تحركات داخلية تفسد أجواء الفرحة بهذه العودة بدعوى صداقة رئيس الوزراء.. تفرض بعض الشخصيات نفسها على الجماعة الإعلامية الرئيس السيسى يحذر بكل وضوح من الاختيار على أساس الصداقة أو الشللية عودة مصر لاحتلال موقعها الطبيعى عربياً وإقليمياً ودولياً لم يكن بالأمر السهل خاصة فى ظل أوضاع داخلية تستنزف جهد الدولة ومؤامرات تقودها قوى دولية نافذة لا تقبل أن تسترد مصر عافيتها ويزعجها أشد الإزعاج أن تعود مصر - بعد استرداد عافيتها - لموقعها الطبيعى فى موقع الريادة عربياً وإقليمياً وموقع القوة التى لا يمكن تجاهلها دولياً. هذه العودة التى تحققت فى زمن قياسى وفى ظل ظروف غير مواتية أدرك المثقفون بكل توجهاتهم الأهمية القصوى لهذه العودة السريعة والظافرة، وثمنوا ثمراتها داخلياً وخارجياً. غير أن إدراك الجماهير العريضة لما تم شابه شعور بالإحباط فى بعض الأحيان عندما ترى هذه الجماهير أن الفساد عاد ليطل برأسه سواء الفساد الإدارى أو المالى، والأخطر أن بعض هذا الفساد يبدو وكأنه يستند إلى حماية تسبغها عليه قيادات تنفيذية عليا. من هنا قرأت حرص الرئيس «السيسى» على أن يحضر احتفال هيئة الرقابة الإدارية وأن يلقى كلمة حملت إشارات واضحة وصراحة تحذر من أى فساد مالى أو إدارى وترفض بكل حسم إسناد المسئوليات فى مؤسسات الدولة لغير المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة معاً، ورفض محاباة الأصدقاء والمقربين، وجاء توجيه الرئيس بتفعيل دور الأجهزة الرقابية والتنسيق بينها لضمان محاربة الفساد ومنع تسلل غير القادرين لتولى المناصب القيادية بمؤسسات الدولة. سنوات من التحرك النشط للإعلاميين توقفت طويلاً أمام كلمة الرئيس «السيسى» فى هذا الاحتفال ورأيت أن الأمانة تحتم على أن أنبه إلى ممارسات تتحدى هذه التوجيهات الرئاسية فى مجال الإعلام بالتحديد، ورغم أننى أعرف حالات مماثلة فى مجالات أخرى إلا أننى أفضل إلا أخوض إلا فى المجال الذى أعرف كل تفاصيله بدقة. وفى البداية، أريد أن أحدد الممارسات التى أقصدها لأن الحديث عن الفساد المالى والإدارى فى الإعلام الرسمى والخاص حديث طويل، لكننى أقصد تحديداً تحركات لعدد من الشخصيات تحاول أن تقفز إلى صدارة التحركات النشطة للجماعة الصحفية والإعلامية المعنية بإعداد تصورات لمنظومة الإعلام المصرى تحصن حرية هذا الإعلام من تغول السلطة التنفيذية ومن سطوة رجال الأعمال، وهى - أى سطوة رجال الأعمال - الأكثر خطورة على الحرية الحقيقية للإعلام، وتضع الخطط فى الوقت نفسه لتطوير الخطاب الإعلامى عامة، والخطاب الإعلامى فى الإعلام المرئى والمسموع خاصة باعتباره الأكثر تأثيراً، والأكثر انفلاتاً. فى هذا المجال تشكلت منذ سنوات مجموعات من الإعلاميين ناضلت ببسالة لتحقيق هذه الأهداف وقدمت الاقتراحات منذ عهد مبارك وفى عهد مرسى لإنشاء مجالس وهيئات مستقلة لتنظيم النشاط الإعلامى بكل وسائله، وقد أفصح رئيس الدولة أكثر من مرة عن ضرورة تفعيل هذه التصورات، خاصة أن الدستور الجديد قد تضمن بالفعل المواد التى تفتح الطريق واسعاً أمام تشكيل هذه المجالس والهيئات المستقلة، ولم يبق سوى إصدار القوانين المكملة لهذه المواد وتشكيلها. أصدقاء رئيس الوزراء أمام توجيه الرئيس أكثر من مرة وفى عدة مناسبات بضرورة الإسراع بالخطوات العملية لتحقيق هذا الهدف لاحظت الجماعة الإعلامية أن بعض الشخصيات ذات الصلة الهامشية بالإعلام قد أبدت رغبتها فى الانضمام إلى المجموعات التى نشطت فى هذا المجال منذ سنوات والتى تمتلك تصورات شديدة الوضوح، بل ومشروعات القوانين المكملة للدستور، وبكل حسن النية قبلت هذه المجموعات من أبدى رغبته فى الانضمام إليها بمنطق الانفتاح على كل القوى الاجتماعية الراغبة فى المشاركة برأى فى هذا المجال لأنها - أى هذه المجموعات - تؤمن بأن النشاط الإعلامى يخص المجتمع كله وأن التعرف على كل التصورات والآراء أمر هام. ويضيف إلى رؤية الإعلاميين أصحاب الخبرة فى هذا المجال ولفت انتباه الجماعة الإعلامية بمختلف توجهاتها أن هذه الشخصيات التى سعت للانضمام لمجموعات العمل المعنية بأمور الهيئات والمجالس المستقلة للإعلام، أرادت أن تكتسب «شرعية» انتسابها للجماعة الإعلامية النشطة تمهيداً للقفز إلى صدارة المشهد مدعومة - كما تصرح دائماً - بصداقة وثيقة تربطها برئيس الوزراء؟! وحرصت هذه الشخصيات على أن تؤكد هذه الصداقة بلقاءات تعقدها مع رئيس الوزراء يدور البحث فيها حول قضايا الإعلام المرئى والمسموع؟! وبسرعة البرق أصبحت هذه الشخصيات هى القاسم المشترك فى كل مجموعة عمل معنية بالإعلام المرئى والمسموع وفى كل اجتماع يدعو إليه رئيس الوزراء أو وزراء آخرون لحديث حول شئون هذا الإعلام المرئى والمسموع. واتسع نطاق مشاركة هذه الشخصيات ليصل إلى الجماعة الثقافية، وأصبحت أحد العناصر المحورية فى أى اجتماع يتعلق بالإعلام المرئى والمسموع يدعو إليه وزير الثقافة الدكتور جابرعصفور، ثم رأت هذه الشخصيات أن توسع دائرة حضورها فى المجتمع الثقافى فقررت حضور اجتماعات «غرفة صناعة السينما»؟! دعوة مخلصة لرئيس الوزراء ووزير الثقافة هنا أتوقف لحوار أحرص كل الحرص أن يتسم بالموضوعية وأمانة العرض مع كل من المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، والصديق العزيز الدكتور جابر عصفور، ولكل منهما مكانة فى نفسى، فرئيس الوزراء أتابع نشاطه الميدانى بإعجاب، أما الدكتور جابر عصفور فهو شخصية مرموقة وهو قامة وقيمة ثقافية يعتز بها كل مصرى فضلاً عن أنه بلدياتى (المحلة الكبرى). إليهما أتوجه بالحديث واستدعى توجيهات وتحذيرات الرئيس السيسى الذى يؤكد ضرورة الحرص التام على ألا يتم اختيار أى مسئول فى أى موقع على أساس الصداقة أو «الشلة» وأن يدقق المسئولون فى الاختيار وفق معايير واضحة ودقيقة تثبت كفاءة ونزاهة من يتم اختياره فى أى موقع قيادى. وفى مجال الإعلام المرئى والمسموع أرى أن تحرك بعض الشخصيات لتصدر المشهد فى هذه الظروف ظناً منها أنها تكتسب شرعية تؤهلها لتشارك فى الحوارات حول تشكيل المجالس والهيئات المستقلة للإعلام، أو تؤهلها لأن تكون ضمن من يتم اختيارهم كأعضاء بهذه الهيئات والمجالس. تحرك هذه الشخصيات بدعوى أنها مدعومة من رئيس الوزراء ووزير الثقافة باعتبارهما صديقين، هذا التحرك يثير دهشة بالغة فى أوساط الجماعة الإعلامية التى تعرف أن الحوار حول هذه الهيئات والجماعات يتطلب خبرة وعلماً دقيقاً بفنون وعلوم الخطاب الإعلامى وأفقاً سياسياً وثقافياً يمكن صاحبه من وضع تصور للنشاط الإعلامى لأى مؤسسة إعلامية محترمة، أما أن تكون صداقة رئيس الوزراء أو الوزراء - إن صح الزعم الذى يتردد - هى البوابة التى تفتح أبواب هذه الهيئات والمجالس لأصحاب الخبرات الهامشية وأعيد التأكيد للخبرات الهامشية فى علوم وفنون الإعلام، فهذا هو الخطأ الفادح والخطر الذى يحذر منه الرئيس السيسى. يبقى أن أؤكد أننى لا ألقى اتهامات مرسلة، ولكننى من منطلق الحرص على ألا تشوه الإنجازات الكبرى التى تحققت لمصر عربياً وإقليمياً ودولياً، ممارسات صغيرة فى أمور داخلية. وليسأل رئيس الوزراء ووزير الثقافة أى جهة يثق فى أمانتها عن رد فعل الجماعة الإعلامية والجماعة الثقافية عن تحركات الشخصيات التى تقتحم الساحتين الإعلامية والثقافية بدعوى الصداقة التى تربطهما لكل من رئيس الوزراء ووزير الثقافة.