أكد اللواء نجيب عبدالسلام قائد الحرس الجمهوري السابق أن حادث رفح الذي وقع في الخامس من أغسطس 2012 كان هو البداية الحقيقية لترتيب الأوراق وتصفية الحسابات بين جماعة الإخوان والدولة المصرية. وقال في حديثه للإعلامي مصطفي بكري لبرنامج «حقائق وأسرار» علي قناة «صدي البلد» إن هذا الحادث يطرح العديد من التساؤلات وأن الخلاف اشتعل بين المشير طنطاوي والرئيس مرسي بعد هذا الحادث ورفض مرسي المشاركة في جنازة الشهداء. وأكد قائد الحرس الجمهوري السابق أن أسعد الشيخة «القيادي الإخواني ونائب رئيس الديوان فيما بعد» هو الذي منع محمد مرسي من حضور جنازة شهداء رفح، وأنه نهره بصوت عال أمام الجميع، وأكد اللواء نجيب عبدالسلام أنه فوجئ بقرار إنهاء خدمته كقائد للحرس في التليفزيون بينما هو موجود في مكتبه.. وقال إنه رغم أن القرار مخالف للإعلان الدستوري المكمل إلا أنني التزمت حرصًا علي مصلحة البلد. وكشف قائد الحرس الجمهوري السابق عن أن مرسي استدعاه في أعقاب قرار عزله وحاول ارضاءه وقال له «لست أنا صاحب القرار» وقال أيضًا لقد اتصل بي ووعدني بالتكريم لكنه لم ينفذ وعده. بعد أن أعلن عن مشاركة الرئيس «المعزول» محمد مرسي في جنازة شهداء رفح، فوجئ الرأي العام بتراجعه عن عدم المشاركة، لماذا كان هذا التراجع؟ - بالفعل كان مخططًا في هذا اليوم بأن يشارك الرئيس محمد مرسي في جنازة الشهداء الذين استشهدوا في منطقة رفح، وفي هذا اليوم ذهبنا لزيارة جرحي هذا الحادث الذي تمكنوا من النجاة في مستشفي القوات المسلحة بكوبري القبة وبالفعل عندما وصلنا إلي هناك، كان المشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان ومدير المركز الطبي ومدير المستشفي في استقبالنا في الموعد. صعدنا بالأسانسير وقام الرئيس بزيارة الجرحي وبعد أن هنأهم الرئيس بسلامة النجاة، نزلنا إلي القاعة الموجودة بالمستشفي في انتظار أخذ التمام، للتوجه إلي النصب التذكاري في مدينة نصر للمشاركة في جنازة الشهداء. وبدأنا نتلقي الإخطارات من جهات متعددة، تؤكد أغلبها وجود توتر وسط الجماهير المحتشدة للمشاركة في الجنازة، وكان ذلك طبيعيًا، فقد تعودنا علي ذلك. وقد كانت اتصالاتي مفتوحة مع العميد قائد التأمين بالحرس الجمهوري والملاصق للرئيس باستمرار والموجود هناك، وقد أبلغت الرئيس بأن الوضع غير مقلق، كذلك كبير الياوران كان يأخذ التمام من الداخلية والقوات المسلحة. أما أسعد الشيخة والذي كان موجودًا إلي جوار الرئيس والذي كان يقوم بمهام متعددة فهو كان له رجاله بجوار النصب التذكاري والذين كانوا يوافونه بالمعلومات أولاً بأول. لم تكن هناك أية أسباب قوية تمنع الرئيس من المشاركة وفقًا للمعلومات التي كنت أحصل عليها من قائد التأمين الموجود في منطقة النصب التذكاري ذاتها، وأبلغت الرئيس بذلك خاصة بعد أن انتظرت كافة التقارير الواردة من المنطقة.. أما مدير شرطة الرئاسة فقد كان مسئولاً عن تأمين الطريق من كوبري القبة إلي مكان الجنازة وقد أشار أيضًا إلي وجود بعض التوتر. وأنا في تقديري حتي هذا الوقت أن مشاركة الرئيس كانت ضرورية وانه لا توجد خطورة حقيقية وأن الحرس الجمهوري كان قادرًا علي التعامل مع التوتر الموجود بدون أي مشكلة.. إلا أن تحركات أسعد الشيخة «القيادي بجماعة الإخوان والملاصق للرئيس» كانت تضع علامات استفهام عديدة، فقد كان يجري اتصالات بعناصر الإخوان ويقف بعيدًا عنا، وكنت أنا أراقب الموضوع واتساءل عن هذا الكلام ، الذي كان يتم بمعزل عن الأجهزة الأمنية وعن الحرس الجمهوري. وكانت اتصالات أسعد الشيخة الجانبية هي السبب في تأجيل اتخاذ الرئيس لقراره بالذهاب علي الفور إلي الجنازة، حيث كان الجمهور ينتظر وكان كل شيء قد تم الانتهاء منه، وأصبح الكافة في انتظار قدوم الرئيس، إلا أن جدلاً كبيرًا نشأ، هناك من قال يذهب وهناك من قال لا يجب أن يذهب. وماذا كان موقف المشير ورئيس الأركان؟! - بعد أن طال الوقت، اضطر الفريق سامي عنان إلي مغادرة المستشفي، وبعد نحو ربع ساعة اتصل من مكان تشييع الجثامين بالمشير حسين طنطاوي، وبعدها سيادة المشير قال أنا سأذهب وأطمأن بنفسي علي ما يجري هناك. وبالفعل غادر سيادة المشير طنطاوي مبني المركز الطبي، واتجه إلي النصب التذكاري ثم بدأنا بعد ذلك نجري الاتصالات مع الفريق سامي عنان بوصفه رئيس أركان حرب القوات المسلحة للاطمئنان منه علي الحالة في المكان نفسه، وكان هناك اللواء مؤمن كبير الياوران، فقال كل شيء تمام ولا توجد مشكلة ونصح بحضور الرئيس للمشاركة في تشييع الشهداء. أما مدير شرطة الرئاسة «اللواء إيهاب» والمسئول عن تأمين الطريق فقد كان من رأيه أن الرئيس لا يحب أن يذهب للمشاركة في الجنازة خوفًا من حدوث أي طارئ. لقد كنت أري أن وجود رئيس الدولة في هذه الجنازة مهم جدًا، وكنا نريد أن نقول للرأي العام إن مصر آمنة، وكان من رأي سيادة المشير طنطاوي ورأي الفريق سامي عنان ورأي كبير الياوران أن الرئيس لابد أن يشارك في الجنازة وأنه لا يوجد خطر يهدد حياته. فقال لي: هل أنت متأكد من ذلك. قلت له: نعم وكل التقارير القادمة إلينا من هناك تؤكد ذلك، ونحن قادرون علي تأمينك. والغريب أنني فوجئت في هذا الوقت وأثناء الحديث بيني وبين الرئيس بتدخل أسعد الشيخة وقال له أمام الجميع: لا لن تذهب إلي هناك، وكان صوته عاليا جدًا، وهذا أمر لفت انتباهنا. فرد عليه الرئيس مرسي وقال له: خلاص المسئولين قالوا إحنا لازم نروح ولذلك سوف نذهب للمشاركة في الجنازة. ويبدو أن قرار الرئيس لم يعجب أسعد الشيخة وكان من الغريب أن أسعد الشيخة تجاوز كل القواعد وركب السيارة مع الرئيس بدون التشاور معه، مع أن القواعد تقول إن من يركب إلي جوار الرئيس إما مدير مكتبه أو سكرتيره الخاص، ولكننا فوجئنا بركوب أسعد الشيخة إلي جوار الرئيس لأنه يوجد دائمًا نظام للركاب، أنا كقائد حرس أركب سيارة ويكون معي أمن الرئاسة، وعربة أخري يكون فيها رئيس الديوان وكبير الياوران، المهم قبل أن نصل إلي مكان الجنازة، اتجهنا إلي شارع الطيران بالقرب من النصب التذكاري حيث مكان تشييع الجنازة، ولكن قبل أن نصل إلي الشارع بنحو 200 متر فوجئنا برئيس الدولة يطلب منا إلغاء مشاركته في الجنازة والعودة فورًا علي مقر الرئاسة بالاتحادية، ساعتها أدركت تأثير أسعد الشيخة وأنه كان وراء هذا القرار، وأنه هو الذي يدير الأمور ويملي علي الرئيس قراراته. لقد تأثرت كثيرًا، ولكن في النهاية لم يكن أمامي خيار، فالرئيس هو الذي أصدر القرار لقد علمت بعد ذلك أن الإخوان اتصلوا بأسعد الشيخة وطلبوا منه اقناع الرئيس بالعودة وعدم المشاركة في الجنازة، وكان ذلك عيبًا فالرئيس استجاب لنصائح الإخوان وأسعد الشيخة وتجاهل الحرس الجمهوري والداخلية والشرطة العسكرية، وكان لعدم مشاركته تأثير سلبي كبير علي الناس، بعد أن فوت الرئيس علي نفسه فرصة المشاركة في جنازة الشهداء. وماذا كان موقف المشير طنطاوي؟ - بعد أن وصلنا إلي الاتحادية وانتهاء مراسم الجنازة كان المشير طنطاوي غاضبًا جدًا وأبدي استياءه من عدم مشاركة الرئيس في الجنازة، وحدثت مشادة بين المشير والرئيس، وبعدها طلبني المشير طنطاوي وسألني عن حقيقة ما حدث.. فقال لي المشير: أوعي تكون أنت يا نجيب اللي نصحته بعدم المشاركة، فقلت له هذا لم يحدث، بل أنا كنت مع ضرورة مشاركته في الجنازة، ورويت له حقيقة ما حدث ودور الإخوان وأسعد الشيخة في منع الرئيس من المشاركة في الجنازة رغم وجود كل عوامل التأمين. منذ هذا الوقت بدأت المشاحنات والمشاكل بين المشير والرئيس، فالمشير كان غاضبًا من سلوك الرئيس واستجابته لمطلب الإخوان وعدم القبول بنصيحة أجهزة الدولة فبدأت الخلافات تزداد حول التنظيم، وبدأ الجو يتكهرب بين الطرفين منذ هذا الوقت، خاصة بعد أن عرف المشير أن الرئيس يعطي أذنيه للإخوان ولممثلهم أسعد الشيخة ولا يعير مؤسسات الدولة اهتمامًا، وقد شعرنا نحن أيضًا بأن الوضع في مؤسسة الرئاسة أصبح مقلقًا للغاية، خاصة بعد أن تحدثت الصحافة عن وجود خلافات بين قائد الحرس الجمهوري وآخرين حول نصيحة كل منهم للرئيس بأن يذهب أو لا يذهب، هذا أسلوب لم نتعود عليه في رئاسة الجمهورية التي تحكمها قواعد وتنظيم يلتزم به الجميع. وماذا كان رد فعلك؟! - لقد التقيت الرئيس مرسي في هذا الوقت وكنت مستاءً جدًا، وقلت له عندما نصحتك بالمشاركة في الجنازة كان كل شيء مؤمنًا، كما أن هناك اعتبارات ذات طابع سياسي وجماهيري كانت توجب حضورك هذه الجنازة، وقلت له إن وجودك كان مهمًا للمصريين ولأسر الشهداء وللرأي العام الخارجي. وهل يمكن أن الرئيس اقتنع بعدم المشاركة في الجنازة ربما لأنه كان يعرف أن الناس تحمله مسئولية سقوط الشهداء في رفح علي يد عناصر قريبة منهم؟ - لو كان الرئيس مرسي حضر الجنازة، ربما ما تردد هذا الكلام، ولكن عدم حضوره فتح المجال للقيل والقال، كان يجب مثلاً أن يكون هناك بيان يشرح للناس ماذا حدث ولماذا لم يذهب الرئيس إلي الجنازة، ولكن للأسف هذا لم يحدث. هناك رأي يقول إن بيان اللواء مراد موافي مدير المخابرات العامة الذي قال فيه إنه أبلغ كبار المسئولين بمعلومات تحذر من هذا الحادث قبل وقوعه، ثم فوجئ الرأي العام بإنهاء خدمة اللواء مراد موافي بعد هذا التصريح، ماذا حدث في هذا الوقت؟ - موضوع شهداء رفح في تقديري كان بداية ترتيب الأوراق، لقد اتخذوا قرارهم في هذا الوقت بترتيب الأوراق كاملة، لقد استغلوا هذا الحادث وبدأوا في اتخاذ القرارات، لقد شعروا أن مدير المخابرات العامة ليس معهم ومن ثم يجب إبعاده، وكذلك الحال مع رئيس الحرس الجمهوري وأيضًا قائد الشرطة العسكرية ومدير شرطة الرئاسة وغيرهم. إذن الرئيس أبعدك من موقعك لأنك نصحته بالذهاب إلي الجنازة وأنهي خدمة مدير شرطة الرئاسة لأنه نصحه بعدم الذهاب؟ - هذا هو ما حدث بالفعل، تم إبعادي لأنني نصحته بالذهاب وتم إبعاد مدير شرطة الرئاسة لأنه نصحه بعدم الذهاب ولا أعرف كيف ذلك، لكن دعني أقل لك إن هذا سبب من الأسباب ولكن ذلك ليس السبب الرئيسي وإنما تلك حجة فقط أراد منها التخلص منا الواحد تلو الآخر، لقد كانت هناك خلافات بيننا وبين الرئيس كان من رأينا الحفاظ علي الدولة ومؤسساتها واحترام آلية صنع القرار المؤسسي ولكن الرئيس كان له مرجعية أخري هي جماعة الإخوان باعتبارها صاحبة القرار وليس مؤسسات الدولة.. وقد حدثت بيننا خلافات عديدة لأن الرئيس لم يلتزم بمطالب الشعب واحترام إرادته في هذا الوقت. ولذلك جاء حادث رفح كطوق نجاة لهم ووظفوا هذا الحادث في إبعاد من يريدون إبعاده لأن هذا الحادث وأكررها مرة أخري كان بداية ترتيب الأوراق في الدولة المصرية لصالح الإخوان وليس لصالح الدولة ومؤسساتها، وكان قرار إبعادي وإبعاد الآخرين هو «جس نبض» للجيش، ورد فعله، لكنهم لم يكونوا يعرفون أن المؤسسة العسكرية مؤسسة منضبطة وانها لا تسعي للفوضي ولذك احترمنا القرار أيا كان سببه وأعلينا من المصلحة الوطنية للبلاد، لأننا في المؤسسة العسكرية لا نريد شيئًا سوي مصلحة مصر. ماذا حدث بالنسبة لك.. كيف تلقيت قرار إبعادك؟ - إن المجهود البدني وعدم النظام داخل مؤسسة الرئاسة ورفضي لكثير من المؤسسات دعتني إلي تمني الاستقالة من موقعي وترك العمل كقائد لقوات الحرس الجمهوري. لقد كنا نعمل بدون أي تنظيم، لقاءات مفاجئة وزيارات لا نعلم عنها إلا في اللحظات الأخيرة، كان هناك من يرتب بعيدًا عنا، وكنا في موقف لا نحسد عليه، لا توجد رؤي مستقبلية، الثقة مفقودة، لا توجد أطر أو بعد سياسي، أو حتي قيادة. كيف تم إبلاغك بالقرار؟! - إن الرئيس استدعاني في إحدي المرات وقال لي: »أنت الوحيد الذي يمكنه دخول مكتبي في أي وقت بدون استئذان» إلا أنني فوجئت بأن الرئيس يقول كلامًا ثم نفاجئ بشيء آخر.. كنت أنصح الرئيس بأمور هامة، ثم افاجأ أنه لا يعمل بها أو كأنه لم يسمع بها من الأساس. وهل كان لديك تفسير لذلك؟ - كنا في هذا الوقت ندرك أن هناك مؤثرات خارجية هي التي تحكم الرئيس في إصدار قراراته، في البداية كان يطلبني لوضعه في الصورة يوميًا وفي يوم 8 أغسطس بعد حادث رفح بثلاثة أيام لم أدخل في هذا اليوم، وكان هناك اجتماع لمجلس الدفاع الوطني في هذا اليوم، حيث حضر المشير طنطاوي والفريق سامي عنان وأعضاء المجلس لبحث تطورات الوضع بعد حادث رفح. في هذا اليوم قابلت ياسر علي المتحدث باسم الرئاسة وكنت أعرف أن هناك مؤتمرا صحفيا سيعقده بعد قليل، وقابلته وكان متجهًا إلي المؤتمر، وقلت له: أتمني أن نسمع أخبارا جيدة يا دكتور تهدئ مشاعر المواطنين، فقال لي: اطمئن ستكون هناك أخبار جيدة إن شاء الله، وقال لي إن كل الأمور تمام.. بمجرد أن دخلت مكتبي بعد دقيقة واحدة فوجئت بياسر علي يعلن قرار إنهاء خدمتي من منصبي مع آخرين، فكان أمرًا مفاجئًا لي في الحقيقة، خاصة أنني كنت لاأزال في مكتبي، وكان يجب أن يتم إخطاري علي الأقل، لكنني فوجئت بقرار إنهاء خدمتي وتعيين اللواء محمد زكي قائدا للحرس الجمهوري بدلاً مني. إذًا كنت تعرف أن قرار عزلك وآخرين يتعارض مع الإعلان الدستوري المكمل لماذا وافقت عليه؟ - بالقطع كنت أعرف أن هذا القرار يتعارض من الناحية الدستورية والقانونية مع الإعلان الدستوري المكمل، والحقيقة كان لي حق الطعن علي هذا القرار، ولكن كان يهمنا ما هو أكبر من الأشخاص، مصلحة مصر، والبلاد في هذا الوقت كانت معرضة لمخاطر عديدة ولذلك التزمت الصمت. لقد أرسل محمد مرسي بعد صدور القرار لمقابلته، التقيته في هذا الوقت، وقال لي: أنا أعرف أنك انسان وطني وبذلت أقصي جهد من أجل مصر، ونحن نسعد بك، ولكن أنت تعرف أحيانا أن هناك أمورا تجري وقرارات تتخذ ليس لي فيها يد، وبناء عليه اتخذ هذا القرار. رئيس الجمهورية يقول: «ليس لي يد في قرار عزلك، إذن من هو صاحب القرار»؟ - نعم لقد قال لي ذلك، فقلت له أنا أخدم في أي مكان مهما كان، وكنت أعرف جيدًا حقائق ما يجري، المهم ذهبت إلي منزلي وفوجئت بالمشير طنطاوي والفريق سامي عنان يتصلان بي سألني المشير: أين أنت .. قلت له في منزلي، فقال لي: احضر إلي وزارة الدفاع لمقابلتي.. وبالفعل ذهبت في اليوم التالي وأصدر المشير قرارًا بتعييني مساعدا لرئيس الأركان وبقيت فيها لمدة خمسة أشهر. في تقديرك لماذا قبل المشير طنطاوي بأداء القسم أمام محمد مرسي ورفض أن يترك منصب وزير الدفاع والاكتفاء بمنصب القائد العام للقوات المسلحة؟ - اعتذر عن الإجابة علي هذا السؤال. ماذا عن الأيام الأخيرة بين مرسي والمشير طنطاوي؟ - في الأيام الأخيرة شعرت أن كلا منهما يريد فرض سلطته، ما كان مخططًا لدي المشير أن الدولة يجب أن تمضي بالأسلوب الديمقراطي وبعيدًا عن التسلط، وبحيث يتم التسليم والتسلم في هذا الإطار ولكن كان دائمًا هناك خلاف بين الطرفين، مرسي كان يرفض أي مهام للمجلس العسكري ويتجاوز كل الحدود، أنا مثلاً قرار إنهاء خدمتي وفقًا للإعلان الدستوري المكمل هو قرار يتخذه رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة وليس رئيس الجمهورية، وهذا تجاوز حدث، وغيره كثير لقد كان هدف المجلس العسكري هو وصول البلاد إلي بر الأمان، ومن هنا حدث الخلاف في الرؤي بين المجلس العسكري والرئيس. لماذا لم يترك المشير طنطاوي مهام منصبه يوم 30 يونية ويكون هناك بديل عنه؟ - المشير أراد أن يصل بالأمور إلي بر الأمان والسلام، وهذه مسئوليته، لقد كان صادقًا في موقفه، لقد استمر من أجل مساعدة الرئيس علي تولي مسئولياته والتحرك في إطار منظومة الدولة، ولذلك كان يجب علي الرئيس أن يرتب الأمور مع القوات المسلحة حتي يتم عبور الطريق بأمان. قلت في وقت سابق معنا.. إنك لم تعرف الفارق بين رجل الدولة إلا عندما تعاملت مع مرسي وأنت كنت تعمل قائدا للحرس في زمن مبارك .. ماذا تقصد بهذا الكلام؟! - رجل الدولة يجب أن تتوفر فيه شروط محددة: أولها: ثقة المرؤوسين وثقة شعبه في قدرته علي اتخاذ القرار في الوقت المحدد. ثانيها: قدرته علي حل المشاكل باقتدار. ثالثها: الثقة في النفس. رابعها: البعد السياسي والرؤية السياسية لاستراتيجية الدولة بالكامل. هذه هي مقومات رئيس الدولة.. وهذه لم أره في مرسي بأي حال من الأحوال. هل كنت تتوقع أن يخرج الشعب المصري بعد عام واحد من الحكم ليطيح بالإخوان ورئيس الجمهورية المنتمي إليهم؟ - نعم لقد شعرت منذ البداية بذلك فالأحداث التي رأيتها والتجاوزات التي حدثت جعلتني أشعر من خلال اللقاءات وأسلوب التصرف من الرئيس وجماعة الإخوان كل ذلك كان يشير إلي أن البلاد تمضي نحو المنحدر وأن الشعب لن يقبل بذلك وأن البلاد ستدخل في ثورة جديدة خاصة بعد أن شعر الجميع بانحراف الرئيس عن أهداف ثورة 25 يناير. من خلال معرفتك بالرئيس السيسي، كيف تري أداءه وشخصيته كرجل دولة؟ - هو رجل يتمتع بكفاءة ونزاهة، رجل استفاد من خبرته في المجلس العسكري وتحديدًا منذ ثورة 25 يناير وحتي وصوله للرئاسة، لديه رؤية استراتيجية ووعي بالأوضاع الاقتصادية ولديه بعد اجتماعي وقدرة علي اتخاذ القرار وأنا لدي قناعة كبيرة بأن الرئيس السيسي سينجح في مهمته. ماذا إذا لم يتخذ مبارك قراره بالتخلي عن السلطة؟! - بالقطع سيكون ردا لفعل عنيفًا من جميع مؤسسات الدولة بما فيه الجيش.. لقد قلنا في وقت سابق، إن الشعب له مطالب وأهداف، طالما أن الثورة قامت فلابد أن نسعي جميعًا لتحقيق مطالب الشعب ولذلك كنا جميعًا نعمل في هذا الإطار. ولكن ماذا لو قال «لا» وأنا متمسك بالسلطة إلي أين كانت البلاد ستمضي؟ - قلت لك في حديث سابق، إن مبارك يحسب له قراءة الأحداث سريعًا، ولذلك فإن قراره بالتخلي كان من أصوب القرارات التي اتخذها مبارك طيلة تاريخه، لأنه بذلك نزل علي رغبة الشعب ورغبة القوات المسلحة واتخذ القرار الأصوب،. لقد انقذ مصر من حرب ودماء. محمد مرسي هل كان في تقديرك ضحية الإخوان أم ضحية نفسه؟! - لقد كان مرسي ضحية الإخوان وأيضًا ضحية نفسه مرسي كان قد اتصل بي علي هاتفي الشخصي بعد إنهاء خدمتي كقائد حرس بحوالي 22 يومًا، وسألني: ازيك، قلت له: كويس، قال: إن شاء الله سأكرمك قريبًا لأنك بذلت مجهودا كبيرا جدًا، سأحدد الموعد وأكرمك ونحن سعداء بك وبدورك وسأكرمك قريبًا.. ولكن لم يكرمني حتي هذا اليوم. حمدًا لله أنه لم يكرمك.. اسألك أخيرًا رسالتك لأسرتك وأبنائك؟! - لقد تحملت زوجتي مسئولية بيتي وأولادي خلال 42 عامًا أمضيتها في عملي بالقوات المسلحة، لقد حملت العبء الأكبر، فلدي المهندس وائل والمهندس محمد وولاء ومروي فشكرًا لزوجتي ولأسرتي أنهم تحملوا عني كل هذا العبء.