الوفد ليس مجرد عقيدة عند الوفديين..الوفد جنسية الاثنين ظهراً: رن جرس التليفون.. على الهاتف رقم أرضى لا أذكره.. كانت مدام هالة سكرتيرة رئيس تحرير «الوفد».. أستاذ محمد وحشتنا.. قلت: ياااااه.. والله زمان!.. قالت: كلم الأستاذ مجدى سرحان.. قلت: أهلاً وسهلاً.. قال: من الآخر، عاوزينك تبدأ كتابة يومياتك، على الصفحة الأخيرة.. قلت: آخر كلام.. قال: آخر كلام، وهنعمل برومو لكل الكتّاب من «الأربعاء».. اتفقنا أن أبدأ يوم الاثنين.. قال: على بركة الله.. مجدى سرحان بدون القاب، عمدة الخبر الصحفى الآن.. كان أول رئيس لقسم الأخبار، فى العصر الذهبى ل«الوفد».. لم يلوّن خبراً قط.. ولم يتكسب من وظيفته أبداً.. الآن تحولت «مهنة المتاعب» إلى «مهنة المكاسب»! الأربعاء صباحاً: رنين التليفون لا ينقطع.. أرقام شخصيات من الوفد.. أصحابها يقولون: مبروووك.. فهمت ان هناك إشارة للكتّاب فى الصفحة الأولى.. أحدهم: ايوة كدة نورت بيتك.. أنا: ده شرف ليا.. المتصل: معلش نبدأ صفحة جديدة.. أنا: إن شاء الله.. المتصل أنت متفائل؟.. أنا: جداً.. المتصل: مش قصدى على المستوى الشخصى.. أنا: طبعاً طبعاً.. على مستوى الوطن، وعلى مستوى الوفد.. المتصل: تفتكر؟.. أنا: ما يحدث فى الدولة، ينعكس على الوفد، واللى جاى احلى.. المتصل: يعنى هنشكّل الحكومة؟.. أنا: ليه لأ؟.. عندنا كل المقومات والفرصة أيضاً.. المتصل: ياااه أنت جاى سخن أوى!.. أنا: هذه أيامنا، لو نجحنا فى استثمارها! الخميس مساءً: قارئ: معقول اللى أنا سمعته ده؟.. انا: خير؟.. قارئ: هتكتب تانى للوفد؟.. أنا: ليه لأ؟.. قارئ: بعد اللى عملوه؟.. أنا: مصارين البطن بتتخانق، وبعدين ما تنساش ده بيتى!.. قارئ: بيتك؟.. أنا: وطنى وشبابى وأحلامى.. لولاه ما كنت ولا كنا!.. قارئ: أيوه بس يعنى؟.. أنا: ولا بس ولا حاجة يا راجل!.. قارئ: والله انت طيب.. أنا: طيب.. الوفد ده حاجة تانيةعندى!.. قارئ: زى إيه يعنى؟.. أنا: إحنا كلنا تخرّجنا من المدرسة دى.. عشنا مجدها.. الوفد محطة مهمة فى تاريخ الصحافة.. قارئ: ده صحيح.. أنا: مش دايماً بتحن لمدرستك ولأساتذتك؟.. قارئ: ايوة!.. أنا: عشان كده كنت على الندهة، لما طلبونى! الجمعة عصراً: معقول؟.. أعود بعد فااااصل طويييييل.. سرحت بعيداً فى المكان والزمان.. رحت أستحضر التاريخ والذكريات.. تذكرت أيام المنيرة.. لا انسى اول مرة التقيت الأستاذ مصطفى شردى.. لا انسى أول مقابلة مع فؤاد باشا.. حاجة تخُض.. الأستاذ جمال بدوى الأسد المرعب.. الأستاذ عباس الطرابيلى، بتسامحه وكرمه الدمياطى!.. فى كل مكان ذهبنا إليه، تأثرنا بكل هؤلاء الأساتذة الكبار.. أما سعيد عبدالخالق فهو مدرسة الخبر بلا منازع.. كنا نتقاسم ساندويتشات الفول والطعمية.. نعمل كخلية نحل.. ننام فى طرقات الصحيفة، حتى نتلقف الأعداد الأولى القادمة من «الأهرام».. ثم نعود لاستراحة المحارب! السبت مساءً: عندى شعور غريب بالنشوة.. نجاة الصغيرة تغنى فى الخلفية: شكل تانى حبك أنت.. شكل تانى.. أهزّ رأسى: فعلاً.. الوفد ليس مجرد عقيدة عند الوفديين.. الوفد جنسية.. لم أعثر على وفدى حقيقى، انتقل إلى حزب آخر.. إما أنه فى الوفد، أو فى بيته.. يتابع ويناقش ويتخانق.. هذه الروح تسربت إلى الأجيال جيلاً فجيلاً.. النائب يفخر انه نائب وفدى.. الكاتب يفخر انه كاتب وفدى.. كلٌ له ذكريات فى بيت الأمة.. الأهم الآن أن ننظر إلى المستقبل، بينما مصر تنتقل من الثورة إلى الدولة.. لتكن عندنا هذه الروح على مستويين.. الأول على مستوى الحزب، والثانى على مستوى الجريدة.. نعم نحن نستطيع فعلاً، والبركة بالشباب! الأحد صباحاً: قصاصة صغيرة على مكتبى.. قادتنى إلى ما كتبته عن انتخابات الوفد 2010.. تستطيع أن تقول إنها كانت بداية التغيير فى مصر.. كانت مؤشراً على أى انتخابات تالية لها.. التربة تغيرت.. الأفكار تغيرت.. الشباب يقود ثورة صامتة.. ظهرت آثار هذه الانتخابات بعد برلمان 2010.. عندئذ اندلعت الثورة لتأخذ فى طريقها البرلمان والنظام.. بعد الثورة أصبحت كالفراش، أبحث عن النور فى كل مكان.. أكتب عن الجمهورية الثانية ومصر الجديدة، وجمهورية طرة.. أقدم «مواويلى لكل الناس».. احلم بمصر الجديدة وأزور عش الدبابير.. تمنيت أن اكون ضمن كتيبة الوفد وهو يعود، كما عادت مصر.. شكل تانى.. الكتابة طعم تانى!