محمد وأحمد صديقان صغيران وجيران أراد القدر أن يفرقهما وأن يصبحا «قاتل ومقتول»، حكايتهما حديث الصباح والمساء لأهالى مركز العياط بالجيزة فقد تحول لهو الأطفال إلى قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد عندما تشاجر الصغيران كأى طفلين على لعب الكرة تطور الأمر إلى مقتل أحدهما واتهام الآخر بقتله! طفل لا يتجاوز عمره الثالثة عشرة تحولت ضحكاته إلى صراخ هز أركان المنطقة بعد أن تلطخت يداه بدماء صديقه وانتابته حالة من الهيستيريا عندما شاهد الدماء تغطى جسد رفيقه وأنه حمل لقب «قاتل» وسكنت الأحزان القلوب على مصير القاتل والمقتول فكلاهما من طيور الجنة. بدأت المأساة عندما خرج محمد محمود إلى الشارع كعادته كل يوم ليلهو وسط أصدقائه فنشبت بينه وبين صديقه أحمد الديب مشاجرة على لعب الكرة، ولكن سرعان ما انتهت بتدخل العقلاء وكبارالسن من أهل المنطقة وإن كان الأمر قد انتهى بالنسبة للمجنى عليه إلا أن القاتل لم ينته الأمر له بل ظل يفكر ويدبر الحيل لصديقه للتخلص منه والأخذ بثأره بعد أن تعدى عليه بألفاظ نابية وتندر على اسمه أمام المنطقة بأكملها فقام باستدراجه إلى مكان مهجور وقام بقصم رأسه بحجر حتى لفظ أنفاسه الأخيرة. أحمد الديب قاتل صديقه يقول لم أفكر فى قتل صديقى، ولكنه كان سليط اللسان فقد كنا أنا ومحمد أصدقاء وغالباً ما كنت أقضى أغلب يومى بمنزله حتى أننا كنا نتناول الطعام معاً، لكن بعد أن أهاننى وتعدى على أمام أصدقائنا مما جعلنى أتخذ القرار بقتله، ويتابع المتهم: تعرفت على طفلين كانا دائماً يجلسان أسفل تحت الكوبرى وقمت بالاتفاق معهما على أن نتخلص من صديقى مقابل وجبة من أحد المطاعم الشهيرة وقمنا بعد ذلك باستدراج محمد إلى منزل بعيد عن المنطقة وقمنا بضربه بحجر على رأسه فسقط على الأرض وبعد أن سمعت صراخه دافعت عنه وحاولت حمله إلا أنه قد لفظ أنفاسه الأخيرة فجلسنا بجواره ودخلت فى نوبة بكاء لأكثر من نصف ساعة، وقمنا بحمله على أكتافنا وتغطية ما تناثر منه من دماء بالتراب لتغطيتها ووضعه داخل بالوعة صرف صحى للتخلص منه. وقع الخبر كالصاعقة فوق رأس «أم محمد» وكاد يفقدها عقلها بعد أن رحل عنها من كانت تحيا بأنفاسه وغابت الضحكة الشفافة والعيون البريئة التى تلهو وتمرح فى البيت لتنشر السعادة وأفزعت أصوات صراخها الطيور المحلقة فى السماء، واحتضنت ملابسه وكتبه وأقلامه وهى تنادى عليه بأعلى صوتها لعله يعود ليرتمى بين أحضانها. وانزوت شقيقتاه فى ركن المنزل المتواضع تحتضنان صورته وتذرفان الدمع على رحيله فى هدوء حزين، بينما انحنى ظهر والده العامل البسيط حسرة، مكتفياً باللجوس أمام مقبرة «محمد» الراحل الغالى ليؤنس وحدته داخل قبره، وقال إنه كان فى العمل وفوجئ باتصال تليفونى من زوجته تخبره باختفاء «محمد» وأنها بحثت عنه ولم تجده، وقالت: «ظننت حينها أنها تهول من الأمر، وحينما عدت إلى المنزل وجدت زوجتى غارقة فى البكاء، هدأت من روعها وعلمت منها أن «محمد» كان يلهو مع أطفال القرية فشرعنا فى البحث عنه فى كل مكان بالقرية وبالقرى المجاورة، ولكن دون جدوى، وتابع الأب كلامه: «تعددت القصص والأقاويل حول الاختفاء، البعض أخبرنى أنهم شاهدوه بصحبة سيدة متسولة خارج القرية، توجهت حينها لقسم الشرطة وقمت بالإبلاغ بتغيبه ولم يفارقنى الأمل أننى سأجده يوماً ما، كنت أنتظر اتصالاً يدلنى على معلومة توصلنى إليه، أو حتى مجهول يطلب فدية. على الجانب الآخر، كان المشهد شديد القسوة عندما انتزع رجال المباحث «أحمد» القاتل الطفل من أحضان أمه وسط صراخ عشرات النسوة، وهرولن خلفه كأنه فى طريقه إلى القبر، جمعت والدته ثرى الأرض على رأسها وهى تلهث وراءه متوسلة لرجال المباحث أن يتركوا صغيرها ويأخذوها بدلاً منه حتى لو أعدموها ألف مرة، كى لا يصاب فلذة كبدها بمكروه، لكن القانون هو القانون ولا مفر من تطبيقه.. تم القبض على الطفل.. وأحيل للنيابة لمباشرة التحقيق. كان اللواء محمود فاروق، مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، قد تلقى بلاغاً باختفاء طفل يدعى محمد محمود بمنطقة العياط، وعلى الفور تم تشكيل فريق بحث بإشراف اللواء مصطفى عصام، رئيس مجموعة الأمن العام بالجيزة، حيث عثر على جثة الطفل، وقد بدأت فى التحلل. ومن خلال التحريات التى أشرف عليها اللواء جرير مصطفى، مدير المباحث الجنائية، تبين أن وراء الواقعة 3 أطفال من جيران الطفل المجنى عليه، حيث تمكنت القوات بإشراف العميد رشدى همام، مفتش المباحث، من ضبط الأطفال الثلاثة.. أحمد الديب محمد عبدالمطلب وأحمد شعبان السيد الديب ومحمد عبده محمد السيد، الذين تتراوح أعمارهم ما بين 13 و14 عاماً، إلا أنهم نفذوا جريمتهم بفكر شيطانى لا يقدر عليه عتاة الإجرام. اعترفوا أمام الرائد محمد فيصل، رئيس مباحث العياط، أن أحدهم تشاجر مع الطفل المجنى عليه وبعدها قاموا باستدراجه إلى منزل مهجور بالمنطقة، وهشموا رأسه بالحجارة وألقوا بجثته داخل غرفة صرف صحى، حتى يخفوا جريمتهم على الرغم من صغر سنهم، وأخطرت النيابة التى تولت التحقيق.