوراق القضية التى بلغت حوالى 160 ألف ورقة جعلت كل الذين شاهدوها من خلال الفيلم التسجيلى يقولون كان الله فى عون القضاة، وأعانهم على نطق كلمة الحق والعدل وهى من أسماء الله الحسنى مما يحملهم مسئولية كبيرة عند التصدى للفصل فى القضايا وهم على قدر هذه المسئولية. كل مواطن جلس أمام جهاز التليفزيون يوم السبت كان ينتظر حكمًا معينًا من قاضى محكمة القرن، واحد يطلب الإدانة وآخر يطالب بالبراءة، وآخر ينتظر العدل فقط الذى يقر فى ضمير القاضى، وبعد القرار الذى أعلنه القاضى بالتأجيل ظهر كلام النميمة الذى يجب أن نتخلى عنه احترامًا لقضائنا الشامخ، البعض قال إن المحكمة كانت ستصدر حكمًا بالإدانة ولكنها قررت مد أجل الحكم لعدم الشوشرة على نتائج الزيارة الناجحة للرئيس السيسى إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية. والبعض كان لا يريد الحكم فى هذا التوقيت لأن ثانى يوم الحكم ستكون الذكرى 44 لوفاة الرئيس عبدالناصر، كما أن الحكم إذا جاء بالإدانة ضد مبارك فستفصله أيام على ذكرى اعدام الرئيس صدام حسين التى تأتى مع عيد الأضحى، كما قال البعض إن الحكم سيكون قبل أيام من احتفالات نصر السادس من أكتوبر والذى كان مبارك أحد أبطاله كما قال البعض إن الحكم سيأتى فى توقيت قريب من افتتاح الجامعات بعد العيد، وكانت هناك توقعات بأعمال شغب، على كل حال سواء جاء الحكم بالإدانة، أو بالبراءة، فإن جماعة الإخوان الإرهابية قررت استغلال الحدث أيا كان الحكم لإثارة البلبلة وارتكاب العنف خلال أيام العيد. القضاء المصرى لا يأخذ تعليمات من أحد ولا حتى من رئيس الجمهورية، السيسى يعلى شأن القضاء ويحترم استقلاله، ويرفض التعليق على أحكامه، تحولت أحكام القضاء إلى لبانة يلوكها الناس، فئة يعجبها الحكم وأخرى معترضة على الحكم، القاضى الجليل الرشيدى خرج بكل شجاعة يقول إن المداولات مازالت مستمرة، ولم تنته المحكمة من رصد كل أسباب الحكم وانه رأى تأجيل أمد الحكم لإعلان الحكم بأسبابه، القانون أعطى المحكمة الحق فى تأجيل الحكم بدون ابداء أى أسباب، ولكن القاضى الجليل قال إن المحكمة انجزت حوالى 60٪ من أسباب الحكم فقط، وستصدر حكمها يوم 29 نوفمبر مكتملاً بالقرار والأسباب، وطمأن الرأى العام قائلاً إنه حتى فى حالة وفاة أحد المتهمين سيتناول فى أسباب الحكم ما إذا كان بريئًا أم مدانًا والدارج فى أحكام المحاكم طبقًا للمادة 14 من قانون الإجراءات هو اتباع تعاليم اذكروا محاسن موتاكم باعلان انقضاء الدعوى ضد المتوفى وكفى ولكن لأهمية القضية والمتهمين فيها فقد تعهد القاضى بعدم اخفاء شىء، ولا دخل للقاضى بحكم القدر، ولم يكن يلمح إلى مبارك ولا غيره، ولا تبحث المحكمة عن مخرج آمن لمبارك ولا غيره بالوفاة وحول الفيلم التسجيلى الذى أذيع فى الجلسة الأخيرة فإن القاضى كان مهتمًا بتعريف الرأى العام بالقضية وأراد أن يكشف للناس ضخامة القضية لتبرير مد أجل الحكم، ويؤكد عدم العبث بأوراق الدعوى واقناع المجتمع بقراره الذى سيتخذه. وتصوير الفيلم وإذاعته أحد أركان العلانية. هناك حكم سيصدر بالإدانة أو بالبراءة ضد مبارك وباقى المتهمين فى القضية علينا أن نحترمه لأن القضاء المصرى مستقل ولا يعمل أجيرًا عند أحد.