صنع نجوميته على نار هادئة، فلم تقتح له أبواب الأعمال الدرامية والسينمائية إلا متأخرا نسبيا عن ابناء جيله، ليراهن على موهبته، ويكسب الرهان. يبهرك بأدواره، ويقنعك بنبرات صوته المميزة.. كرهناه في هي فوضى، والريس عمر حرب، وضحكنا وبكينا معه في تاجر السعادة.. عرف عنه حبه لأداء الأدوار المعقدة والمركبة. كان يملك ادواته ويتحكم بها بعناية تتفق او تختلف معه الا إنك لا تستطيع إلا أن ان تعجب به، إنه الفنان الكبير خالد صالح والذي رحل عن عالمنا صباح اليوم عقب جراحة دقيقة لتركيب دعامة بالقلب، وذلك بمستشفى مجدي يعقوب للقلب بأسوان، والتي ظل بها تحت رعاية طبية مركزة. الفنان الراحل ولد في أبو النمرس، محافظة الجيزة، في 23 يناير 1964، ليظل حلم التمثيل يحلق به في الافق، ولا يخرج عن إيطار الهواية من خلال مسرح الجامعة ومسرح الهناجر في دار الأوبرا المصرية. تخرج من كلية الحقوق عام 1987، ليعمل بالمحاماة في بداية حياته وهو ما يبرر تأخره في العمل بالتمثيل، ليقف أمام كاميرا السينما لأول مرة، لأداء ليجسد دور رجل المخابرات صلاح نصر في فيلم «جمال عبدالناصر»، وذلك عام 1999، ليلفت الانظار بموهبته المميزة. شارك خالد صالح في أول مسلسل له عام 1999، وجسد دور مأمون الشناوي في مسلسل "أم كلثوم"، ليصنع اولى خطواته الحقيقية في عالم النجومية، بعد دوره المميز في فيلم «تيتو»، بعد تقديمه دور الضابط الفاسد، وذلك في عام 2004 ليذاع صيته من وقتها، ويحصل من خلاله على جائزة أفضل دور ثان في فيلم من المهرجان القومي ال11 للسينما عام 2005. لم يقتصر عمله الموجه للكبار فقط، بل اهتم بمخاطبة الاطفال في احد أعماله، وذلك من خلال قيامه بالأداء الصوتي في النسخة المدبلجة من فيلم «نيمو»، الحاصل على جائزة أوسكار لأفضل فيلم صور متحركة، عام 2003. حصل الراحل الكبير على جائزة أفضل ممثل لعام 2005، عن دوره في فيلم «ملاكي إسكندرية». برع في دوره في فيلم احلى الاوقات، ليؤكد أنه فنان من طراز خاص، من فئة السهل الممتنع، لتتوالى خطواته الفنية القوية ويقدم دور البطولة في فيلم «هي فوضى»، عام 2007 لينال إشادة كبيرة من النقاد، ومن الجمهور، على أدائه الذي أبهر الجميع. قدم دور ضيف شرف في العام نفسه، في فيلم «حين ميسرة»، وبرغم ظهوره كضيف في مشهد واحد فقط، إلا إن أحداث الفيلم بتفاصيلها كانت ذات علاقة قوية به. ليخطوا أولى خطواته الدرامية في أول بطوله مطلقة له في الدراما، من خلال مسلسل «سلطان الغرام» وذلك عام 2007، ليقدّم ثاني بطولاته في مسلسل «بعد الفراق»، في عام 2008، والذي حقق من خلاله نجاحا كبيرا. حصل علي جائزة التمثيل من مهرجان الأفلام وجائزة الإبداع الذهبية وشهادة تقدير لأحسن تمثيل من مهرجان الإعلام العربي عن دوره في مسلسل «تاجر السعادة» والذي برع فيه بسخريته الاذعة وخلطها بكثير من المواقف الأنسانية، وذلك عام 2009، ليهدى الجائزة لرفيقة رحلته، زوجته هالة. كثير من النقاد اعتبروه أحد أهم فنانى الجيل الحالى، وامتداداً لجيل العمالقة من الممثلين المصريين الذين برعوا في آداء الأدوار المعقدة مثل زكي رستم ومحمود المليجي، مستدلين على ذلك بقدرته العالية في التشخيص والذي يصل إلى حد الاندماج الكامل في الدور الذي يؤديه، ويصف الكثيرون آداءه بالصدق وعدم الافتعال، مما أدى لشعبيته الواسعة التي تمتد عبر الوطن العربي. كان يربطه بالفنان أحمد السقا "كميا" خاصة ، فكونا معاً ثنائيا مهما وقوياً في السينما، من خلال العديد من الأعمال السينمائية الهامة التي تعد علامة مميزة في تاريخ كل منهما؛ منها فيلم تيتو وحرب أطاليا وعن العشق والهوى وابن القنصل والمصلحة الذي كان منتظر عرضه في العيد المقبل. اختتم الراحل أعماله الدرامية بمسلسل «حلاوة الروح»، الذي عرض في رمضان الماضي. عرف عنه اهتماماته الأنسانية والاجتماعية، فكان مثال للفنان الخلوق الذي يحمل رسالة فنية حقيقية.. اهتم كثيراَ بزيارة الجمعيات الخيرية ومراكز ذوي الاحتياجات الخاصة والمستشفيات، وترك مهرجان الشرق الأوسط للسنيما، في أبوظبي لمدة 3 أيام، كي يشارك في حفل تدشين مستشفى السرطان للأطفال الجديد في السودان. بدأت معاناته من المشاكل الصحية في القلب بعدما تعرض لأزمة قلبية نتيجة الإجهاد الشديد، وتعرضه لآلام حادة في منطقة الصدر، أثناء تصوير مسلسله الأخير «حلاوة الروح». نصحه الاطباء بضرورة خضوعه لعملية قلب مفتوح بشكل عاجل، لتغيير شريان وصمام في القلب، والتي أجرها في مركز القلب بأسوان، بيد جراح القلب العالمي، الدكتور مجدي يعقوب. اليوم.. توقف القلب الكبير، للفنان الطيب عن الخفقان فجأة مع فجر هذا اليوم ليترك في قلوب محبيه وجماهيرة ذكرى لا تنسى.