بسم الله الرحمن الرحيم: «ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني اراكم بخير واني اخاف عليكم عذاب يوم محيط» صدق الله العظيم «هود 84». فأرسل الله سبحانه وتعالى اليهم رجلاً منهم هو شعيب بن ميكائيل بن يشجر بن مدين بن ابراهيم.. اطلق عليه جميع العلماء والمفسرون اسم «خطيب الأنبياء» لحسن مراجعته قومه وبراعته في اقامة الحجة عليهم ودحض مفترياتهم وبلاغته في تسلسل العظات وترتيبها.. دعاهم شعيب عليه السلام أول ما دعاهم الى التوحيد فهو ملاك الأمر وسبب الخلق وركيزة الحياة ثم طالبهم باعطاء كل ذي حق حقه ولعل بلاغته عليه السلام تظهر في قوله «اني اراكم بخير» ويقصد بها انكم في سعة من الرزق الحلال الذي وهبته لكم وكان يستحق بهذا منكم الشكر والبذل والانفاق فلماذا تلجأون الى الجحود والنكران والكسب الحرام الذي يلوث اموالكم ويعرضكم لعذاب الله وغضبه وسخطه ومقته بدلاً من رحمته ورخائه الذين تعيشون فيهما الآن؟ ثم كرر الأمر بالوفاء في الكيل والميزان، فقال: «يا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط» اي بدون نقص عند البيع أو زيادة عند الشراء.. «ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين» «هود 85». وقال اشياءهم تنبيها على أنهم يبخسون الجليل والحقير والقليل والكثير وفي هذا المقام من سورة الأعراف يقول لهم: «وقد جاءتكم بينة من ربكم» فما هى بينة نبي الله شعيب؟ فلانه لابد لكل نبي معجزة تشهد له وتصدقه والا لم تصح دعواه ولم تذكر معجزته في القرآن الكريم وقد جاء في كثير من كتب التفسير انه من معجزات شعيب.. عبادة الله وحده وعدم بخس أحد في حقه والبعد عن الأذى في الطرقات وهى الطريقة الواضحة المقبولة عقلاً ومنطقاً وبرهاناً وهى الشريعة الغراء والمحجة البيضاء التي ارسله الله بها ولهذا كان يقول لهم «قال يا قوم ارأيتم ان كنت على بينة من ربي». ومكان قوم شعيب شمال الحجاز فيما يلي الشام كانوا في سعة من العيش ورزق وفير وخير كثير زادهم الله عدداً وعدة يأتيهم الناس من كل فج فيبيعون ويشترون حتي زادت اموالهم وكثرت خيراتهم ولكنهم طغوا وبغوا وغشوا وسرقوا في كل خير ينقصونه المكيال والميزان عندما يبيعونه وكانوا يقطعون الطريق على الغرباء وقطع الطريق على الغرباء بالأذى جريمة لا يرضاها دين.