اعتنق الإسلام، وكان له موقف اثناء حفر الخندق نظرا لخبراته العديدة عن وسائل الحرب والخداع التى اكتسبها فى بلاد فارس، وعندما جاء الخبر بقدوم ابى سفيان وجنوده وزعماء اليهود قاصدين المسلمين ومحزبين الاحزاب على رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، وكان هذا الجيش لا يمثل قريشاً فقط بل معهم العديد من القبائل من غطفان وبني مرة وأشجع وبني أسد وغيرهم، واتجهوا قاصدين المدينة وسارع رسول الله "صلى الله عليه وسلم" الى أخذ المشورة من أصحابه، وإذا بسلمان الفارسي يقدم المشورة ألا وهى حفر خندق حول المدينة، وبدأ المصطفى في الإسراع بتنفيذ الفكرة التي ساعدت المسلمين في الانتصار. عاش الصحابي الجليل الذي قال عنه الرسول (سلمان منا أهل البيت) حتى رأى فتوحات مدائن الفرس والروم وقصور صنعاء. هو سلمان الخير الذي ضحى بماله ووقع في الأسر، وأصبح عبداً مملوكاً وظل يبحث عن الدين الحق حتى هداه الله إلى الإسلام. ولد في أصبهان من بلاد الفرس في قرية تسمى "جي"، وكان أبوه دهقان "الرئيس الديني" لتلك القرية، فحبسه حتى يتعلم رعاية النار المقدسة التي كان الفرس يعبدونها. كان سلمان مجوسياً يعبد النار، ولكن سلمان لم يكن مقتنعاً بدين أبيه كان يؤمن بأن للكون إلهاً عظيماً ينبغي أن تكون الصلاة والعبادة له وحده. وذات صباح كلفه أبوه بالذهاب إلى ضيعة لهم اشتراها بعيدة بعض الشيء من دارهم وتفقد أحوال العمل فيها وإحضار بعض الفاكهة منها وأثناء سيره مر على إحدى الكنائس ورأى النصارى يصلون وسمع أصواتهم يدعون الله فدخل الكنيسة لينظر الأمر فأعجبته صلاتهم وقال لنفسه: (إن هذا الدين خير من الدين الذي نحن عليه) وظل مع النصارى يومه كله يسألهم عن دينهم وكيفية الدخول في هذا الدين فأخبروه أن يذهب إلى الشام لمقابلة القساوسة وتلقى الدين على أيديهم . . وبعد غروب الشمس خرج سلمان من الكنيسة متوجهاً إلى داره دون أن يذهب إلى الضيعة وأخبر أباه بما كان من أمر النصارى وأنه يريد أن يدخل في هذا الدين الذي هو خير من عبادة النار التي لا تملك أمر نفسها فحبسه أبوه وقيده. استطاع سلمان أن يفك قيده ويهرب مع إحدى القوافل المتوجهة إلى الشام بعد ما أنهت عملها ووصل سلمان إلى الشام وسأل من أفضل أهل هذا الدين؟ فقيل له: (هذا الأسقف الذي في الكنيسة) فأسرع إليه وطلب منه أن يعلمه أمور هذا الدين وعاش سلمان في الكنيسة مع الأسقف حتى مات. فلما اجتمع النصارى ليدفنوه أخبرهم بما كان يفعله هذا الأسقف وأراهم موضع الأموال والذهب والفضة التي كانت تأتيه صدقات فيكنزها لنفسه, واجتمع النصارى فاختاروا لهم أسقفاً جديداً فكان رجلاً ورعاً طيباً يخاف الله ويعطي كل ذي حق حقه. . وظل مع ذلك الأسقف المتدين حتى جاءه أجله فقال له سلمان: (بماذا توصيني أن أعمل بعدك؟) فأوصاه أن يذهب إلى رجل دين بالموصل ورع وطيب ليعيش معه فذهب إليه سلمان والتقى به فوجده طيباً ورعاً فأقام معه, وحين حضرته الوفاة طلب إليه سلمان أن يوصيه ويخبره أين يذهب؟ فقال له: (اذهب إلى نصيبين فهناك تجد رجل دين ورعاً)، وذهب سلمان إلى نصيبين والتقى بهذا القس وعاش معه متديناً حتى حضرت ذلك الرجل الوفاة ومات الرجل ودفن وخرج سلمان يبحث عن النبي المنتظر (رسول الله) وبينما هو في الطريق إذ خرج عليه نفر كانوا في تجارة لهم فطلب إليهم أن يحملوه معهم إلى بلاد العرب ويعطيهم ما معه من بقرات وغنيماته ولكنهم حين وصلوا إلى وادي القرى باعوه إلى رجل من اليهود فأصبح سلمان عبداً مملوكاً لهذا التاجر اليهودي. لقد تألم سلمان لكونه أصبح عبداً مملوكاً لهذا التاجر اليهودي ولكنه حين نظر حوله ووجد النخيل تفاءل واستبشر خيراً بأن تكون هذه البلدة هي التي سيهاجر إليها النبي المنتظر, ثم باع التاجر اليهودي سلمان إلى قريب له يعيش في يثرب وهكذا دخل سلمان المدينةالمنورة عبداً مملوكاً لهذا التاجر اليهودي الجديد وهو من بني قريظة ويعيش في المدينة, ولم يخفف عن سلمان وقع الرق والعبودية إلا وجوده في هذه المدينة التي كان يعلم أنها مدينة النبي المنتظر كما وصفها له الأسقف النصراني وبُعث الرسول الله بدين الحق في مكة أم القرى واضطهدته قريش وأخرجته مهاجراً إلى المدينة فسمع به سليمان, وذات صباح وبينما كان سلمان يعمل في حديقة اليهودي حين حضر إليه قريب له فأخذ يقص عليه قصة الرجل الذي تجتمع إليه الناس في قباء ويزعمون أنه نبي, فما أن سمع سلمان ذلك حتى انتفض بدنه بشدة حتى ظن أنه سوف يقع على سيده . . ونزل من على النخلة وأخذ يستفسر عن ذلك النبي المنتظر فغضب منه سيده فلكمه لكمة شديدة. ولكن سلمان أخذ بعض العنب وذهب به إلى رسول الله. وحدَّثَ سلمان نفسه لا بد أنه الرسول المنتظر ومن علاماته التي يعرفها سلمان جيداً أنه لا يأكل الصدقة فلينظر ماذا سيفعل. وقال سلمان لرسول الله: (لقد بلغني أنك رجل صالح وأنك ومن معك غرباء هنا ومعي طعام كنت قد خرجت به للصدقة ورأيت أن أعطيه لكم لأنكم عابرو سبيل)، فقال رسول الله لأصحابه: (كلوا منه) وأمسك يده فلم يتناول منه شيئاً, فقال سلمان لنفسه: (هذه أولى العلامات التي حدثني عنها القس الطيب)، ثم دخل الرسول المدينة "التي كانت تسمى يثرب" فأسرع إليه سلمان بهدية وقدمها إليه وهو يقول له: (إنها هدية لك لأني رأيتك لا تأكل من الصدقات)، فأكل منها رسول الله وأكل أصحابه معه, فقال سلمان لنفسه: (هذه العلامة الثانية والله). وقام رسول الله ليصلي على جنازة فتحول سلمان إلى ظهره ليرى خاتم النبوة فألقى رسول الله رداءه عن ظهره فنظر سلمان فرأى الخاتم, فأخذ يقَبِّل رسول الله ويبكي فأمسك به رسول الله, وسأله عن قصته فقص عليه سلمان حكايته كاملة.