من حكمة الله سبحانه أن اختص شهر رمضان بفضائل عظيمة ومزايا كبيرة، فهو الشهر الذي أنزل الله فيه القرآن. قال تعالى: «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان» (البقرة:185)، وهو الشهر الذي فرض الله على المسلمين صيامه فقال سبحانه: «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون» (البقرة:183)، وهو شهر التوبة والمغفرة، وتكفير الذنوب والسيئات ومن أدركه فلم يُغفر له فقد رغم أنفه وأبعده الله، بذلك دعا عليه جبريل عليه السلام، وأمَّن على تلك الدعوة نبينا صلى الله عليه وسلم، فما ظنك بدعوة من أفضل ملائكة الله، يؤمّن عليها خير خلق الله. وهو شهر العتق من النار ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه: قال صلى الله عليه وسلم: «وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة» رواه الترمذي.. وفيه تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النيران، وتصفد الشياطين. ففي الحديث المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين». وهو شهر فيه ليلة القدر، التي جعل الله العمل فيها خيراً من العمل في ألف شهر، والمحروم من حرم خيرها.. قال تعالى: «ليلة القدر خير من ألف شهر» (القدر:3)، روى ابن ماجه عن أنس رضي الله عنه قال: دخل رمضان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حرمها فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم». ولقد كان سلفنا الصالح من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يهتمون بشهر رمضان ويفرحون بقدومه. كانوا يدعون الله أن يبلغهم رمضان ثم يدعونه أن يتقبله منهم. كانوا يصومون أيامه ويحفظون صيامهم عما يبطله أو ينقصه من اللغو واللهو واللعب والغيبة والنميمة والكذب.. كانوا يحيون لياليه بالقيام وتلاوة القرآن، كانوا يتعاهدون فيه الفقراء والمساكين بالصدقة والإحسان وإطعام الطعام وإفطار الصائم. كانوا يجاهدون فيه أنفسهم بطاعة الله، ويجاهدون فى سبيل الله فقد كانت غزوة بدر الكبرى التي انتصر فيها المسلمون على عدوهم في اليوم السابع عشر من رمضان, وكانت غزوة فتح مكة في عشرين من رمضان حيث دخل الناس في دين الله أفواجاً. فليس شهر رمضان شهر خمول ونوم وكسل كما يظنه بعض الناس ولكنه شهر جهاد وعبادة وعمل.. وعلي ذلك فرمضان فرصة، فنجدد العهد مع الله تعالى على التوبة الصادقة في جميع الأوقات من جميع الذنوب والسيئات, وأن نلتزم بطاعة الله تعالى مدى الحياة بامتثال أوامره واجتناب نواهيه لنكون من الفائزين يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ. أسأل الله أن يعيد على الأمة الاسلامية مثل هذه الأيام وهى فى كامل عزها ومجدها وأن يرفع راية الإسلام عالية خفاقة فى كل مكان وهو من وراء القصد أنه نعم المجيب.