أصدر الناشط عبد الفتاح خطابا لهيئة محكمة جنايات القاهرة يطالبهم فيه بإخلاء سبيله لظروفه بعد رحيل والده والذي يجعله رجل الأسرة الوحيد، قائلا "ألتمس منكم الرحمة قبل العدالة". وكانت هيئة محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار محمد على الفقى والمنعقدة بمعهد أمناء الشرطة بطرة لنظر جلسة محاكمته و24 آخرين فى أحداث الشورى، أجلت نظر القضية إلى جلسة 15 سبتمبر. وإليكم نص خطاب الناشط السياسي إلى المحكمة: "السادة القضاة فى الجلسة الماضية ذكر الأساتذة المحامون خضوع والدى لعملية قلب مفتوح فى معرض طلب إخلاء سبيلنا، لو كنتم استجبتم لهذا الطلب وقتها ما كنت سأحرم من قضاء أيامه وساعاته الأخيرة بجواره وسأظل أتساءل ما تبقى من العمر إذا كان وجودى بجانبه كان يمكن أن يطيل من عمره، لكن الجلسة الماضية لا أنا ولا السادة المحامون ولا حضراتكم كنا نعلم أن حالته ستسوء سريعا ولذا لم يتم وقتها على الجانب الإنسانى من طلب إخلاء السبيل . اليوم أكرر عليكم وألتمس النظر فى هذا الجانب الإنسانى فرحيل الوالد يجعلنى رجل الأسرة الوحيد والأسرة مصابها وعظيم واجباتى تجاهها عديدة . ألتمس منكم الرحمة قبل العدالة وأكرر طلب إخلاء سبيلى ليتسنى لى الشد من أزر والدتى وأختى والقيام بواجباتى فى ترتيب أمور الأسرة . السادة القضاة نصحت أن أتوقف عن الكلام بعد تقديم التماسى خوفا من أن يؤثر ما سأقوله لاحقا فى قراركم لكن الوالد علمنى أن الخصومة أيا كان سببها بما فيها السياسية والقانونية لا تنفى أبدا الاعتبارات الإنسانية كما علمنى أن أحترم فكرة القضاء والعدالة أيا كانت مأخذنا على تفاصيل محاكمة أو دائرة بعينها واحترام القضاء يستدعى ألا أتعامل بمنطق المساومة أثناء مثولى للمحاكمة ولا احترامى لنفسى يسمح لى أن أترك الخوف يسكتنى . لكن الخوف هذا هو موضوعنا فبعد حرمانى من نظر طلب الرد والحكم علينا غيابيا رغم حضورنا والتعامل مع المتهمين الحاضرين وكأنهم هاربون وكان الأسلم لنا كان عدم الحضور، بعد كل هذا فقدت الثقة والاطمئنان فى هيئة المحكمة . المتهم أى متهم من حقه ألا يحاكم إلا أمام قضاة محايدين فحتى المذنب يجب أن يطمئن لحسن استخدام قاضيه لسلطاته ولتوصيف الجريمة وتحديد العقوبة والنظر بعين الرأفة ولظروف المتهم إلى آخره، ولو لم يطمئن المتهم لقضائه لما سمعنا أبدا عن متهمين يعترفون أمام المحكمة فما بالكم بالبرىء والمظلوم وصراحة لا أظن أن هناك من يصدق ادعاءات السرقة بالإكراه وباقى التفاصيل فى مثولنا أمام محكمة الجنايات ولا الجنح كباقى قضايا التظاهر . ولهذا ولباقى الأسباب والتى استفاض السادة المحامون فى شرحها فقدت كل الاطمئنان وكل الثقة ولا يسعنى إلا أن أمثل إليكم خائفا، وخائفا على حريتى وعلى مستقبلى وعلى أسرتى خائفا من الظلم ويائسا من العدل واحساسى هذا فى حد ذاته وإن كان كاذبا بما أنه مرتبط بوقائع حدثت عبر الجلسات الماضية كاف لتنتفى شروط المحاكمة العادلة. وإذا جاز لى أن أطلب من سيادتكم التنحى عن القضية وإعطائى فرصة للمثول أمام دائرة مختلفة أطمئن لها ونبدأ إجراءات القضية مجددا بلا خوف ولا خصومة. هذه أول مرة أمثل للمحاكمة دون أن يدافع عنى والدى ولعلها أصعب ظروف واجهتها لكننى أضع ثقة كاملة فى زملائه ورفاقه وتلامذته الحاضرين عنا اليوم، وأترك لهم حرية القرار فى كيفية التعامل مع تبعات طلبى، فقد ألتمس من سيادتكم إذا قررتم النظر بعين العطف لطلب إخلاء سبيلى أن يمتد عطفكم لباقى زملائى، وإذا أغضبكم طلب التنحى، أن تقتصر تبعات الغضب على وحدى، فأنا لم أشاور أحدا بقرارى فى الحديث إليكم. أخيرا هناك إرادة سياسية وراء حبسنا تتمثل فى صياغة قانون التظاهر المعيب والغير دستورى رغم الرفض المجتمعى الواسع وقرار وضع قضايا التظاهر تحت اختصاص دوائر مخصصة لقضايا الإرهاب، وطبعا الإصرار على حبس وتلفيق قضايا لمئات من الشباب الذى لم يرفع سلاح فى وجه المجتمع ولا الدولة ولاقتل ولافجر ولا خرب بنية تحتية. وقد بدأنا بالفعل إضرابا تصاعديا عن الطعام وعابرا للسجون وبتضامن من خارجها لغرض الضغط على مركز ومصدر تلك الإرادة السياسية أيا كان وأنا الآن فى أسبوعى الرابع من الإضراب. حل الملف ورأب الصدع بين الدولة والشباب ليس مهمتكم فلا انتم من تصدرون القوانين ولا انتم من شكل الدوائر، ولكن حضراتكم تملكون حل أزمة تلك القضية، وإخراجها من دائرة الصراعات والخصومة السياسية، لتأخذ مسارها كقضية جنائية عادية، كل ما أطلبه هو فرصة، لأكون بجوار أسرتى، فى محنتها وفرصة أن أدافع عن نفسى بلا خوف وشكرا لسعة صدركم وآسف على الإطالة".