عندما تسمعه يشعر بمرارة الظلم فى نبرات صوته الأجش، تمتزج بها ابتسامة تشوبها سخرية شأن الشخصية المصرية وقت الصعاب، قهر السنين حفر ملامحه في قسمات وجهه الأسمر، ولكنه مازال يقاوم بانتظار غد أفضل تظهر فيه براءته ويسترد كرامته المهدرة، طوال 8 سنوات تحمل ظلماً تنوء بحمله الجبال، رغم ذلك لم يتسرب إليه اليأس، ولكن الضعف البشرى جعل قلبه لا يتحمل كل ذلك، فانهار وأصيب بمرض القلب. قصته تجسد صراعاً غير متكافئ بين أصحاب النفوذ والسلطة وبين مواطن ضعيف يقف علي باب محراب العدالة من أجل نصرته واستعادة حقوقه ولكنها تخذله وتقسو عليه. كانت الحياة تبتسم لفتحي مختار ويعيش في سعادة غامرة، فلديه زوجة صالحة وأبناء وحالته المادية جيدة فهو جواهرجى، ويملك عقاراً في منطقة الجمرك بالإسكندرية افتتح به محل تجميل وقام بتأجير باقي العقار من أجل زيادة دخله. روى مختار مشكلته ل«الوفد» قائلاً: «بداية مشكلتي أنني طالبت بحقوقي من أحد المستأجرين لدي في العقار الذي أملكه عقب توقفه عن سداد أقساط الشقة، وذهبت إلي قسم شرطة المنشية لتحرير محضر بالامتناع عن السداد، ولم أكن أعلم أن هذا الرجل علي هذا القدر من النفوذ والعلاقات المتشابكة، فعاقبني علي أثر هذا التصرف، حيث فوجئت بقرابة 30 شخصاً يحملون سيوفاً وسنجاً اقتحموا محل التجميل الذي امتلكه، وقاموا بتحطيم المحل، وكان علي رأسهم صاحب الشقة الفتوة ثم اختطفوني في وضح النهار علي مرأى من الناس واقتادونى إلي أحد العقارات داخل شقة خاوية، وأجبروني علي التوقيع علي ثلاثة دفاتر إيصالات أمانة، ومنذ تاريخ الواقعة حتي الآن والمحل مغلق. وأكمل فتحى مأساته: «بعد أن تركني المجرمون لحال سبيلي ذهبت مباشرة إلي مديرية أمن الإسكندرية وقابلت مدير المباحث الذي أرسل معي مخبراً خاصاً إلي قسم المنشية لعمل محضر وأمر الضباط بسرعة القبض علي الجناة، وتحرر محضر يحمل رقم 8333 لسنة 2006 ثم توجهت إلي المستشفى الأميرى لعمل تقرير طبى بما لحق بي من إصابات جراء اختطافى». وواصل «فتحي روايته: «بعد عودتي إلي القسم فوجئت بشخص يدعي محمود أحمد محمود وهو من بين من كانوا في الشقة التي تم احتجازى فيها يقدم بلاغاً ضدي بإيصال أمانة قدره 27 ألف جنيه ولم يلتفت ضابط المباحث إلي اتهاماتي لهذا الشخص بالاشتراك في اختطافى وأن إيصال الأمانة هذا ضمن الثلاثة دفاتر التي وقعت عليها بالإكراه وتحت التهديد، وباتت تلك الإيصالات سلاحاً موجهاً إليّ يتقدم بها أشخاص مختلفون من أعوان ذلك المستأجر بمباركة رجال المباحث». وقال فتحى: «تقدمت بمذكرة إلي المحامي العام لنيابات شرق الإسكندرية تحمل رقم 2000 لسنة 2006 طلبت فيها التحقيق فيما حدث عن طريق النيابة، كما طالبت بمعاينة النيابة محل التجميل بنفسها لإثبات الدمار الذي لحق به بعيداً عن رجال مباحث قسم المنشية لمساندتهم المعتدين ضدي لأنني سبق أن اتهمت اثنين من ضباط القسم بتحريض هذا الرجل ومن معه للتعدى علي ولكن النيابة لم تستجب لطلبي كما لم تستجب لطلبي باستدعاء شهود الواقعة وكانت النتيجة حفظ المحضر إدارياً وضياع حقى. وأضاف فتحى والدموع تغالبه: «فوجئت في إحدي المرات التي أتردد فيها علي قسم المنشية بتقرير ضدي أعده ضباط المباحث يتضمن 51 قضية تم تلفيقها لي، وعلي أثر ذلك تحولت من مجني عليه إلي جان، وبسبب ذلك قضيت عدة شهور في السجن ظلماً، وبعد خروجي ظللت أبحث عن حقي وقدمت شكاوي كثيرة للنيابة بدون فائدة، وتقدم ضباط المباحث بتقرير ضدي للنيابة علي أنني من أصحاب السوابق لتصرفها عن متابعة الشكاوى التي قدمتها والمطالبة بحقوقى. ويكمل فتحى مأساته بأنه قابل النائب العام الأسبق المستشار عبدالمجيد محمود بصحبة أحد المحامين وحصل علي وعد بالنظر في موضوعه وفتح تحقيق موسع به ولكن مدير المكتب الفني المستشار عادل السعيد والذي كان يشغل منصب وكيل النائب العام لنيابة شرق الإسكندرية حفظ تلك الشكاوي حسب قوله ولم ييأس فتحي بعد، فتقدم بعدة شكاوي مؤخراً منها شكوي إلي النائب العام تحمل رقم 7983 عرائض بتاريخ 10/4/2014 كما تقدم بشكويين إلي وزير العدل وأخري إلي قطاع التفتيش بالوزارة تحمل أرقام 1674 و206 بتاريخ 10/4/2014، كما تقدم بشكوي أخري إلي المجلس الأعلي للقضاء تحمل رقم 383 بتاريخ 12/4/2014 فهل من مجيب؟.. وهل سيعاد الحق لصاحبه وبفتح تحقيق في تلك البلاغات وتصل الجهات المسئولة إلي الحقيقة أياً كانت لصالح فتحي أو ضده، وبعد كل هذه الأحداث مازال العدل غائباً ومازال أصحاب النفوذ يحصلون علي حقوقهم بل يستولون علي حقوق الآخرين.. وهل لازلنا في زمن الابتعاد عن اللعب مع الكبار؟!