نشرت جريدة «الوفد» يوم الخميس 28 أغسطس 2014 خبراً يقول: «أصدر الرئيس قراراً بتفويض وزير الكهرباء والطاقة المتجددة في مباشرة اختصاصات رئيس الجمهورية المنصوص عليها في القانون بإنشاء هيئة تنفيذ مشروع منخفض القطارة». وهذا الموضوع الذي أُعيد فتحه في أغسطس 2014 سبق أن أُغلق ملفه تماماً في وزارة المهندس ماهر أباظة عام 1982 بقرار نهائي من الرئيس مبارك لأسباب علمية صحيحة مائة في المائة. وحتي لا يُعاد فتح الموضوع من المربع رقم واحد نقول للسيد الرئيس عبدالفتاح السيسي مُصدر القرار والدكتور محمد شاكر منفذ القرار إن مشروع منخفض القطارة كان فعلاً من أولويات وزارة الكهرباء والمدافع عنها بقوة المهندس ماهر أباظة وحجته في ذلك أن احتياطي البترول في مصر ليس كافياً لتشغيل محطات الكهرباء ولابد من البحث عن مصادر جديدة للطاقة مثل مشروع منخفض القطارة، وأنشأ الوزير هيئة لتنفيذ المشروع وتلقت عشرة ملايين مارك ألماني لتسيير أعمالها. ولكن.. وقع زلزال في بحيرة السد العالي بقوة 5٫6 ريختر في عام 1981 وسارع ماهر أباظة، ووزير التعليم العالي، مصطفي كمال حلمي، بالانتقال إلي أسوان لمعاينة السد وخاصة محطة الكهرباء للاطمئنان عليها من آثار الزلزال الذي كان من رحمة ربنا بعيداً جداً عن جسم السد. واتضح أن بحيرة السد ترقد علي شرخ أو فالق أرضي تحرك عندما امتلأت البحيرة بمياه الفيضان ونتج عن ذلك الزلزال الذي أثار الرعب من حدوث مكروه للسد العالي والعياذ بالله. ولم يمر هذا الحدث مرور الكرام على علماء الجيولوجيا في جامعة المنصورة عندما أعلن السادات أنه سينفذ مشروع منخفض القطارة باعتباره الهرم الرابع لمصر، إذ أثار أساتذة كلية العلوم سؤالاً عما إذا كان منخفض القطارة لا توجد في باطنه فوالق أرضية تتسبب في حدوث زلازل عندما يمتلئ بمياه البحر؟.. وتلقي نادي أعضاء هيئة التدريس ذلك التساؤل للإجابة عنه بأسلوب علمي بالدعوة إلى ندوة علمية موسعة ضمت وكيل وزارة الكهرباء وجهابزة عن منخفض القطارة، وعدداً من علماء الجيولوجيا والزلازل في مصر، واتضح أن وزارة الكهرباء كانت تعتمد في أبحاثها علي خريطة لمنخفض القطارة قديمة قبل اختراع الأقمار الصناعية التي أصبحت قادرة علي اكتشاف ما في باطن الأرض من فوالق وشروخ مما يسبب الزلازل، وكان لكلية علوم المنصورة السبق في الحصول علي خرائط دقيقة مأخوذة بطائرات الأواكس والأقمار الصناعية الأمريكية. وقد عرضها رئيس قسم الجيولوجيا الدكتور محمد زغلول ليثبت لوزارة الكهرباء خطأ تقديراتها التي كانت تعتمد علي خلو قاع المنخفض من الفوالق التي تتسبب في الزلازل، وأن الخرائط العلمية الأحدث تظهر بوضوح عدداً من الفوالق في القارة الأفريقية تمر في باطن أرض منخفض القطارة ومن شأنها أن تحدث زلازل خطيرة تهدم بيوت الإسكندرية ومرسي مطروح فضلاً عن تسرب المياه المالحة من تلك الشقوق وتربة القاع الطفلية إلي المياه الجوفية من موقع العلمين حتي وسط الدلتا مما يؤثر تأثيراً خطيراً علي الزراعة في أخصب أراضي الوادي. ولخطورة النتائج العلمية التي كشفت عنها ندوة جامعة المنصورة، فقد اتصل الدكتور مصطفي كمال حلمي، وزير التعليم العالي، برئيس جامعة المنصورة طالباً إرسال ملف الندوة إليه، ولم يضيع وقتاً إذ ذهب بالملف إلي الرئيس الأسبق مبارك في حضور وزير الكهرباء، واستمع الرئيس لحجج كل منهما واقتنع بما عرضه وزير التعليم العالي من مخاطر علي البيئة إذا ما نقلت مياه البحر إلي المنخفض وعوامل الأمان من الزلازل علي مدينة الإسكندرية وما حولها فأصدر قراره الحاسم بإيقاف تنفيذ مشروع منخفض القطارة لتوليد الكهرباء. وبعد خمس سنوات، وبالتحديد في يوم 25 مايو 1987 صرح المهندس ماهر أباظة، وزير الكهرباء، بأن الأقمار الصناعية أثبتت وجود شرخ خطير في باطن القشرة الأرضية لمنخفض القطارة علي عمق 130 متراً تحت سطح البحر، وأن هذا الشرخ يهدد بحدوث زلازل في المنطقة عند امتلاء الخزان بماء البحر، بالإضافة إلي احتمال تسرب المياه المالحة إلي الدلتا وتهديد المياه العذبة بالوادي وتطبيل الأرض الزراعية.. وقد سجلنا ذلك التصريح في مقالنا المنشور بجريدة الشعب في 9 يونية 1987. نقول ذلك حتي لا يفتح وزير الكهرباء الجديد ملف توليد الكهرباء من منخفض القطارة مرة ثانية كما لو كانت الدولة المصرية مفككة المفاصل ليست لها ديمومة في الأبحاث والأعمال.. فيأتي مسئول سواء كان رئيس جمهورية أو رئيس وزراء أو وزيراً ليعيد تنفيذ ما سبق رفض تنفيذه من أعلي سلطات الدولة. نريد من وزير الكهرباء الدكتور محمد شاكر أن يلقي نظرة علي ملف الموضوع في وزارة المهندس ماهر أباظة وخاصة بعد مايو 1987 وأن يطرح النتيجة علي السيد رئيس الجمهورية إذا ما تطلب الأمر ذلك.