دعا المجلس القومى لحقوق الإنسان الحكومة إلى النظر فى تعديل القانون بجعل التشريح إجبارياً فى حالة وجود شبهة الجناية, مطالباً بضرورة تعويض كل الضحايا الذين سقطوا نتيجة الاشتباكات المسلحة عقب 30 يونيو الذين لم يثبت تورطهم فى أعمال عنف أو الدعوة لها. قال المجلس في بيانه الذي أصدره اليوم بشأن ذكرى فض ميدان رابعة 14 أغسطس: "أثارت عملية فض اعتصام رابعة العدوية الذي نظمته ودعت إليه جماعة الإخوان الإرهابية ومؤيدو الرئيس المخلوع محمد مرسي فى مصر الكثير من الجدل على المستويين المحلى والدولى، نظراً لما صاحب تلك العملية من عنف شديد أودى بحياة المئات من المواطنين, كان من تداعياته موجة من العنف ضربت أنحاء البلاد كافة، كما تبادلت جماعة الإخوان ومعارضوها الاتهامات حول عمليات القتل التى وقعت أثناء الفض. عرض المجلس القومي لحقوق الإنسان فى بيان صحفي, اليوم, انه شكل لجنة تقصى حقائق لكشف حقيقة ما جرى، وللتثبت من مدى وكيفية اتباع المعايير الدولية الخاصة بحقوق الانسان فى فض الاعتصام، مستندة فى ذلك إلى مرجعيتها القانونية الدولية والمحلية، وطبقا للبيان قامت اللجنة فى سبيل ادائها عملها بزيارة محيط رابعة العدوية لمدة عشرة أيام لجمع الشهادات، والاستماع إلى شهود آخرين بمقر عملها بالمجلس القومى لحقوق الإنسان ووثقت العديد من الشهادات الإلكترونية التى نشرها مدونون عاصروا أحداث فض الاعتصام. كما تواصلت اللجنة مع بعض الصحف المصرية أهمها: الشروق والوطن والمصري اليوم وجريدة الحرية والعدالة، وذلك للاطلاع على ما ورد بها وللاستماع إلى شهادات محرريها الذين شاركوا في متابعة الأحداث، وقامت اللجنة بمخاطبة كل من وزارة الصحة ووزارة الداخلية ومصلحة الطب الشرعي، ومكتب النائب العام، ومجلس تحالف دعم الشرعية، الذى شارك فى تنظيم اعتصام رابعة العدوية، وحزب الحرية والعدالة، وحزب النور والبناء والتنمية ليمدوا اللجنة بالأدلة والوسائط والشهادات التى بحوزتهم والمتعلقة بوقائع فض الاعتصام إلا أنهم رفضوا التعاون مع اللجنة، ورفضوا استلام الخطابات الموجهة إليهم بشأن الحصول على معلومات متعلقة بفض الاعتصام, كذلك اطلعت اللجنة على معظم ما نشر فى وسائل الإعلام والصحف المكتوبة والإلكترونية بشأن واقعة فض الاعتصام، واطلعت على التقارير والمعلومات الواردة بها التى نشرتها بعض المواقع مثل ويكى ثورة وأخرى تابعة لجماعة الإخوان، والتقارير الدولية والمحلية ذات الصلة. تبين للجنة المجلس استباق جماعة الإخوان ومؤيدى الرئيس المخلوع محمد مرسي فعاليات 30 يونيو 2013 بفاعلية جماهيرية أخرى، وخرجوا في مظاهرات عند مسجد رابعة العدوية بمدينة نصر ابتداءً من 28 يونيو 2013 وأعلنوا عن اعتصامهم، واتسعت نطاق دائرة الاعتصام لتشمل ميدان رابعة العدوية والشوارع المؤدية اليه، وبدأت ادارة الاعتصام فى تحديد مداخل ومخارج الاعتصام، ونظمت نقاط تفتيش على كل المحاور المؤدية لدخول الميدان او الخروج منه. وصلت إلي درجة بناء حوائط خرسانية في الطريق العام، وهو الأمر الذي تسبب في حدوث مشاجرات عدة ومشاحنات بين لجان التفتيش التابع للاعتصام وسكان منطقة رابعة العدوية طول فترة الاعتصام التى دامت حوالى 47 يوما تعرض فيها سكان المنطقة الى مضايقات شديدة ومعاناة، ورصد إعلامياً الدعوات الى العنف والتحريض عليه من بعض المتحدثين فوق منصة الاعتصام برابعة العدوية. كما رصد استخدام الاطفال فى ساحة الاعتصام من قبل المعتصمين فى محاولة للتأثير على الرأي العام المحلى والدولي، وتصاعدت حدة التوتر داخل الاعتصام لدرجة إلقاء القبض على بعض المواطنين المعارضين للاعتصام أو المعتقد عنهم ذلك، والقيام بتعذيبهم بمعرفة عناصر تأمين الاعتصام، خاصة وقد عثر على 11 جثة أثبت الطب الشرعي وجود آثار تعذيب عليها "6 حالات بمحيط ميدان رابعة العدوية، بالاضافة الى حالتين بمنطقة ميدان النهضة وثلاث حالات بمنطقة العمرانية وجميعها فى تاريخ سابق على تاريخ فض الاعتصامات"، وهو الأمر الذى أحدث فزعا للسكان، وتصاعد المطالبة للسلطات بفض الاعتصامات. مما دفع سكان منطقة رابعة العدوية للجوء النيابة العامة أكثر من مرة، التى أمرت فى أوائل أغسطس 2014 بفضى الاعتصام وتكليف السلطة التنفيذية "وزارة الداخلية" بالعمل الفورى على فض اعتصام رابعة العدوية والنهضة, وحددت وزارة الداخلية لذلك يوم 14/8/2013 تاريخا لتنفيذ قرار النيابة العامة. اتضح كذلك للجنة القومي لحقوق الإنسان أن الاعتصام بميدان رابعة العدوية الذى دعت له جماعة الاخوان المسلمين والقوى السياسية الموالية لها، قد بدأ اعتصاما سلميا فى اطار نزاع سياسى، الا أنه وفى وقت لاحق لتاريخ بدء الاعتصام فى 28/6/2013 وقبل 14/8/2013 تاريخ الفض "لم تستطع اللجنة تحديد الوقت على وجه الدقة"، وسمحت إدارة الاعتصام لعناصر مسلحة وأفراد مسلحين يعتقد أنهم تابعون لها، بالدخول لحرم الاعتصام والتمركز فى مناطق عدة متفرقة، دون أن تخطر أو تعلم أو تنبه باقي المعتصمين السلميين الممثلين للأغلبية المشاركة فى الاعتصام، وهو الأمر الذي نزع صفة السلمية عن اعتصام رابعة العدوية، على رغم أغلبية المعتصمين السلميين المشاركين به، الذين يعتقد أنهم أيضا يمثلون الأغلبية العظمى من ضحايا عملية فض الاعتصام نتيجة الاشتباكات المسلحة واسعة النطاق التى رصدها التقرير. كما أن سياق عملية الفض فى الساعات الأولى أشار إلى أن الاشتباكات كانت تسير فى نطاقها المعتاد والمتكرر فى الأحداث السابقة حتى قرابة الساعة الحادية عشرة تقريبا، إلى أن بادرت بعض العناصر المسلحة وبشكل مفاجئ بإطلاق النيران باتجاه أحد الضباط التابعين لقوات الأمن كان ممسكا بمكبر صوت للنداء عليهم ومطالبتهم بضرورة إخلاء الميدان ليسقط قتيلا. وعلى أثر ذلك ردت قوات الأمن بإطلاق النيران باتجاه دار المناسبات حيث مصدر الإطلاق على الضابط القتيل، وعلى إثر ذلك اندلعت الاشتباكات المسلحة فى محاور عدة داخل الميدان بين قوات الأمن والعناصر المسلحة بشكل مستمر، وخلفت عملية فض اعتصام ميدان رابعة العدوية وما شابها من اشتباكات مسلحة بين قوات الأمن والعناصر المسلحة داخل الاعتصام حتى الساعة السابعة مساء يوم 14/8/2013، عدد 632 قتيلاً بينهم 624 مدنياً و8 من رجال الشرطة. وفى رد فعل مباشر على عملية فض وإخلاء ميدان رابعة العدوية اندلعت أحداث عنف مسلح فى حوالى 22 محافظة أحرقت بها العديد من الكنائس والمنشآت العامة وهاجمت فيها بعض أقسام ومراكز الشرطة استمرت لمدة أربعة أيام من صباح يوم 14/8/2013 حتى مساء يوم 17/8/2012، مما خلف 686 قتيلا منهم 622 مدنيا و64 من جال الشرطة، يعتقد أن معظم الضحايا المدنيين من المواطنين الأبرياء الذين تصادف وجودهم إبان إطلاق النيران العشوائى الذى قامت بها بعض العناصر المسلحة أو الاشتباكات مع قوات الأمن. أوصى المجلس القومي لحقوق الإنسان فى تقريره عن الأحداث بالآتي "فتح تحقيق قضائي مستقل في كل الأحداث التي تزامنت مع اعتصام ميدان رابعة العدوية وتلك التى صاحبت عملية فضه وإخلائه من قوات الأمن، وكذلك تلك التى وقعت فى المحافظات المصرية المختلفة نتيجة لذلك، وتحديد المسئولية عنها جميعا واتخاذ الإجراءات القضائية الواجبة دون إبطاء تجاه كل من يثبت تورطه فى ارتكاب أى من تلك الجرائم أو الانتهاكات المشار إليها في هذا التقرير. وتقديم المتهمين الى محاكمة تتوافر فيها ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة، وذلك كله لضمان عدم إفلات الجناة من العقاب, والجدير بالذكر أنه تم تشكيل لجنة رفيعة المستوى لتقصى الحقائق بقرار من رئيس الجمهورية ولم يعلن عن بدء التحقيق القضائي بعد. كما يوصى المجلس بالعمل على اتخاذ التدابير التشريعية التى تنهى وبشكل قاطع إمكان استخدام العنف أو الدعوة له كوسيلة للتعبير عن الرأى بين أى من الجماعات أو القوى السياسية, مطالباً بدعوة القوى السياسية كافة والحكومة إلى ضرورة وقف ونبذ أعمال العنف والعنف المضاد، وإعلاء قيم احترام حقوق الانسان وحرياتة الأساسية بما يضمن للجميع حماية حقهم فى الحياة، واحترام سيادة القانون وحقوق الإنسان. ومناشدة الحكومة المصرية التدخل الفورى والعاجل لوقف حملات الكراهية والتحريض على العنف التى تروج لها بعض وسائل الاعلام المحلية، وذلك لما تمثله من خطورة بالغة على استقرار وأمن البلاد وحالة حقوق الإنسان بها، وأن تتخذ من التدابير ما يلزم لذلك دونما إبطاء لضمان عدم نشر واتساع نطاق الكراهية والعنف، بما يحمى الممارسة الديمقراطية وقيم حقوق الإنسان التي لا سبيل دونها لتجاوز البلاد أزمتها. وأوصى المجلس بضرورة البدء الفورى ودون إبطاء فى إخضاع العناصر الشرطية لعمليات التدريب والتأهيل المستمر، خاصة فى مجالات البحث الجنائى ومكافحة الشغب وفض التجمعات وتدريبها على المعايير الدولية المعنية باستخدام القوة من الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون. كما حث المجلس الحكومة المصرية على ضرورة تفعيل الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وأشكال المعاملة اللا إنسانية والمهينة كافة، وإجراء التعديلات التشريعية اللازمة ليتوافق تعريف التعذيب فى القانون المصرى مع الاتفاقية الدولية لضمان مكافحة تلك الجريمة وعدم إفلات مرتكبيها من العقاب.