شنت طائرات حربية فرنسية، اليوم الجمعة، غارات على مواقع تنظيم "داعش" في العراق لتصبح فرنسا أول بلد ينضم الى حملة الضربات الجوية الاميركية ضد الجهاديين المسيطرين على مناطق شاسعة في العراقوسوريا. حقق التنظيم المتطرف تقدما في شمال سوريا، دافعا آلاف الأكراد من الأطفال والنساء والمسنين الى اجتياز الحدود مع تركيا. وفي نيويورك، تتواصل بلورة ملامح ائتلاف من أربعين بلدا أطلق الرئيس الأميركي باراك اوباما عملية تشكيله، مع انعقاد اجتماع وزاري لمجلس الأمن الدولي . قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الذي يرأس الاجتماع، ان المطلوب "المزيد من الدقة" في تحديد مسئوليات كل طرف. أشادت واشنطن بقرار الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند التزام بلاده في حملة الضربات الجوية في العراق. وشنت طائرات رافال في الساعة 9,40 (7,40 تغ) صباح اليوم "ضربة أولى على مستودع لوجستي لارهابيي تنظيم داعش في شمال شرق العراق"، بحسب ما أعلنت الرئاسة الفرنسية. واضاف قصر الإليزيه في بيان "تمت إصابة الهدف وتدميره بشكل كامل". من جهته، قال هلكورد حكمت المتحدث باسم البشمركة لفرانس برس إن المكان المستهدف يقع في تل موس بين الموصل وذمار. وأوضح مصدر عسكري فرنسي ان المستودع يحوي "كميات كبيرة من الذخيرة" والعربات العسكرية واحتياطي الوقود. قامت طائرات رافال بطلعات استكشافية فوق العراق في الأيام الأخيرة إنطلاقًا من قاعدة الظفرة الجوية في الإمارات العربية المتحدة. وعلى رغم اتخاذ القرار، غير ان هولاند حذر في مداخلته بأن بلاده لن ترسل قوات على الارض ولن تقوم بعمليات سوى في العراق، مميزا بذلك موقفه عن الاستراتيجية الاميركية التي تنص على شن غارات على معاقل تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا ايضا. واشاد الرئيس الاميركي باراك اوباما بقرار فرنسا القيام بضربات جوية في العراق ضد تنظيم "داعش"، مشيرا الى الدور الذي يلعبه هذا "الشريك الصلب". قال اوباما في كلمة مقتضبة في البيت الابيض ان "فرنسا احد حلفائنا القديمين والمقربين، شريك صلب في الجهود التي نبذلها ضد الارهاب". أعرب اوباما منذ مساء الخميس عن ارتياحه للالتزام الفرنسي معلنا ان بلاده تعمل على اقامة "ائتلاف دولي واسع لإضعاف "داعش" وفي نهاية المطاف تدميره". وهذا التنظيم السني المتطرف الذي تتهمه الاممالمتحدة بارتكاب جرائم بحق الإنسانية ينشر الرعب في المناطق التي سيطر عليها في الأشهر الأخيرة، مغتنما انعدام الاستقرار في العراق والنزاع الجاري في سوريا المجاورة، بارتكابه فظاعات من عمليات إعدام واغتصاب وخطف وصلب واضطهاد. وبث منذ نهاية اغسطس اشرطة فيديو تظهر عمليات قطع رأس صحافيين اميركيين اثنين وعامل انساني بريطاني خطفوا في سوريا، معلنا ان قتلهم هو الرد على الضربات الاميركية ضد مواقعه في العراق. ونشر الخميس شريطا جديدا يظهر فيه رهينة بريطاني هو المصور الصحافي جون كانتلي، غير انه لا يتضمن اي تهديد من التنظيم بإعدامه. أثارت وحشية الإعدامات والفظاعات المرتكبة استنكار الاسرة الدولية وحملت على تشكيل الائتلاف الدولي، لا سيما أن الدول الغربية متخوفة من مخاطر وقوع هجمات على أراضيها ينفذها مواطنون عائدون من القتال في صفوف "داعش". وبعد الحصول على موافقة مجلس النواب، حصل اوباما الخميس على موافقة مجلس الشيوخ على خطته لتخصيص مبلغ 500 مليون دولار خلال عام لتجهيز المعارضة السورية المعتدلة وتدريبها. ومن المفترض ان يقود مقاتلو المعارضة السورية المعتدلة الذين يواجهون الجهاديين وقوات النظام في آن، الهجوم البري ضد داعش في سوريا، وأكد اوباما انه لا يعتزم إرسال جنود على الارض. وفي سياق الاستراتيجية التي اعلنها اوباما للتصدي لجهاديي داعش التي تنص بصورة خاصة على تكثيف الغارات في العراق، استهدفت الطائرات الحربية الاميركية للمرة الاولى معسكر تدريب ل"داعش" في جنوب شرق الموصل (شمال) وقال ضابط اميركي انه كان هناك أربعون جهاديا في الموقع المستهدف. وسمحت الغارات الاميركية التي بدأت في 8 آب "اغسطس" للقوات العراقية والكردية باستعادة السيطرة على بعض المناطق في شمال بغداد من مقاتلي داعش. تركزت المعارك في الايام الاخيرة على مسافة 50 كلم جنوببغداد، حيث تدور اشتباكات بين قوات النخبة العراقية المدعومة بالغارات الاميركية وداعش في منطقة الفاضلية الواقعة في جرف الصخر. والى هذه المعارك، تتواصل الاعتداءات وقتل 22 شخصا على الأقل وأصيب آخرون بجروح في هجمات متفرقة بينها هجوم بسيارة مفخخة ودراجة نارية الجمعة في بغداد وكركوك (شمال). ومن الجانب الآخر من الحدود في سوريا، انسحب مسلحو تنظيم داعش من العديد من مواقعهم في محافظة دير الزور (شرق) التي يسيطرون على معظمها خشية التهديد بضربات جوية اميركية، غير انهم سيطروا على 21 قرية يقطنها أكراد في الريفين الغربي والشرقي لمدينة عين العرب ثالث مدينة كردية في سوريا، التي يحاصرونها. وامام فرار مئات الأكراد من المنطقة فتحت تركيا الجمعة حدودها بعدما كانت فضلت في مرحلة اولى تقديم المساعدة للاجئين على الأراضي السورية. ويرجح الخبراء ان ينكفئ مقاتلو داعش الى المدن ويشنوا عمليات حرب شوارع لتفادي الضربات الاميركية. وفي المقابل من المتوقع ان يحد التنظيم من وجوده في المناطق المكشوفة حيث يسهل رصد مقاتليه ومعداته. وفي استراليا التي اعلنت اعتقال 15 شخصا واحباط مخططات لتنظيم داعش لتنفيذ عمليات قتل على أرضها، أوضحت كانبيرا، اليوم الجمعة، ان المخططات كانت تستهدف ارفع المسئولين في الدولة.