من حق الحكومة إعداد مشروعات القوانين، واقتراحها، وإعداد الأجندة التشريعية التى تحتاجها مرحلة التحول الديمقراطى لمواكبة التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتنقية التشريعات الحالية من الشوائب، إلا أننا نطالب الرئيس بعدم التوسع فى الاستثناء الذى منحه له الدستور بوضع سلطة التشريع فى يديه فى غيبة البرلمان، البرلمان هو صاحب السلطة الأساسية فى التشريع والاستثناء فى يد الرئيس فى حالة حل البرلمان، حتى الدستور نفسه حافظ على حق البرلمان فى مراجعة التشريعات التى يصدرها الرئيس فى غيبته ومنحه الحق فى الموافقة عليها أو رفضها. لا ننكر أننا ورثنا غابة من التشريعات المتضاربة التى تحتاج الى تنقية بعد أن أصبح معظمها لايواكب التطورات الحالية، كما نحتاج الي تشريعات جديدة تلاحق التطور، وحسناً قرر الرئيس السيسى تشكيل لجنة الإصلاح التشريعى لتنقية التشريعات واقتراح القوانين الجديدة برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وأرى أن هذه اللجنة لا تتعارض مع دور البرلمان الذى من حقه التشريع، والموافقة على مشروعات القوانين التى تتقدم بها الحكومة، ومن حق كل نائب فيه اقتراح مشروعات القوانين، لكن الذي نريده هو التأنى فى إصدار القوانين خلال غيبة البرلمان، هناك قوانين مطلوبة فى الوقت الحالى خاصة المتعلقة بالاستثمار، ولكن هناك قوانين لا يجب الاقتراب منها حالياً ويجب تركها للبرلمان، من الممكن أن تعد الحكومة هذه التشريعات، ولكن إصدارها يحتاج إلى مناقشات موسعة فى البرلمان الذى يمثل كافة أطياف الشعب حتى تصدر القوانين معبرة عن الغالبية العظمى وتحوز اتفاق المجتمع. من القوانين المطلوبة التأنى فى إصدارها قانون تنظيم الحق فى التظاهر، هذا القانون بوضعه الحالى لا يجوز المساس به إلا أمام البرلمان الذي يتصدى لتعديله اذا تطلب ذلك، هو القانون الذى تم تعديله منذ فترة وجيزة هو الذى حمى مصر من إرهاب الإخوان، اذا كانت عليه ملاحظات، فإن البرلمان كفيل بتعديلها، الدستور منح المواطنين حق تنظيم الاجتماعات العامة، والمواكب والتظاهرات، وجميع أشكال الاحتجاجات السلمية غيرحاملين سلاحاً من أى نوع، بإخطار ينظمه القانون، كما منحهم حق الاجتماع الخاص سلمياً، دون الحاجة إلى إخطار سابق، الدستور تحدث عن السلم وعن عدم حمل السلاح، ولكن المظاهرات التى تخرج منذ قيام ثورة 30 يونية خاصة مظاهرات الإخوان هى مظاهرات مسلحة بكل أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة، هذا ليس حقاً، هو إرهاب وعدوان على الدولة، وإذا كان الدستور قد أيد حق التظاهر السلمى، فإنه جعل الحفاظ على الأمن القومى واجباً وطالب الكافة بالالتزام به،وجعل مراعاته مسئولية وطنية، والاعتصامات والمظاهرات المسلحة، والاعتداء على رجال الجيش والشرطة والمواطنين، وتخريب المنشآت العامة والخاصة ونهب المال العام والخاص هو إرهاب يجب مواجهته ومحاكمة مرتكبيه. الدستور منح العاملين حق الإضراب، لكنه الإضراب السلمى الذى ينظمه القانون، فأى خروج على السلمية يجب أن يواجه من رجال الأمن لحفظ الاستقرار ومنع الفوضى. الدستور أيضاً حظر التعذيب بجميع صوره وأشكاله، وجعل وقوعه جريمة لا تسقط بالتقادم، وهناك محاولات من منظمات حقوقية، لمراجعة تعريفه فى إطار الاتفاقيات الدولية المنظمة لحقوق الإنسان، هذا مطلوب، لكنه ليس أمراً ملحاً حالياً، ويجب تركه للبرلمان ليبدى رأيه فيه فتح الملفات المعقدة غير مطلوب حالياً، البرلمان هو صاحب الحق الأصيل فى مناقشة كل ما يتعلق بحقوق الإنسان، الحكومة من حقها أن تعد وتبحث، وتقدم اقتراحاتها، لكن القرار الأخير يجب أن يكون للبرلمان المنتخب. لجنة إعداد الدستور كلفت البرلمان الجديد بإصدار قوانين فى غاية الأهمية، لأنها من القوانين الحساسة التى يجب أن يتوافق عليها البرلمان، وهى إصدار قانون تنظيم بناء وترميم الكنائس بما يكفل حرية ممارسة المسيحيين لشعائرهم الدينية، وقانون العدالة الانتقالية لاقتراح المصالحة الوطنية وكشف حقائق قتل المتظاهرين وتعويض الضحايا، لا نريد أن نتعجل فى فتح الملفات الشائكة فى غياب البرلمان صاحب الحق الأصيل فى كل ذلك.